وسط تحديات كبيرة ومعاناة يومية يعيشها السوريون في بلدهم شجعتهم الدول الأوروبية لسلك طريق اللجوء إليها مشرعة أبوابها لاستقبالهم حيث قدمت مغريات وتسهيلات كثيرة لاستقطاب أكبر عدد ممكن منهم حتى باتت الملاذ الآمن الوحيد بنظرهم الذي سيضمن لهم كرامتهم وإنسانيتهم .
سوريون فروا إليها هربا من براميل الموت ومنهم من قصدها لإكمال تعليمه، وآخرون باعوا مايملكون من عقارات وفرش بيت ومصاغ ليستقروا فيها تاركين وطنهم خلفهم ظنا منهم أن بلاد الغرب ستؤمن لهم عيشة كريمة وستكون رئيفة بحالهم ومتعاطفة معهم .
“القارة العجوز” لقب أطلق على ألمانيا كونها تفتقر لوجود الشباب والأيدي العاملة المنتجة ولعل رغبتها بجذب أكبر عدد ممكن من اللاجئين بات واضحا وبالأخص بعد إطلاقها عدة برامج لدمج اللاجئين في مجتمعها عبر تعليمهم العادات والتقاليد المتبعة فيه.
ومع ازدياد تدفق اللاجئين للدول الأوروبية وبعد أحداث التحرش في كولونيا ليلة رأس السنة وأحداث باريس أضحى وجود السوريين غير مرغوب به لتخوفهم من إحداثهم حالة فوضى فبدأت تتخذ إجراءات للحد من هذا التدفق.
وكخطوة لتغيير سياستها التي انتهجتها “السويد” في بداية الأزمة عبر استقبالها اللاجئين، تعتزم ترحيل نحو ثمانين ألف لاجئ وصلوا إلى أراضيها بعد أن رفضت طلبات لجوئهم من أصل 163 ألف لاجئ العام الماضي، وستقوم السلطات السويدية باستئجار طائرات لترحيلهم .
وجاء هذا القرار عقب مقتل موظفة سويدية من أصل لبناني كانت تعمل في مركز لاستقبال اللاجئين بطعنة سكين، وكان المتهم بعملية القتل طالب لجوء قاصر لم يبلغ السن القانوني بعد .
مرام لاجئة سورية في فرنسا تقول:” بعد أحداث باريس تغيرت معاملة الحكومة الفرنسية مع اللاجئين السوريين بالإضافة لخروج مظاهرات طالب المحتجون فيها بترحيلنا وقاموا خلالها بحرق المصاحف تعبيرا عن سخطهم وكرههم للمسلمين، مشاهد لاتغيب عن مخيلتي أفضل العودة لبلدي والعيش تحت الخطر على أن أبقى في بلد لايحترم المسلمين”.
فتحت السويد بقرارها ترحيل اللاجئين السوريين بابا أمام نظائرها من الدول لتصرح بعد أيام مسؤولة كبيرة في وزارة الداخلية الفنلندية أن بلادها تتوقع طرد نحو20 ألف مهاجر من أصل مايقارب 32 ألفا ممن تقدموا بطلبات اللجوء العام الماضي، ومن الممكن أن يزيد العدد في حال قرار البعض منهم العودة طوعا، ولم تذكر أسبابا مقنعة لهذا القرار .
“لم الشمل” كلمتان لاتغيبان عن بال طالبي اللجوء، فالآلاف منهم ينتظرون إتمام إجراءاته للوصول إلى أوروبا، لتقوم الحكومة الألمانية باتخاذ إجراءات تحبط من آمالهم عبر تعليقها لمدة سنتين إمكانية استقدام بعض اللاجئين لأسرهم الذين يتمتعون بحماية ثانوية بقصد الحد من تدفقهم باتجاهها.
أينما كانت وجهة السوري لن يشعر بالأمان أو الراحة في وقت تواصل معظم الدول الغربية وحتى العربية التآمر عليه، ليقع بين خيارين أحلاهما مر إما أن يرضخ ويقبل بحياة الذل في دول اللجوء أو أن يبقى تحت رحمة براميل الموت والقصف الذي يهدد حياته بكل لحظة.
سماح خالد
المركز الصحفي السوري