اعتادت “أم سمير” أن توقظ أبناءها صباحا بعد أن تعد لهم الإفطار فيتناولون مما هو موجود من حواضر البيت إلى جانب الشاي التي لا غنىً عنها، إلا أنهم فوجئوا بغيابها عن المائدة فتوجهت نظراتهم المتسائلة لوالدتهم التي بررت ذلك بعدم توفّر السكر، يرد زوجها: ” من يوم ورايح بدكن تتعودوا ع الفطور دون لا شاي، قلي مبارح صاحب المحل إذا بتفتل كل المحلات بإدلب مارح تلاقي كيلو سكر”.
أصبح ارتفاع سعر مادة السكر في الأسواق السورية وانعدامها في بعضها حديث الساعة عند السوريين، سواء في مناطق سيطرة النظام أو في المناطق المحررة، وقد أفادنا أبو عبدالله وهو سائق شاحنة بين الرقة وإدلب وحلب :” معظم السكان في محافظة إدلب وحلب كانوا يعتمدون في مادة السكر على ما يحصلون عليه من معونات غذائية، إذ كان يوضع داخل كل سلة 5 كيلو من السكر، لكن تجار الرقة كانوا يفرغون تلك السلال من السكر والأرز ويبيعونها بأضعاف سعرها في العراق، لتصل إلى محافظتي إدلب وحلب دونهما”.
ويضيف أبو عبدالله :” وأدى زيادة الطلب في الأسوق على شراء مادة السكر لنفاذ الكميات المخزنة سابقا، وعدم تمكن التجار من تأمين كميات بديلة بسبب قيام عناصر من الوحدات الكردية بقطع طريق الرقة من منطقة عفرين، ورغم التهديدات التي وجهها الثوار لتلك العناصر لفتح الطريق إلا أنه مازال مغلقا، فترتفع بذلك أسعار المحروقات والسكر وغيرها من المواد”.
وكعادة السوريين كلما ارتفع سعر بعض المواد يتناقلون ذلك بطريقة ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ليتناسوا ما آل إليه حالهم، فينشر صهيب من مدينة إدلب على صفحته الشخصية ” السكر شراء 950 ، مبيع 1000، يا جماعة السكر سكر اليوم عال1000، علق ب1 ليصلك سعر السكر لحظة بلحظة”، وكأنما بات سعر كيلو السكر أهم من سعر صرف الدولار، فيعلق أحد أصدقائه على المنشور :” عندي كيليين سكر والبيع لأعلى سعر”.
ولم تكن أزمة السكر مقتصرة على المناطق المحررة، بل امتدت فباتت تشمل مناطق سيطرة النظام الذي عجز بدوره عن صرف “بونات ” السكر للمواطنين، ما أجبرهم على شرائه من الأسواق بسعر 500 ليرة أو أكثر بحسب المنطقة، وصرح “وسام حمامة” مدير المؤسسة الاستهلاكية في دمشق لصحيفة الوطن الموالية للنظام أن المؤسسة ستطرح في صالاتها 24 طن من السكر بسعر 275 للكيلو و400 طن سمنة؛ لتلبية احتياجات المواطنين خلال شهر رمضان”.
وكالعادة تبقى تصريحات مسؤولي النظام مجرد كلام، لا وجود لها على أرض الواقع لتنشر صفحة موالية الخبر وتردفه بتعليق :” نتمنى من “حمامة” أن يواصل الطيران بين صالات المؤسسة ليدرك أن كلامه وهم بوهم.. واللي يدري يدري واللي ما يدري يقول “حمامة، أتمنى على من اشترى بالأسعار التي ذكرها “حمامة” أن يخبرنا قبل أن نقول: حمامة كذب”.
ويبقى الشعب السوري المتضرر الأول والأخير من لعبة الحرب، فقد تسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بإلغاء معظمها من قائمة مشترياته كاللحوم والبيض والفواكه، فهل سينضم السكر لتلك القائمة بعد أن أصبح تواجده بالأسواق شبه مستحيل في الوقت الحالي؟
المركز الصحفي السوري – سماح خالد