الرصد السياسي ليوم الجمعة (8/1/2016)
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لروبرت وورث، حول الضجة التي أثارها قرار السعودية إعدام المعارض الشيعي نمر النمر على المستوى العالمي، حيث اتهمت السعودية بالاستفزاز وإثارة النعرات الطائفية في الشرق الأوسط.
ويستدرك التقرير بأن الأمر بالنسبة لكثير من السعوديين كان لا يعدو كونه تطبيق العدالة في حق شخص، كان ينظر إليه على أنه خائن خطير في بلد يشعر فيه الجميع بأن إيران تحاصرهم، ولذلك يظهر أن إعدامه حظي بشعبية كبيرة حتى من منتقدين للحكومة السعودية.
ويشير الكاتب إلى أن بعض السعوديين يذهبون إلى أبعد من ذلك، ويقولون إن السعودية بقطعها لرأس نمر النمر سحبت البساط من تحت تنظيم الدولة، واحتلت المركز الأول في الدفاع عن المسلمين السنة ضد التحدي الشيعي.
وتنقل الصحيفة عن عبدالعزيز القاسم، وهو محام من الرياض ومعارض سابق، وقد سجن في تسعينيات القرن الماضي لانتقاده النظام، قوله: “كان الناس ينتظرون تلك الإعدامات، ومعظم السنة والشيعة يؤيدونها، كان ينظر إلى النمر على أنه المتحدث باسم النظام الإيراني، مثل حسن نصر الله، كان رجلا يحاول الاستيلاء على الدولة هنا”.
ويلفت التقرير إلى أن هذه النظرة ليست عامة، بل كان هناك بعض الاحتجاجات الصغيرة في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية، حيث كان يعيش الشيخ النمر، حتى إن بعض المتظاهرين هتف بالإطاحة بآل سعود. مشيرا إلى أنه قد يكون هناك معارضون آخرون التزموا الصمت؛ بسبب خطر المعارضة.
ويورد وورث أن عددا من المعلقين أشاروا إلى أن الحكومة السعودية كانت ستقع تحت المزيد من الغضب الشعبي، لو لم تعدم الشيخ النمر في الوقت الذي أعدمت فيه 43 سنيا متهمين بالإرهاب.
وتذكر الصحيفة أنه مع أن إعدام النمر لم يكسب السعودية أي مؤيدين في مناطق تنظيم الدولة، إلا أنها وضعت هؤلاء المتطرفين في موقف دفاع، بحسب استعراض ما ينشره الجهاديون على الإنترنت، قام به ليث الخوري، المؤسس الشريك لـ”فلاش بوينت” وهي شركة تحليل في نيويورك. فحذر أحدهم في منتديات تنظيم الدولة الرسمية على الإنترنت من أن السعودية تحقق دعاية لنفسها، محذرة طهران من “أنها قادرة أيضا على تحريك المسلمين، وتشكيل جبهة ضد مصالحكم”.
ويجد التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، أن هذا قد يكون من مفارقات حالة الاستقطاب السائدة في الشرق الأوسط، حيث أصبحت أسهل طريقة لكسب عقول الناس وقلوبهم في الحرب ضد التطرف هي العزف على الوتر الطائفي، وهو ما سيتضرر منه الجميع على المدى الطويل.
وينوه الكاتب إلى أن إعدام 43 جهاديا سنيا، بالإضافة إلى النمر وثلاثة شيعة آخرين، أثار غضبا على الإنترنت بين مؤيدي تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، حيث كان أحد من نفذ بهم الإعدام هو منظر لتنظيم القاعدة اسمه فارس الشويل، وكان يحظى باحترام واسع أيضا بين أعضاء تنظيم الدولة. ولكن الشويل وغيره من الجهاديين الذين أعدموا كان قد صدر الحكم ضدهم من فترة طويلة، ولم يحصلوا على أي تعاطف من الشعب السعودي، الذي عانى من حملة إرهابية محلية شنها تنظيم القاعدة قبل 10 سنوات.
وتذهب الصحيفة إلى أنه رغم أنه من الصعب قياس الرأي العام في السعودية، ولكن “تويتر”، الذي سمحت من خلاله الحكومة بمساحة من حرية التعبير، شهد سيلا من تأييد الإعدامات، مع غضب واتهام بالنفاق للطريقة التي صور فيها الأمر في الغرب.
وتنوه الصحيفة إلى أن بعض الكتاب والمحللين في الصحف الغربية عبروا عن مثل هذه المخاوف، ولكن القليل منهم أشادوا بالسعودية لأنها لعبت هذه الورقة ببراعة. فقال أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة برنستون، والاختصاصي في شؤون السعودية، البروفيسور برنارد هيكل: “إنها ضربة معلم على المستوى المحلي، ما لم تخرج عن إطار السيطرة مع الإيرانيين”.
وبحسب التقرير، فقد استفاد السعوديون من الذي حصل بعد الإعدامات من مهاجمة للسفارة السعودية وتخريب لها، الذي أدركت الحكومة الإيرانية أنه كان خطأ، وركز الدبلوماسيون السعوديون على اعتماد إيران على العصابات، واستخفافها بالأعراف الدولية.
وتختم “نيويورك تايمز” تقريرها بالقول: “يبدو أن الاعتبارات المحلية هي التي أدت دورا في قرار إعدام النمر، إلا أن السياسة الإقليمية قد تكون أدت دورا أيضا، فقد دخلت السعودية في مفا ضات حساسة في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر، حول الرئاسة في لبنان، وتنازلت السعودية عندما وافقت على شخص موال لبشار الأسد ليكون رئيسا، ومع هذا تعطلت العملية، وتلوم السعودية إيران على ذلك، وربما توصلت إلى أن العملية الدبلوماسية وصلت إلى طريق مسدود”.
بعد إدانات سياسية وشعبية.. حزب الله يبرر حصار مضايا ويتهم المعارضة
بعد الكارثة الإنسانية والأخلاقية التي تورط فيها حزب الله اللبناني، بحصاره لـ40 ألف مدني سوري في بلدة مضايا بريف دمشق، والحملة التي تعرض لها، اضطر الحزب إلى تبرير موقفه في بيان أصدره مساء الخميس.
وعلى الرغم من إطباق مليشيا الحزب الحصار على “مضايا” منذ قرابة سبعة أشهر ودفعه الناس لأكل الشجر والقمامة، اعتبر الحزب في بيانه أنّ الحديث عن تجويع المدنيين في مضايا بسبب الحصار الذي ينفذه هو “حملة مبرمجة بهدف تشويه صورة المقاومة”.
وحمل حزب الله أهالي البلدة والثوار منهم المسؤولية عن الحصار، قائلا إنّ “الجماعات المسلحة التي تتخذ من مضايا رهينة لها، ولداعمي المسلحين من جهات خارجية”، هي من يتحمل مسؤولية ما يجري في البلدة”.
وتشهد بلدة “مضايا” الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، منذ 7 أشهر حصارا خانقا، منعت خلاله قوات النظام ومليشيا حزب الله من دخول كافة أنواع المساعدات الإنسانية، الأمر الذي تسبب في ارتفاع جنوني للأسعار، حيث بلغ سعر كيلو الأرز في البلدة ما يعادل 115 دولارا.
واضطر الأهالي في “مضايا”، إلى غلي الأعشاب وأكلها وجمع الطعام من بقايا القمامة، بحسب مشاهد مصورة نشرها ناشطون على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
وعدّ الحزب في بيانه أن بعض المواد الغذائية التي دخلت في 18 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي إلى ثلاث بلدات هن مضايا وسرغايا وبقين، كانت تكفي لأشهر عدة.
وعلى الرغم من الانتشار الواسع لأخبار الأوضاع المأساوية، وتوثيق نشطاء عشرات الوفيات بسبب الجوع، نفى الحزب وجود حالات وفاة في البلدة نتيجة الجوع، وزعم أيضا أن عدد سكان المدينة 23 ألفا وليس 40.
وقال إن “الجماعات المسلحة الإرهابية (تستخدم) السكان الذين لا يتجاوز عددهم 23 الف نسمة كدروع بشرية، وورقة سياسية يستغلونها الآن في حملة إعلامية كاذبة مثيلة بسابقاتها في مناطق أخرى، ولا صحة للأخبار التي تدعي وجود حالات وفاة” في البلدة.
واتهم “حزب الله” قادة من أسماهم “الجماعات المسلحة” بمنع خروج الأهالي، بينما ادعى البيان وجود مفاوضات لتسليم 300 مسلحا أنفسهم إلى السلطات والخروج من مضايا مقابل رفض مسلحين آخرين للموضوع بسبب قرار سياسي خارجي.
إدانات عربية واسعة
وكان الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي محيي الدين القره داغي، وجه مساء الخميس، رسالة مفتوحة إلى جميع رؤساء الدول والمنظمات الأممية، للتحرك السريع لدعم بلدة “مضايا” في ريف دمشق الغربي السورية، المحاصرة منذ أشهر.
كما أدان عدد من القادة السياسيين اللبنانيين، الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري، على بلدة مضايا، بريف دمشق، في وقت وصف فيه أحدهم هذا الأمر بـ”التجويع الممنهج” من قبل النظام.
وقال الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، إن “ما يحصل في مضايا والزبداني السوريتين، يتناقض مع كل المبادرات الدولية والعربية للتوصل إلى حل سياسي في البلاد”.
من جهته، نشر سمير جعجع، رئيس حزب “القوات اللبنانية” المنضوي ضمن تحالف “14 آذار” المؤيد للثورة السورية، صورة على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” تُظهر أطفالا، قال إنهم من مضايا، وقد أصابهم الهزال الشديد نتيجة الجوع، بالإضافة إلى طفلة تحمل ورقة تشكو فيها من الجوع.
وقال رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، ورئيس الكتلة البرلمانية لتيار “المستقبل” الذي يقود تحالف “14 آذار”، إن “ما شهده اللبنانيون خلال الـ24 ساعة الماضية من الجريمة النكراء التي تؤرق الرأي العام، هي الجريمة التي تستهدف البلدة السورية مضايا عبر الحصار الذي يتم”.
ووصف السنيورة ما يحصل بـ”جرائم ضد الإنسانية”، معتبرا أن “حصار مضايا، وصمة عار على كل من يشارك فيه، وعلى كل من يصمت عن هذه الجريمة التي لن تمحوها أي تبريرات سياسية أو عسكرية أو إعلامية”.
المركز الصحفي السوري
أحمد الإدلبي