شجعت السياسة الجديدة التي يتبناها الرئيس الاميركي دونالد ترامب في المنطقة كلا من السعودية والإمارات على اقتناص الفرصة لعزل قطر، بحسب ما يقول محللون.
ونفت قطر الغنية بالغاز والتي دأبت منذ مدة طويلة على اتباع سياسة خارجية مستقلة، الشهر الماضي تصريحات نسبت الى الامير تميم بن حمد آل ثاني وظهرت على وكالة الانباء الرسمية تشكك في جدوى هجوم الولايات المتحدة ودول الخليج على إيران.
وقالت قطر إن موقع الوكالة تعرض للقرصنة، نافية التصريحات المثيرة للجدل التي نسبت إلى أميرها بعد زيارة ترامب الى السعودية.
لكن وسائل الاعلام في السعودية ودولة الامارات بدت وكانها لم تتعامل مع النفي وواصلت حملة عنيفة على قطر.
وأعلنت كل من السعودية والإمارات واليمن والبحرين ومصر الاثنين قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة. كما أعلنت معظم هذه الدول إغلاق منافذها الجوية والبحرية مع قطر.
ويرى آدم بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن “هذا يمثل بالتأكيد تصعيداً غير مسبوق في التوترات داخل دول مجلس التعاون الخليجي” الست.
ويضيف إن “قطر كانت تتبع منذ فترة طويلة نهجاً مستقلا أثار استياء جاراتها” خصوصا السعودية والإمارات، لا سيما في ما يتعلق بعلاقة الدوحة بجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر قبل نحو 90 عاماً وانتشرت في أنحاء المنطقة.
وصنفت السعودية ومصر والإمارات الجماعة بأنها “منظمة إرهابية” بعد أن فازت حكومتها في الانتخابات التي جرت في مصر وجلبت الى الرئاسة محمد مرسي قبل أن يطيح به الجيش في 2013.
ودعمت قطر مرسي ما أدى الى خلاف دفع كلا من البحرين والسعودية والإمارات إلى سحب سفرائها من الدوحة لأشهر عدة في 2014.
وتقول الباحثة في مركز “تشاتام هاوس″ البريطاني جين كيننمونت إن التوترات الجديدة ليست لها علاقة واضحة ب”شيء جديد فعلته قطر”.
ولكن مع تعزيز العلاقات بين السعودية والإمارات ومع وجود إدارة ترامب، فإن التحرك ضد قطر يبدو أنه “محاولة لاقتناص فرصة”، بحسب الباحثة.
حملة سعودية ضد إيران
وفي كلمة ألقاها في الرياض الشهر الماضي دعا ترامب القادة المسلمين من دول الخليج وغيرها الى “طرد” المتطرفين و”الارهابيين”، وحمل على ايران واتهمها بإذكاء “النزاعات الطائفية والارهاب”، في ترداد لرأي السعودية.
وتحدث جيمس دورسي من كلية س.راجارتنام للدراسات الدولية في سنغافورة عن “حملة تقودها السعودية والامارات لعزل قطر وبالتالي عزل إيران”.
وكتب في تقرير أن الحملة تهدف إلى إجبار الدول غير العربية الى الاختيار بين الطرفين “واقناع إدارة ترامب بالتعامل بشدة مع قطر بسبب رفضها الانضمام إلى الحملة السعودية ضد ايران وبسبب علاقاتها مع جماعات إسلامية ومسلحة”.
وتستضيف قطر رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل الذي يعيش في المنفى في الدوحة منذ سنوات.
وكان ترامب صنف حركة حماس وحزب الله اللبناني القريب أيضا من قطر بين المجموعات الارهابية مثل تنظيم الدولة الاسلامية والقاعدة.
وواجهت قطر أكثر من مرة انتقادات لدعمها مجموعات مسلحة متطرفة في سوريا. في 2013، فتحت مكتبا لحركة طالبان الافغانية في الدوحة.
ويقول اندرياس كريغ من قسم دراسات الدفاع في كلية كنغز كوليدج في لندن، ان ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي العهد الاماراتي محمد بن زايد آل نهيان يجدان نفسيهما في موقع اقوى “لاتخاذ خطوات أكثر تشددا لاحتواء القوى المتطرفة” بعد دعوة ترامب للقضاء على التطرف الاسلامي.
وولي ولي العهد السعودي الذي يسعى الى تطبيق اصلاحات اقتصادية واجتماعية داخل بلاده، معجب بولي العهد الاماراتي الذي يرى في الاسلام السياسي تهديدا “لرؤية الامارات لمجتمع ليبرالي يحاكي مجتمع الولايات المتحدة”.