موقع صحيفة البديل
بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهرعلى تشكيل “التحالف الدولي ضد داعش”، والذي بدأ أولى ضرباته في منتصف شهر سبتمبر الماضي، لاتزال الآراء متضاربة حول قدرة هذا التحالف في القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي بسوريا والعراق، ففي الوقت الذي يؤكد فيه الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” أنه تمت “عرقلة” التنظيم ووقف تقدمه، يقابله الرئيس السوري “بشار الأسد” بالقول أن ضربات التحالف ضد داعش “ليست فعالة”.
مؤتمر جديد عقدته الولايات المتحدة الأمريكية الأسبوع الماضي في مقر حلف شمال الأطلسي بالعاصمة البلجيكية بروكسل، ضم الدول الـ60 الأعضاء في “التحالف الدولي”، للبحث في تطورات خطط التحالف بالحرب المزعومة ضد تنظيم “داعش”، لكنه لم يخرج بمواقف علنية واضحة، عدا إعلان إستراتيجية عامة، ترتكز على خمسة محاور، هي “زيادة المجهود العسكري ووقف تدفق المقاتلين الأجانب، وقطع طرق الوصول إلى التمويلات، ومعالجة مشكلة المساعدة الإنسانية، ونزع الشرعية عن التنظيم”، وأصدر المشاركون في المؤتمر بياناً ختامياً، أكد أن الحملة على التنظيم “بدأت تعطي نتائج”، وأنه “بصدد وقف” تقدمه.
على الجانب الآخر فقد كان للرئيس السوري “بشار الأسد” رأي مغاير، حيث أكد أن الضربات الجوية التي يشنّها الائتلاف الدولي ضد تنظيم “داعش” ليست جدية وغير فعالة، مشيراً إلى أنها لا تساعد النظام السوري، مضيفاً “لا يمكن القضاء على الإرهاب من الجو، ولا يمكن تحقيق نتائج على الأرض إن لم تكن هناك قوات برية ملمة بتفاصيل جغرافية المناطق وتتحرك معها بنفس الوقت، لذلك بعد أكثر من شهرين من حملات التحالف لا توجد نتائج حقيقية على الأرض بهذا الاتجاه، فالقول إن ضربات التحالف تساعدنا غير صحيح، لو كانت هذه الضربات جدية وفاعلة سأقول بأننا سنستفيد بكل تأكيد”، واصفاً ضربات التحالف بأنها “ضربات تجميلية”.
وأكد “الأسد”، أن الجيش السوري هو من يخوض المعارك على الأرض ضد داعش، وأن ضربات التحالف لم تؤثر خاصة أن تركيا ما زالت تدعم داعش مباشرة، وتابع أن الضربات التي تشنّها الولايات المتحدة وحلفاؤها هي “انتهاك للسيادة” السورية، مضيفاً أن هذه الحملة الجوية هي “تدخل غير قانوني أولًا لأنه لم يغط بقرار من مجلس الأمن، ولأنه لم يراع سيادة دولة هي سوريا”.
كررت الرياض موقفها الداعي إلى ضرورة وجود قوات قتالية على الأرض في سوريا، فقال وزير خارجيتها، “سعود الفيصل”، إنه لابد من تقوية وتسليح القوى التى وصفها بـ”المعتدلة” والمتمثلة في الجيش الحر، وجميع قوى المعارضة الأخرى، والسعي إلى ضمها مع القوات النظامية في إطار هيئة الحكم الانتقالي المنصوص عليها في إعلان “جنيف1″، وأشار إلى أن “استضافة المملكة لمؤتمر جدة في سبتمبر الماضي شكلت نواة هذا التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي”.
هذه ليست المرة الأولى التي تروج فيها السعودية لتدخل بري “مبهم” في الحرب ضد تنظيم “داعش”، فقد ألمح وزير الحرس الوطني السعودي فيما قبل بأن مكافحة “داعش” تستدعي وجود قوات برية، ففي الوقت الذي تؤكد فيه الولايات المتحدة على أن تدخلها البري مستبعد، ترى الرياض بضرورة ذلك، ما يدفع للقول بأن السعودية ربما تخطط لدفع التحالف نحو تدخل في سوريا يهدف إلى إسقاط نظام الرئيس السوري “بشار الأسد” وهو ما تحلم به السعودية منذ بداية الأزمة السورية ولم تستطع تحقيقه حتى الآن.
تزامن انعقاد المؤتمر، مع إعلان وزير الخارجية التركي، “مولود جاويش أوغلو”، أن بلاده والولايات المتحدة ضيقتا خلافاتهما بشأن خطة إقامة منطقة حظر جوي على الحدود السورية، وقال الوزير التركي “عندما برزت فكرة إقامة منطقة حظر جوي ومنطقة عازلة كان لدى الجميع أفكار مختلفة، حتى إن البعض لم يفهم معناها، ولكن لدينا حلفاء، وخصوصاً الولايات المتحدة، بدئوا تفهم أهميتها”، وأضاف “يمكنني القول إن وجهات نظرنا في هذه المسألة مع الولايات المتحدة باتت أقرب، نرى عدد الدول التي تدرس منطقة الحظر أو المنطقة الآمنة يزداد”، تتعارض تصريحات وزير الخارجية التركي مع التصريحات الآتية من البيت الأبيض، والتي تقول إن منطقة الحظر الجوي غير مطروحة، وأن هذا الاقتراح ليس حلاً جيداً في الوقت الحاضر.
التدخلات العسكرية البرية في الدول لم تجعلها في حال أفضل مما كانت عليه، فالعراق بعد التدخل الأمريكي أصبحت الآن تلملم ما تبقى منها بعد الخروج الأمريكي وما خلفه من حرب أهلية، وأفغانستان لم تكن أفضل من العراق بل أصبحت مرتعًا للإرهابيين، ونفس المشهد لن يتغير في حال انهيار النظام السوري.