أخيرا بدأت دول الخليج تتخلى عن ربط عملتها بالدولار، حيث جاءت البداية من السعودية التي وقعت اتفاقا مع الصين، دخل حيز التنفيذ في 26 أيلول/ سبتمبر الماضي، تتم بموجبه التعاملات التجارية بين البلدين بـ”اليوان” الصيني و”الريال” السعودي.
وربما يأتي تخلي السعودية عن الدولار في إطار الردود العنيفة على إصدار أمريكا لقانون “جاستا” الذي أقره مجلس النواب الأمريكي قبل أيام، وفشل “فيتو” الرئيس الأمريكي باراك أوباما في العدول عن إقرار القانون الذي بموجبه يحق لأسر ضحايا أحداث 11 سبتمبر مقاضاة حكومة المملكة وتكبيدها مبالغ مالية وتعويضات طائلة.
أضرار تلاحق الدولار
واعتبر مراقبون وخبراء اقتصاديون سعوديون أن هذا الاتفاق يوجه “ضربة قاسمة” للدولار، وذلك لأن تأسيس نظام لأسعار الصرف المباشرة بين عملتي اليوان الصيني والريال السعودي سيتيح لبكين شراء النفط السعودي بعملتها مستقبلا ما سيلحق الضرر بالدولار.
وتعد الصين أكبر مستورد للنفط السعودي في العالم، بما يتجاوز 1.1 مليون برميل يوميا، بنسبة تقترب من 15% من صادرات النفط السعودية للعالم إجمالا.
ويرتبط الريال السعودي بالدولار الأمريكي منذ أكثر من 30 عاما، ويبلغ سعر صرفه 3.75 ريالات للدولار الواحد، بحسب مؤسسة النقد العربية السعودية ” المركزي السعودي”.
علاقات تجارية ضخمة
وبحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، فإن الصين تعد أكبر شريك تجاري للسعودية العام الماضي، بحجم تبادل تجاري بلغ نحو 49.2 مليار دولار، تشكل 13% من العلاقات التجارية بين السعودية ودول العالم في الفترة نفسها.
وبلغت صادرات السعودية للصين 24.55 مليار دولار في 2015، مقابل واردات للرياض من بكين بـ24.64 مليار دولار، وفق أرقام رسمية سعودية.
اليوان ينضم لسلة العملات
وأضاف صندوق النقد الدولي، السبت 1 تشرين الأول/ أكتوبر، اليوان الصيني إلى سلة العملات المعتمدة لدى الصندوق إلى جانب الدولار واليورو والين والجنيه الإسترليني.
وقبل أيام من قرار صندوق النقد الدولي تجاه اليوان الصيني، أعلنت الصين عن تدشين نظامين جديدين لأسعار الصرف المباشرة بين عملتها اليوان والريال السعودي.
وذكر نظام تداول العملات الأجنبية الصيني أن الصين ستؤسس أيضا نظاما لأسعار الصرف المباشرة بين اليوان والدرهم الإماراتي.
استبعاد الدولار
ويسمح التأسيس الجديد للمملكة بشراء وارداتها من السلع والخدمات بالريال السعودي من الصين، ما يمهّد لتعزيز العلاقة التجارية بين البلدين مستقبلاً، على أن يكون الدولار خارجاً تماماً من هذه التعاملات، وإلغاء تداوله في علاقات البلدين.
ويعني الاتفاق تسوية المعاملات التجارية بينهما، وذلك من خلال استخدام ترتيبات خاصة تسمح للطرفين باستخدام عملة كل دولة في تسوية المعاملات التجارية، في إطار نظام لمعدلات صرف بين العملتين يتم تحديده بصورة مباشرة دون استخدام عملة دولية وسيطة كالدولار الأمريكي.
وكان ولي ولي العهد السعودي قد زار الصين نهاية آب/ أغسطس الماضي، ووقع والوفد المرافق له العديد من الاتفاقيات في مجال التعاون الاقتصادي بين البلدين.
الدولار والذهب
وتعتمد الولايات المتحدة على الدولار في سيطرتها التامة على الاقتصاد العالمي، منذ أن تم استبدال الاحتياطي الفيدرالي بالدولار بدلا من الذهب عام 1997، وبات الدولار يحل محل الذهب في البنوك المركزية بالعالم كله، وهو نظام كارثي يضع مقاليد حكم اقتصاد العالم كله في يد دولة واحدة.
وكان اتفاق سعودي أمريكي قد تم في سبعينيات القرن الماضي يقضي بألا تقبل المملكة عملة غير الدولار لبيع النفط، وهو ما جعل الدولار يسيطر تماماً على التداول في العالم كله.
ولا يعد الاتفاق الصين مع السعودية الأول من نوعه، حيث تسعى الصين وبقوة إلى تدويل عملتها، فمنذ فترة والصين تحاول التخلص من هيمنة الدولار الأمريكي على المعاملات التجارية الدولية، وفي إطار اتحاد البريكس الذي يضم دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، قررت هذه الدول أن تدعم مستويات التجارة الدولية فيما بينها، وذلك من خلال استخدام عملاتها الوطنية في تسوية المعاملات التجارية فيما بينها.
عربي21