تشكل الزراعة مصدر دخل أساسي في الشمال السوري حيث تعد الزراعة مصدر الرزق الرئيس لدى كثير من العائلات هناك.
للزراعة دور كبير في الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية، إلا أنّ هذا القطاع تأثر كغيره من القطاعات في سوريا عموماً وريفي إدلب وحماة خصوصاً، نتيجة جملة من المعوقات تبدأ بقلّة المحروقات والأسمدة وتنتهي بصعوبة التصريف.
يقوم المزارعون بحرث وبذار أراضيهم ليتمكنوا من الاستمرار في الحياة، غير أن صعوبات رافقت حرب النظام التي يشنها على الشعب، أدت إلى تدهور الزراعة، نظرا للظروف الأمنية وارتفاع أجور الأيادي العاملة والمحروقات وغيرها من المعوقات التي أدت إلى هجر عدد كبير من المزارعين أراضيهم.
أوشكت عملية حراثة وبذر الأراضي الزراعية في شمال سوريا على البدء، وسط مخاوف من قبل المزارعين من تحمل تكاليف باهظة، نتيجة الارتفاع الحاد في أسعار المحروقات والبذور والأسمدة بشكل عام حيث أن المزارعين بدأوا من هذه اللحظة بالتفكير بالتكلفة الاقتصادية، وما جدوى الأرباح لهذا الموسم، في ظل ارتفاع سعر المحروقات وما يرافقه من غلاء في أسعار الأسمدة والبذور، وغيرها من الحاجيات المطلوبة لإتمام الزراعة بشكل جزئي.
أبو أحمد هو أحد المزارعين في ريف حماة “قال” للمركز الصحفي السوري “لدي ما يقارب الـــ10 دونمات من الأرض وهي بحاجة للحرث والبذار”.
يضيف “لقد قررت زراعة القمح كونه يعتمد على الأمطار الشتوية، وبالتالي لا أتكلف بثمن وقود ومياه وغيرها، لكن قبل أن أبدأ بحرث الأرض وبذرها حاولت إحصاء تكلفة الدونم الواحد حيث يحتاج الدونم الواحد لمايقارب الــ40 كيلو غرام من القمح ويبلغ سعر الكيلو (195.ليرة سوري)هذا يعني أن الدونم الواحد يحتاج إلى( 7800ليرة سوري)لتأمين البذار، ويأتي بعدها سعر الحرث في الجرار الزراعي حيث يصل سعر الدونم في “الدسك” إلى (الــ1700.ليرة سوري).
وأكمل أبو أحمد “لم تنتهي الحكاية بعد فهناك أجور بذارة ومسلفة، وغيرها حيث نحتاج لبذاره لكي نقول بطش القمح على الأرض وتلكفة البذارة للدونم الواحد (500.ليرة سوري)، وبعدها المسلفة تأتي لتكمل النصاب حيث تكلف (1300.ليرة سوري) للدونم الواحد.
قام أبو أحمد بجمع المبلغ الكلي لتكلفة الدونم الواحد بشكل تقريبي ليظهر مع الناتج (11.200ليرة سوري )تكلفة الدونم بشكل مبدئي، وأشار لم نقوم بحساب المستلزمات الزراعية التي تشكل عائقا مزعجا لاسيما المبيدات الحشرية والأسمدة وغيرها حيث يصل سعر الطن الواحد من سماد “اليوريا الآزوتي” إلى(200 ألف ليرة سوري) أي ما يعادل 400دولار تقريبا، وهو مبلغ يثقل كاهل مزارعي المنطقة.
ومن جهته أفاد المهندس الزراعي “عاصم اليوسف” إلى المركز الصحفي السوري، “بأن هناك صعوبات عديدة تواجه المزارعين في المناطق المحررة، وأهم هذا الصعوبات قلة الخيارات أمام المزارعين في زراعة المحاصيل وذلك لسبب استبعاد زراعة المحاصيل الزراعية الصناعية مثل القطن والشوندر السكري، هذا ما تسبب بزراعه محاصيل كانت مخصصة في مناطق الاستقرار الثانية والثالثة زراعتها بمنطقة الاستقرار الأولى مثل الكمون واليانسون مما نعكس على دخل المزارع بشكل كبير”.
وأكمل اليوسف “أن تجهيز الأرض للزراعة هي من أهم الصعوبات التي تواجه المزارع حيث تحتاج الأرض إلى فلاحة عميقة ومن ثم فلاحة سطحية لكن مع قلة عدد الجرارات وارتفاع أسعار المحروقات أدت إلى ارتفاع تكاليف تجهيز الأرض للزراعة وهذا انعكس على قلة خدمة الأرض الزراعية، والاقتصار على الفلاحة السطحية الواحدة للفلاحين الميسورين ومن ثم البذار ثم سلف الأرض”.
وأشار المهندس “الفقراء يقومون بالزراعة مباشرة على بقايا المحصول السابق ومن ثم الفلاحة السطحية ويأتي ارتفاع في أسعار البذور عائق أساسي أمام المزارع حيث يتراوح سعر 1كغ من بذار القمح بنوعيه الطري والقاسي إلى (190-200)ليره سورية وسعر 1كغ من الشعير يتراوح بين (180-190)ليرة، وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات الحشرية وغيرها من المتطلبات التي تنهك كاهل المزارعين بشكل عام” .
وبين أخذ وردّ تستمر معاناة المزارعين في ريف إدلب وريف حماة ضمن ظروف الحرب التي قاسمتهم أرزاقهم، وعلى الرغم من المحاولات لإنقاذ هذا القطاع الهام، فإنه يواصل انحداره، وما من حلّ قريب يلوح في أفق السوريين.
*المركز الصحفي السوري _وسيم مشهور*