قـــراءة فــي الــصحف
قالت صحيفة “ملييت” التركية، لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية تستسيغ اجتماع ثلاثية “روسيا، تركيا، إيران” حول الأزمة السورية، والذي عُقد في موسكو، لا من حيث الصورة التي خرج بها، ولا من حيث النتائج. امتعاض أمريكا سببه يعود إلى أن الجميع كان ينظر على أن حل الأزمة السورية بيد أمريكا وروسيا، فمن خلال الاجتماع ظهرت أمريكا وكأنها أُسقطت من المعادلة، ويمكننا أن نقول عن هذا: إن روسيا قامت بمناورة قوية ضد أمريكا التي كانت تصول وتجول بارتياح في الشرق الأوسط.
كانت أمريكا تهدف إلى تقسيم سوريا، من خلال إيصال حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية إلى تخوم البحر الأبيض المتوسط، إلا أنّه من أبرز النتائج التي خرج بها الاجتماع الثلاثي هو الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، بمعنى آخر الآن المشهد هو كالتالي:
في جهة تقف روسيا وإلى جانبها دولتان من أهم الدول الإسلامية، وهما تركيا المتمثلة بالإسلام السنة، وإيران المتمثلة بالإسلام الشيعة، وفي الجهة المقابلة الولايات المتحدة الأمريكية وأداتها حزب الاتحاد الديمقراطي، ووحدات الحماية الشعبية.
ومن هنا إن السؤال الأكثر استدعاء للحيرة هو:
هل عبارة “وحدة الأراضي السورية” تشتمل على “حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية” الراغبين بإقامة دولة كردية؟ وهل ستقف إيران وروسيا إلى جانب تركيا؟ هل ستتخلى أمريكا عن حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية، وبالتالي تتخلى عن رغبتها بإقامة دولة لهما في شمال سوريا؟
من الصعب إيجاد إجابة لهذه الأسئلة الصعبة، والمقترحات التي ستطرح خلال المرحلة المقبلة ستكون أكثر إشكالية، على سبيل المثال:
عندما يتم الحديث عن وحدة الأراضي السورية، فإن الحديث يشمل حزب الاتحاد الديمقراطي، ولكن الدولة الوحيدة التي تذكر هذا صراحة هي تركيا، ولهذا السبب، وبناء على ما سبق من الممكن أن يتم طرح رؤية دولة فدرالية، محلية فيما يخص العراق أيضا.
إن التحرك المشترك للدول الثلاثة “روسيا، إيران، تركيا، والتقارب الروسي التركي، من الممكن أن يقودا أمريكا إلى قلق وعدم ارتياح.
من المحتمل أن تكون تركيا هي الوجهة الأولى لـ ترامب بعيد جلوسه على كرسي الرئاسة، وأن يعطي الضوء الأخضر فيما يخص إعادة فتح الله غولن زعيم الكيان الموازي.
إن الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تميل إلى فكرة إرساء الاستقرار في المنطقة، ترى أن عدم الاستقرار سيخدم مصالح إيران وروسيا، وفي الوقت نفسه تدرك أن تركيا ستكون رقما صعبا، لأنها ستحول دون ترك المنطقة بين يدي حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية، فالولايات المتحدة الأمريكية عليها أن تضع حزب الاتحاد الديمقراطي نصب عينيها، وأن تتخلى عنه، لتكسب تركيا من جديد. وهذا يبدو صعبا، وبالتالي فالولايات المتحدة الأمريكية وسط إشكالية.
بدورها نشرت صحيفة الـ “واشنطن البوست” الأمريكية مقالاَ للكاتب “ريتشارد كوهين”، والذي قال فيه إن تاريخ عشرين كانون الأول الجاري، كان اليوم الذي انتهى في القرن الاميركي، وهو اليوم الذي اجتمعت فيه كل من تركيا وإيران وروسيا من أجل تسوية الأوضاع في الشرق الأوسط دون أن توجه دعوة إلى الولايات المتحدة لحضور الاجتماع.
وقال الكاتب إن الرئيس الأميركي باراك أوباما “و بكل رضى” أشرف على خسارة النفوذ الأميركي، مضيفاً ان مدينة حلب السورية هي الساحة التي “مات” فيها هذا النفوذ. كما اعتبر الكاتب أن سبب ذلك هو أن “أوباما لم يكن مهتما بالشكل الكافي، ولم يدلي بأي تصريح قوي يطالب فيه روسيا وإيران بالخروج من سوريا”.
وتابع الكاتب، بأن أوباما ووراء كل المبررات التي قدمها لعدم التدخل بالشكل المطلوب في سوريا، كان له موقف فيه “برودة عاطفية”، على حد توصيف الكاتب.
الكاتب قال أيضاً ان الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب ورغم وجود أفكار سيئة جداً لديه، إلا أنه “يهتم” و”يظهر عواطفه خلافاً لأوباما”. كذلك رأى أن من بين الأسباب التي أدت الى خسارة هيلاري كلنتون بالانتخابات الرئاسية اضطرارها إلى الدفاع عن إدارة أوباما “الباردة”.
وزعم الكاتب أن القيادة الاميركية للعالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية كانت ضرورية من اجل الحفاظ على السلام العالمي، وأن “أميركا شاءت أم أبت، كانت شرطي العالم”. وأشار إلى أن “هذه القيادة قد زالت الآن، وهو ما يعني أن السلام في العالم سيزول شيئاً فشيئاً”، على حد زعمه.
المركز الصحفي السوري _ صحف