انت لا تستطيع أن تترك خلفك أسرتك وما جنيت خلال رحلتك الطويلة مع الشقاء وتمضي، كذلك لا تستطيع الهروب من واقع أليم، تصطدم به فتجد نفسك في متاهة غير منتهية، تبدأ بنظام الحكم المتشبث بالسيادة حتى لو كان الثمن حياة الشعب، فمازال متمسكا بسياسة بالقمع والقتل والتدمير، لتنتهي بعالم ظاهره وردي ينادي بمبادئ سامية حرية وديمقراطية وعيش مشترك لكن باطنه يحمل الحقد والتأييد للقتل والشد على أيدي الجزارين.
أزمة كبيرة ومتاهة صعب الخروج منها، والواقع السوري أعيا الساسة والنتائج غابت عن كل الحسابات، فتمزق الفصائل واستحالة توحدها، غياب المؤسسات، وموت الفكر التنظيمي في ظل العشوائية، غياب الأمن جعل الكل يدور في حلقة مفرغة دون أن يعرف أين ستكون الخطوة القادمة، وماذا يحمل القادم من الأيام، جعل الأصوات المنادية باستحالة الحل تزداد، مبادرات كثيرة وتسريبات أكثر، دون أدنى الطموح، لكن بغالبها فارغة اخترعت في أفرع المخابرات، أو من خلال عقول مخابراتية اعتادت على الأكشن في ربط الأحداث .
دعاة الظلم والنفعيون، يجدون الحلول ببقاء الدكتاتور بحجة الحفاظ على النسيج السوري المنسوج بخيوط أوهى من بيت العنكبوت، النسيج المتهالك منذ سنين، يدعون بأن الأمان يأتي مع الدكتاتورية، وينسون بأن الدكتاتور لص كبير سرق، قتل، دمر، الزرع والضرع، يعتقدون بأن الحل لإنهاء القتال، بالبقاء تحت جنح القاتل.
بينما الحقيقة التي لا يريد أن يراها الكثير من المنظرين، بأن الدكتاتورية نظام شمولي، عقيم، فهو يعتاش بانعدام الأمان، ويستمر مع الفساد والفوضى، عموده الذي يرتكز عليه هو الطائفية والشحن الطائفي، ويغديه الإرهاب ومعه يستمر بالسيطرة على العباد، وتسخير مقدرات البلاد لثلة قليلة تساعده على إرهاب العقول، وتدمير الأوطان ونشر الجهل والتخلف ليسهل عليه السيطرة.
وثمة قضية أخرى مرتبطة؛ تزيد من خطر هذا النظام على الدولة التي يحكمها الأسد فيزداد الشعور بالقهر والظلم وتزداد الكراهية، وينعدم الانتماء، وتنعدم الغيرية، فيصبح المجتمع غابة، الكل يعمل ويفكر لنفسه ويحاول أن يسخر مقدرات الوطن لخدمة نفسه وليس الوطن والأخرين.
لا طريقة من الخلاص من دكتاتور العصر والخروج من الأزمة إلا بدعم المجتمع المدني، وبناء المؤسسات، وهذه مسؤولية الجميع، وأن تؤمن بأنك لست وحدك في السفينة، والإيمان بالفكرة هي الخطوة الأولى لتطبيقها، والفرد هو القوة العظيمة المبعثرة القادرة على صنع المستحيل إن انتظمت وصلت للحرية التي هي أم القيم.
فلنتوقف عن العمل منفردين وبناء جزر معزولة على بحر الدماء ولنتذكر مقولة ﻟ (مارتن لوثر كينج):
“علينا أن نتعلم العيش معًا كأخوة؛ أو الفناء معًا كأغبياء”.
بقلم أكرم الأحمد