أصبحت عيونها متعبة ودموعها حاضرة بعد سؤالها عن حالها، حال جميلة بعد تلقيها نبأ استشهاد خطيبها” محمد” وهو شاب من سرمين متطوع في الدفاع المدني ، فقد استشهد في جبل التركمان الواقع على الحدود التركية في محافظة اللاذقية نتيجة للقصف الروسي المتكرر على تلك المنطقة.
تحتضن “جميلة” صورته بقوة عند الحديث عنه وتقول :” مضى على استشهاده 3 أشهر، أذكر آخر محادثة بيننا، كان يغازل الطبيعة لجمالها ، أغار منها عليه ، وعدني بإحضاري بعد تحرير المنطقة بالكامل كي نستمتع بالطبيعة معا، لكن غدر الطيران الروسي حال بيننا “.
تطوع ” محمد” في الدفاع المدني بعد تحرير محافظة إدلب في 28من آذار، فقد كان طالب حقوق في السنة الثالثة ، قبل تحرير إدلب كان يصر على الخروج من المدينة والالتحاق بفرق الدفاع المدني لاعتبارهم يقدمون الكثير في أرض المعركة وفي المناطق المحررة، إلا أنني كنت أنجح في إقناعه دوما من عدم الخروج “.
يرتفع صوت بكائها بقولها:” هو واحد من بين 88 الذين استشهدوا هذه السنة من الدفاع المدني ، كنت أخاف عليه أن يكون التالي كلما سمعت نبأ استشهاد أحد من عناصر الدفاع ، حتى هذه اللحظة لا أصدق أنني خسرته “.
يعتبر الدفاع المدني في مدينة إدلب قادر على العمل بكفاءة عالية في حال توفر الإمكانيات والأدوات وذلك لقرب محافظة ادلب من تركيا وسهولة وصول كثير من المتطوعين إليها لحضور الدورات المكثفة الخاصة بالدفاع المدني ففي العادة تكون مثل هذه الدوارات للتصدي للزلازل الطبيعية، إلا أن سوريا تعتبر حالة خاصة، فيتم تدريبهم على كيفية التعامل مع البراميل والقصف الجوي، فكثير من المتطوعين من مناطق بعيدة عن الحدود التركية لن يتمكنوا من دخول تركيا بسبب عدم امتلاكهم جوازات سفر ، لذلك قام مجموعة من القدماء في الدفاع المدني في ريف إدلب بنقل دورات إلى الداخل السوري لتدريب أكبر عدد ممكن من المتطوعين .
تعرف جميلة الكثير من أصدقاء محمد فهي متابعة لشؤون الدفاع المدني بكل تفاصيله تقول :” صرح “حسام بدوي” وهو عضو في الدفاع المدني في محافظة إدلب لموقع “صورة” :”أن الدفاع المدني يصل إلى كافة المدن والأرياف المحررة في المحافظة حيث يتوزع على 23 مركزا في محافظة إدلب، 4في جسر الشغور ، 4 في محافظة ادلب ، 4 في معرة النعمان ،خمسة في منطقة حارم ، و3 في خان شيخون ” ويضيف :” إننا في حال الهدوء في المنطقة نلبي حالات في الساحل وسهل الغاب، حيث نتميز عناصرنا بالخبرة في الإنقاذ أكثر من غيرنا وأيضا نشارك في إسعاف الثوار على الجبهات “.
“لا أحد يحفظ حقوقهم في حياتهم وحتى بعد موتهم “، تتحدث جميلة عن المخاطر التي كان يتعرض لها الدفاع المدني ومقابل ذلك لا يوجد أي نظام صحي أو أي ضمان يؤمن حياة العاملين فيها ، ففي حال إصابة أي منهم كل ما يقدم له علاج مجاني في المشافي الميدانية الحدودية أو في تركيا للعمليات الجراحية ثم يعود إلى بيته ، مع بعض المساعدات المادية القليلة ، بالإضافة لسلة غذائية .
تناشد “جميلة” جميع المنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان لدعم فرق الدفاع المدني بالأدوات والمعدات ، فبعد العجز الدولي لحل القضية السورية واستمرار القصف على المدنيين، وخاصة بعد التدخل الروسي أصبح إنقاذ المدنيين بحاجة لمعدات ورافعات وجرافات أكثر فما يحدثه القصف الروسي من دمار يفوق قدرات الدفاع المدني .
أماني العلي
المركز الصحفي السوري