إن سوريا غنية بتراثها الذي يشهد على عراقته العالم أجمع، ويتباهى به الشعب السوري برمته، إلا أنه بعد مرور خمس سنوات من الحرب على سوريا ضاع فيها كل غال في ظروف غامضة، يحاول تراثنا الصمود بكل مقوماته، لا سيما الخيول السورية الأصيلة الشهيرة عالمياً.
إلى الآن يقوم النظام داخل مناطق سيطرته بمهرجانات ومسابقات تخص الخيول، لظهوره بالصورة المثلى المهتمة بالجياد أمام الدول الغربية التي توجه أنظارها لتلك الأمور، لكن في الحقيقة هو منذ القدم يحتكرها معظمها لصالح آل الأسد ومقربيه، وهو المسبب الأكبر في تسفيرها للخارج واندثار وجودها في الداخل السوري خاصة بعد بداية الأزمة.
بدأت البعثات الأوربية تتوافد على البادية السورية بعد أن رجع نابليون بونابرت من حملته على الإمبراطورية الروسية التي انطلق منها ما يزيد عن 200 ألف جواد لم يرجع منها سوى 1500 جواد كلها عربية حتى جواد بونابرت نفسه، لذلك قال بالماضي ملك روتنبرغ في ألمانيا:” الجواد العربي أحسن من الجواد الإنكليزي لتحسين كل أنسال الخيل لأننا بالجواد العربي يمكننا الوصول إلى صنف مميز في النقاء والقوة “، بعدها تتالت عمليات بيع الجواد العربي من سوريا للغرب، حيث قام سفير باشا كوسليسكي : نوبل بولندي أصبح قائد في الجيش التركي اشترى خيولا من الصحراء السورية وأرسلها لبولندة بين 1858_ 1879 أشهرها كرزيزكي .
ثم جاء حكم عائلة الأسد التي بدورها وضعت يدها على كل الأعمال في سوريا، ومع بدء الثورة السورية بات النظام يوجه كل الأضرار الحاصلة في سوريا إلى المسلحين والإرهابيين على حد زعمهم ومن ضمنها المشاكل الخاصة بالفروسية، وأوضح عضو المكتب التنفيذي لمنظمة الجواد العربي ” باسل جدعان ” أن مزارع تربية الخيول تعرضت للضرر خلال الأزمة، لاسيما أن جميعها متواجدة في الأرياف، كريف دمشق، كما قامت المجموعات الإرهابية المسلحة بسرقة عدد كبير من الخيول، “كالمربط الوطني” لوزارة الزراعة وتهريبها إلى الخارج”، وذلك في مسابقة للخيول بدمشق لعام 2015.
إنما حقائق جرائم آل الأسد في الماضي والحاضر تنفي تلك الأقوال، لأن باسل الأسد سابقاً أسر ” عدنان قصار ” كابتن المنتخب السوري للفروسية عام 1992، ليتخلص من منافسته له، و العائد لعائلته الفضل في تأسيس نادي الفروسية في الديماس بدمشق، بحجة محاولة اغتيال باسل الأسد، ولهذه اللحظة هو متواجد بسجن عدرا.
حديثاً ظهرت أيضا الصورة العكسية لعناية النظام بالفروسية عندما جعل هلال الأسد القتيل من أرض مضمار الخيول داخل المدينة الرياضية في اللاذقية، معتقلاً للنساء السوريات على أنهن مناهضات للنظام الأسدي، فضلاً عن تسفيرالخيول ما بعد الحدود السورية، و تأكيداً على هذا، فإن محمد الشايب، مدير مكتب الخيول العربية الأصيلة في وزارة الزراعة التابعة لحكومة الأسد، قال أنه سيتم للمرة الأولى في سورية، منح جوازات سفر للجواد العربي المسجل في سورية، و أن هذه الخطوة هدفها السماح للجواد بالتصدير والمرور إلى البلدان الأخرى، حيث تقوم المديرية حاليا بطباعة هذا الجواز بأسماء الجياد العربية السورية الأصيلة وأرقام تسجيلها”.
كما أفاد أمين سر الجمعية السورية للخيول العربية الأصيلة طارق عبد الرحيم لـ”سبوتنيك” الموالية للنظام، أن الجمعية استقبلت 150 “رأس خيل”، من مختلف المناطق الساخنة في المحافظات، وتم الاعتناء بها في “مضمار الديماس”، ولا أحد يدري ما مصيرها، وهذا أمر طبيعي بما أن خمسة آلاف عدد الخيول الأصيلة في سوريا قبل الأزمة، يمتلك العدد الأكبر منها رأس النظام بشار الأسد بعد مقتل شقيقه باسل ورجال الأعمال المقربين منه حيث تبلغ قيمة هذه الخيول ملايين الدولارت، ومنار الأسد هي المشرف الأكبر على أكثر المهرجانات والعروض الفروسية.
4 ملايين سعر الرأس الذكر، والأنثى ضعفه من الخيول، رغم سعادتنا بأن قيمة الخيول السورية العربية الأصيلة لا تقدر بثمن، إنما نأسف على أن مُروّضَها الأساسي نظام البعث، الذي جعل دم شعبه أرخص من أي شيء، بينما نحن نفتخر بأن تراب أرضنا تفوح منه رائحة ذاك الدم الطاهر.
المركز الصحفي السوري ـ محار الحسن