بالعودة إلى الخلاف الأمريكي الروسي الذي نشأ عندما قامت قوات التحالف بإسقاط طائرة حربية تابعة للنظام السوري, كانت تقصف مواقع تابعة لقوات سورية الديمقراطية في محافظة الرقة, نجد أن هذا الخلاف يتصاعد ويتزايد يوما بعد يوم بالفعل في المستويين العمودي والأفقي, لكن يتوقع العديد من المحللين العسكريين والمراقبين السياسيين أن هذا الخلاف الحاد لن يصل لمرحلة المجابهة العسكرية المباشرة بين الدولتين حتى على أرض محايدة لأسباب كثيرة وعديدة, والواضح للجميع أن الخلاف بين هاتين القوتين ينعكس في كل مرة على أدوات التنفيذ التابعة لهما فقط بشكل مباشر, كما حدث مؤخراً بين ما يعرف بقوات سورية الديمقراطية والتي تشكل مليشيات حماية الشعب ثقلها الأساسي وهي مدعومة من واشنطن, وبين قوات النظام والمليشيات الإيرانية الطائفية المساندة لها والمدعومة من قبل روسيا..
إلا إذا وصل الخلاف لساحات أخرى غير الساحة السورية التي تعتبر من أهم الساحات القتالية التي تقوم هاتين القوتين بتفعيل صراع أدواتهما فيه.
هناك من يقول أن المتحكم بمدى ضبط درجات الخلاف الأمريكي الروسي في سورية هي إسرائيل, وإن كان عبر الأدوات الروسية والأمريكية بشكل غير مباشر, لهذا السبب تحديدا يعتقد كثير من المراقبين أن المسألة لن تصل لمرحلة المواجهة المسلحة بين هاتين القوتين مهما تصاعدت وتيرة الخلافات العميقة بينهما, ولسبب آخر وهو وجود أربع تجارب سابقة للسلاح الروسي والأمريكي في منطقة الشرق الأوسط, وهي حرب عام 1967, وحرب عام 1973, وحرب عام 1982, وحرب الخليج عام 1991, وكل هذه المواجهات السابقة تكشف أن هناك فارق بين السلاح الروسي والأمريكي, ولدينا مثال جديد:
الطائرة التي أسقطت طائرة النظام والتي هي من نوع سوخوي22 هي طائرة صغيرة إف18, وهي تعتبر طائرة من الجيل الرابع من ضمن سلسلة المقاتلات الأمريكية, حيث لم تجد قوات التحالف نفسها مضطرة لاستخدام صواريخ “سوبر سبارو” المتطورة, أو حتى منظومة صواريخ فوليكس, حتى العمل الإستباقي الإلكتروني للسلاح الأمريكي هو أعمق بكثير من أي رد فعل روسي عسكري.
وهذا يعطي دلالة على أن المواجهة العسكرية على الأرض بين السلاحين الروسي والأمريكي هي غير متكافئة, لذلك يمكن لهذه الحالة أن تعطي نوعا من الكبح لأي احتمال قائم للمواجهة العسكرية بين هاتين القوتين على الأرض السورية, وهذا يدعونا للتفكير بشكل فعلي بمدى عدم جدية التصريحات الروسية التي دائما ما تطفو على السطح بشكل إعلامي فقط, حيث كان هناك سابقا تصريح روسي بإغلاق غرفة تنسيق الحركة بين طائرات كل من الطرفين ولكن سرعان ما تم التراجع عن هذه الخطوة.
لذلك حتى الآن, تبقى الخلافات على مستوى القرار السياسي والدبلوماسي, لأنه من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تسمح لروسيا وشركائها بالمشاركة في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا, لأنها تعتبرها معركة مصالح أمريكية بامتياز, فالولايات المتحدة الأمريكية تعتبر أن روسيا فقط مكترثة بدعم نظام الأسد ولا تعنيها الرغبة الأمريكية والنظرة المستقبلية لمصير منطقة الشرق الأوسط عموما وسوريا خصوصا..
المركز الصحفي السوري – حازم الحلبي.