كرّس السوريون فن الخط العربي ليحمل معاني الثورة وأفكارها، بدءاً من اللافتات إلى اللوحات الجدارية وغيرها، وبرعوا باستخدام هذا الفن وجعله يحمل الفكر السياسي الذي تبنى فكر التغيير والحرية وطرحهم لتلك المواضيع والآراء من خلال لوحات الخط العربي، فترابط الأحرف العربية جعلها تتيح الرسم بها بشكل زخرفي وهندسي.
اكتست شوارع مدينة ادلب وجدرانها مؤخرا بلافتات طرقية رفعت من المستوى الأخلاقي، واستبدلت الشعارات القومية لحزب البعث الاشتراكي التي وضعها النظام في فترة وجوده بالمحافظة والمؤيدة لسياسة الحكم، بشعارات تحث على الخلق الكريم من تحريم للكذب والحض على العفة وإبراز أهمية الحفاظ على الأخلاق الإسلامية والاجتماعية التي تميزت بها مجتمعاتنا العربية منذ القدم، ورفعوا أيضا من أهمية العلم وخصوصا للفتيات، فكتب على جداران مدارس البنات “نريدك طبيبة ومعلمة ” و” كوني كالخنساء “مستفيدين من جمالية الخط العربي ليوصلوا رسائلهم.
برز العديد من الخطاطين في سوريا، فكان همهم إبراز جمالية الحرف والعبارة المكتوبة والاهتمام بعراقة وتراثية اللوحة، وأيضا كان هناك من دمج بين الفن التشكيلي والخط، ليخرج بفنٍ عالي الدقة والجمال “محمد غنوم” الفنان السوري ورائد التخطيط والألوان يعتبر كمثال متميز في هذا المجال، جعل اللون يرسم الحرف فخلقت لوحاته التي تنبض بالجمال والروحانية مزيجا خلابا من الفن التشكيلي وعراقة وأصالة الحرف.
ارتبط الكثير من الخطاطين بالثورة السورية مما جعلهم عرضةً لاستهداف النظام لهم، كالشهيد أحمد الباري الذي ولد واستشهد في مدينة يلدا في ريف دمشق في عام 2013 إثر برميل ألقته قوات النظام، عشق أحمد الباري الخط العربي كفن أصيل واعتمد على الشكل الموروث والتقليدي للخط، فاختلف مع الفنانين الذين مزجوا بين الخط العربي والفن التشكيلي واعتبره هروبا من التعليم والتدريب على أنواع الخط.
تميزت العديد من اللوحات التي اكتسبت من منهج وفكر الثورة السورية، فأخذت مناحي جديدة من المواضيع كلوحة الحرية لحسان مسعودي، وخمس سنوات والثورة مستمرة لخالد طعمة، ولا للتقسيم لأنور العيسى، فعانقت لوحاتهم جمالية الخط مع كمالية المنهج والمبدأ واختلط الفن العربي العريق بروح ثورية متأصلة بجذور حضارتها.
آية رضوان- المركز الصحفي السوري