لم تعد قذائف الهاون والبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية أو حتى الاعتقال التعسفي ما يخشاه الشاب السوري في وطننا سوريا، فكابوس جديد ألقى بظلاله على حياة الشباب الجانب الفاعل في الوطن هو الخدمة الالزامية لإجبارهم على الالتحاق بالجيش السوري بصفة “الاحتياط” وطبعاً من دون أن يعلن ذلك في شكل رسمي كالمعتاد، خوفاً من هرب الشباب وتخفيهم عن الأنظار.
حيث عمد النظام إلى تكثيف التدقيق للمارة وركاب الحافلات والسيارات العامة والخاصة وخصوصاً مع الأشخاص التي تتراوح أعمارهم بين 24 و35 عاماً باعتبارها المرحلة العمرية الأنسب للاحتياط .
يقول سامر ( 27 عاماً) “تلقيت اتصالاً هاتفياً من أحد الفروع العسكرية في مدينة إدلب يطلب منه الالتحاق فوراً في شعبة التجنيد التي تتبع للمحافظة, مع العلم أنني أديت الخدمة العسكرية عام 2010 وبعد أن تم تبليغي لم أتوانَ للحظة واحدة عن توضيب حقائبي للسفر خارج البلاد.. لا أريد أن أموت على إحدى جبهات القتال… لذلك لم أجد مهرباً لي غير السفر، سأسافر إلى تركيا ومن ثم إلى الدول الأوربية حيث تكون فرص للحياة أفضل.. آه.. آه لقد ضاع حلمي في بناء عش الزوجية مع من أحب.”
كما يكشف لنا أنس (32 عاماً) من ريف المدينة كيف ” داهم رجال الأمن إحدى مؤسسات الدولة التي كنت أعمل فيها في المدينة لاعتقال كل من تتوفر فيه شروط الالتحاق بالجيش ولحسن حظي كنت في إجازة يومها، ولكن لم يعد باستطاعتي العودة لمتابعة العمل خوفاً من إجباري على الخدمة رغماً عني وعمدت إلى تغيير منزلي والاختفاء عن الأنظار، أعيش …في وطني متخفياً….إلى متى نؤجل أحلامنا، وتخوفنا يخنق الروح فينا ؟ لكن لابد لي من الهروب إلى مناطق المعارضة.
وطبعاً معاملة الأمن للمدنيين على الحواجز تختلف بحسب شكل الشاب الخارجي ومكان قيده في بطاقته الشخصية، فأسلوب التعامل مع شاب من مواليد اللاذقية أو طرطوس يختلف جذرياً عن شاب من مدينة أخرى، أحمد (35 عاماً) يقول” كنت أعمل في مؤسسة (الطرق والمواصلات ) وليس لي مدخول سوى الراتب الشهري، أملك أسرة صغيرة بالكاد أؤمن لها المتطلبات الأساسية وعند تحرير إدلب وخروجها عن سيطرة النظام كان لابد من الذهاب إلى مدينة حماه لتقاضي الأجر الشهري.. وهنا تبدأ رحلة معاناتي من خوف الاعتقال.. إنك لا تستطيع أن تمنع طيور الأسى من أن تحلق فوق رأسك.. ولكن بيدك أن تمنعها من أن تعيش فيه.. الخوف من الاعتقال أو الالتحاق بخدمة الاحتياط جعلني أبحث عن عمل آخر أقتات منه”.
مازال كابوس الخدمة العسكرية “الاحتياط” يطارد الشبان ويضيع أحلام كثيرين منهم بالاستقرار ويضيق الآفاق أمام السوريين التي أصبحت حياتهم اليومية قصصاً مأساوية.. سواء لحياتهم كونم معيلين لأسر بمختلف الظروف ما بين أب شهيد أو مختفٍ أو معتقل.. هذا بالنسبة لجانب الشباب، دونك عن التأثير على الإناث إذ نجد دراسات عدة حديثة تناولت تأثير هجرة الشباب في رفع نسبة العنوسة في المجتمع السوري.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد.