مع ارتفاع وتيرة الحرب الدائرة في سوريا، تعاني معظم النساء الحوامل من صعوبات كثيرة أثناء فترة الحمل الأمر الذي يؤثر على صحة الأم والجنين، خاصة بعد تدمير النظام للبنى الصحية من مشاف و مستوصفات تعنى بالحوامل والأجنة واللقاحات في كافة المناطق الخارجة عن سيطرته فقد دمر 60 بالمئة من المشافي حسب إحصائية الأمم المتحدة، كم هاجر أغلب الأطباء خارج البلاد مما زاد نسبة الوفيات من الأمهات والأطفال حديثي الولادة على حد سواء.
فمعظم المشافي الميدانية المتوفرة في مناطق المعارضة لا تحتوي على الأجهزة الكافية اللازمة لإجراء العمليات القيصرية خاصة في المناطق المحاصرة.
تروي أم سلمى من حي السكري بحلب قصتها: “كانت سلمى برفقة ولديها الصغيرين وحامل بجنين عمره أربعة شهور حين خرجت تجري هربا من البراميل التي ألقاها النظام واختبأت في أحد الملاجئ القريبة ثم أصيبت بنزيف حاد أدى لإجهاض الجنين توفيت على إثره”.
وقد ارتفعت حالات الإجهاض القسري في سورية منذ بداية الأزمة لأسباب عديدة كالخوف والرعب لاختراق الطائرات الحربية جدار الصوت فوق منازل المدنيين والهرب المفاجئ أثناء القصف وبسبب الحصار الذي يؤدي للجوع وفقدان الحليب والغذاء الطبيعي للأم والمولود ونقص الدواء وعدم قدرة الأسرة على توفير متطلبات الطفل.
وقد تحدثت تقارير طبية عن انخفاض نسبة الولادات في سوريا بنسبة 60 بالمئة منذ بداية الصراع عام 2011 آذار.
وباتت مشافي الولادة معدودة في المدن والبلدات السورية المحررة، حيث تعاني النقاط الطبية من نقص كبير في الأطباء والمعدات والأدوية الطبية اللازمة، لذلك عادت بعض النسوة الحوامل لاتباع العادات القديمة في الولادة داخل المنزل عند القابلة القانونية، وقد تؤدي أحيانا لموت الجنين بسبب عسر الولادة أو النزيف الحاد عند الأم أو نقص المعدات اللازمة لعملية الولادة.
تقول لمياء من خربة مرتين من ريف ادلب: ” تعرضت زوجة أخي لعملية استئصال الرحم على إثر ولادتها بالمنزل حيث أصيبت بمرض مزمن في الرحم، انتقل إليها عبر الأدوات غير المعقمة و نقص النظافة الصحية”.
بالإضافة إلى أن معظم النساء لا يرغبن بالحمل في مراكز الإيواء والمخيمات نظرا لنقص الرعاية الصحية للمولود والأم ونقص التغذية وزيادة مصاريف المولود الجديد على الأسرة من حليب ومستلزمات أخرى .
كما سجلت عدة حالات لنساء حملن بأجنة مشوهة في الغوطة الشرقية ومناطق دير الزور والرقة وذلك نتيجة الغازات السامة المنتشرة في الهواء عقب انفجار القذائف والصواريخ، والتلوث بغازات المحروقات، حسب شهادات أطباء محليين.
لم يستهدف النظام الأمهات والأطفال فحسب بل استهدف الأجنة في أرحامهن من قبل قناصة النظام في عام 2013 مقابل علبة سجائر، حيث قال الطبيب البريطاني ديفيد نوت حسب صحيفة التايمز :” إن قناصة الأسد يستهدفون بطون النساء
الحوامل وقد عاينت ثمان نساء حوامل بإصابات مروعة وبطون اخترقها رصاص القناصة ومن ضمنها رصاصة استقرت في دماغ جنين”.
كما تم أيضا توثيق عدة حالات لأمهات خرج الجنين من بطنهن أثناء القصف، ففي قصف للمحكمة الشرعية بادلب في نهاية العام الماضي، وجد رجال الدفاع المدني طفلا بالحبل السري خرج من بطن أمه من شدة ضغط القصف، عاش لساعات ثم توفي ليلحق بأمه.
لم تعد أمهات سوريا الحوامل يخفن من آلام المخاض فحسب، بل مخاوف كثيرة باتت ترافقهن طيلة فترة الحمل، فقد أصبح الحمل عبئا جديدا عليهن بعد أن كان مصدرا للسعادة في الأسرة السورية، ولكن من بين صيحات آلام المخاض التي تحمل الموت والحياة يولد الأمل من صرخات الأطفال الأولى لمن كتب له البقاء أحياء.
المركز الصحفي السوري ـ سلوى عبد الرحمن