قال متحدث باسم مقاتلين سوريين تدعمهم الولايات المتحدة الاثنين إن المقاتلين حاصروا مدينة منبج التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية من ثلاث جهات بينما يواصلون هجوما كبيرا على التنظيم قرب الحدود مع تركيا.
لكن في إشارة إلى الصعوبة التي تواجهها القوى العالمية في بناء تحالف لقتال تنظيم الدولة الإسلامية تسببت الوتيرة البطيئة لهجوم منفصل يشنه الجيش العراقي على معقل للتنظيم قرب بغداد في خلاف بين الحكومة التي يقودها الشيعة وجماعة شيعية مسلحة قوية تدعمها إيران.
والهجومان المتزامنان على منبج في سوريا والفلوجة في العراق عند أقصى طرفي أراض تسيطر عليها الدولة الإسلامية هما إلى الآن اثنان من أكبر العمليات التي تستهدف التنظيم الذي تأمل الولايات المتحدة أن يشهد العام الحالي نهايته.
وشنت قوات سوريا الديمقراطية التي تضم ميليشيا كردية وحلفاء عرب انضموا إليها في 2015 الهجوم على منبج الأسبوع الماضي لطرد الدولة الإسلامية من آخر قطاع تسيطر عليه على الحدود مع تركيا.
وإذا نجح هذا الهجوم يمكن قطع طريق التنظيم الرئيسي إلى العالم الخارجي وتمهيد الطريق لهجوم على الرقة أكبر معاقله في سوريا.
وفي الأسبوع الماضي أيضا دخلت القوات العراقية الضواحي الجنوبية للفلوجة التي تبعد 750 كيلومترا عن منبج السورية الواقعة على نهر الفرات لكنها تبعد ساعة بالسيارة عن بغداد.
وقوات سوريا الديمقراطية مدعومة بالضربات الجوية للتحالف الدولي ووحدة صغيرة من القوات الخاصة الأميركية، بينما يدعم التحالف أيضا الجيش العراقي وكذلك قوات الحشد الشعبي القوية المدعومة من إيران والتي يقودها سياسيون برزوا كمنافسين لرئيس الوزراء حيدر العبادي.
وفي سوريا شنت حكومة الرئيس بشار الأسد أيضا هجوما منفصلا الأسبوع الماضي على الدولة الإسلامية بدعم جوي روسي.
ووضعت الهجمات التي يشنها أعداء متفاوتين لتنظيم الدولة الإسلامية ضغوطا لم يسبق لها مثيل على التنظيم رغم أن مقاتليه أظهروا مقاومة قوية إلى الآن.
وأدت الهجمات أيضا إلى تعريض أعداد كبيرة من المدنيين للخطر. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة هناك 50 ألف مدني محاصرون في الفلوجة وهناك أكثر من 200 ألف مدني مهددون بالنزوح بسبب القتال حول منبج السورية.
السباق إلى الرقة
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المقاتلين السوريين المدعومين من الولايات المتحدة في شمال سوريا قطعوا الطريق بين منبج وجرابلس التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية عند الحدود مع تركيا.
وقال شرفان درويش المتحدث باسم المجلس العسكري لمنبج المتحالف مع قوات سوريا الديمقراطية إن التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة تقدم إلى مسافة ستة كيلومترات من منبج وإن الهجوم ماض حسب الخطة.
وأضاف أن أكثر من 150 متشددا قتلوا وأن جثث 50 منهم في حوزة قوات سوريا الديمقراطية.
وقال درويش إن المنازل التي كان يسكن فيها مقاتلو الدولة الإسلامية خالية الآن بعد أن تركوا المدينة مع أسرهم حاملين كل ما أمكنهم حمله.
وقال درويش إن قوات سوريا الديمقراطية ضمت قائد إحدى الجماعات وهو فيصل أبوليلى من كتائب شمس الشمال والذي توفي متأثرا بإصابته بقذيفة مورتر.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 56 من مقاتلي الدولة الإسلامية و19 من قوات سوريا الديمقراطية قتلوا حتى الآن.
وأضاف أن مقاتلي التنظيم أبعدوا أسرهم عن منبج لكنه لم يؤكد قول درويش إن المقاتلين أنفسهم تركوا المدينة.
وبرهنت قوات سوريا الديمقراطية وفصيلها الكردي على أنهم أول حلفاء للولايات المتحدة على الأرض في سوريا يؤكدون جدارتهم ضد الدولة الإسلامية وهم يتقدمون نحو الرقة المعقل الرئيسي للمتشددين في سوريا.
وتتقدم أيضا قوات الحكومة السورية في المنطقة بدعم روسي فيما يصفه بعض حلفائها بـ”سباق إلى الرقة” وذلك لمنع حلفاء الولايات المتحدة من الهيمنة على مناطق انتزعوها من الدولة الإسلامية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات حربية سورية وروسية قتلت 17 شخصا على الأقل في ضربة جوية أصابت الاثنين سوقا في بلدة العشارة التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية في محافظة دير الزور بشرق البلاد.
لكن وزارة الدفاع الروسية قالت في بيان إن الطائرات الحربية الروسية لم تستهدف العشارة.
وذكر مصدر عسكري سوري أن الجيش سيطر على تقاطع طرق يستطيع من خلاله التقدم نحو الرقة ودير الزور أو شرق حلب.
بغداد تنقل قوات إلى الموصل
وفي العراق تعد مدينة الموصل التي كان يقطنها مليونا شخص قبل سقوطها في يد الدولة الإسلامية منذ عامين الهدف الرئيسي لواشنطن لاستعادتها من قبضة التنظيم المتشدد.
ويأمل المخططون الأميركيون في أن تتمكن قوات الحكومة العراقية وقوات أمن من إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق من استعادة الموصل هذا العام.
لكن حكومة بغداد بقيادة الشيعة انحرفت عن الخطة قبل أسبوعين بالإعلان عن أن هجومها القادم سيكون إلى الغرب من بغداد في الفلوجة وهي معقل سنّي واجهت فيه القوات الأميركية معارك دموية خلال احتلالها للعراق من عام 2003 إلى عام 2011.
وتدفقت قوات الجيش العراقي على منطقة ريفية في الفلوجة قبل أسبوع لكنها توقفت عند مشارف التجمعات السكانية. وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي إن الهجوم سيتباطأ لحماية المدنيين.
وانتقدت الجماعات الشيعية المسلحة قرار العبادي إبطاء التقدم. وتقول إن الفلوجة أكثر أهمية من الموصل بسبب قربها من العاصمة التي تصاعدت فيها حملة التفجيرات الانتحارية في الأسابيع الأخيرة.
وتشعر واشنطن بالقلق من أن يتعثر الجيش العراقي في الفلوجة لأن إطالة أمد المعركة هناك قد يفاقم الصراع الطائفي خاصة إذا انضم الشيعة للقتال.
ويعتمد العبادي على ساسة أصحاب نفوذ لهم صلات بالجماعات الشيعية المسلحة لدعم تحالفه الحاكم، فيما يحاول إزاحة البعض من المناصب الكبيرة بالحكومة لكنه يواجه مقاومة في البرلمان.
وانتقد هادي العامري قائد أكبر الجماعات الشيعية العراقية المسلحة الجيش لأنه حرّك فرقة مدرعة إلى منطقة مخمور قرب الموصل بينما لا تزال معركة طرد مقاتلي التنظيم من الفلوجة مستمرة.
وقال العامري إن قرار العبادي اتخذ تحت ضغط من الولايات المتحدة.
وتابع “المؤسف والمحزن عدم وجود تخطيط دقيق للعمليات العسكرية.”
وأضاف في مقابلة مع تلفزيون السومرية الأحد “أنا أعتقد أن إرسال جزء كبير من المدرعات والإمكانيات إلى مخمور بحجة معركة الموصل. أنا اعتبرها خيانة لمعركة الفلوجة.”
وأكد ضباط في الجيش العراقي وصول فرقة مدرعة ليل الأحد إلى مخمور وهي نقطة انطلاق لهجوم في المستقبل على الموصل.
ويعد هذا جزء من استعدادات الجيش لهجوم للسيطرة على مهبط جوي عبر نهر دجلة وجرى نقل جسور وزوارق لتسهيل العبور.
وقلل العميد يحيى رسول المتحدث باسم الجيش العراقي من شأن تأثير التعبئة لاستعادة الموصل على معركة الفلوجة.
وقال إنه لا يعتقد أنها ستؤثر على معركة الفلوجة وأن القوات التي تقاتل في الفلوجة تحقق انتصارات وأنها بدأت في التحرك إلى وسط المدينة.
ميدل ايست أونلاين