ردت الحكومة العراقية، أمس، على دعوة حكومة إقليم كردستان إلى الحوار، باشتراط إلغاء نتائج استفتاء الاستقلال الذي جرى الأسبوع الماضي. ودعت إلى «وقف الاستفزازات في المناطق المتجاوز عليها»، بالتزامن مع زيارة رئيس الإقليم مسعود بارزاني مدينة كركوك المتنازع عليها، واجتماعه مع قادة قوات «البيشمركة».
ودعا سعد الحديثي، الناطق باسم مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، في بيان مقتضب، أمس، إقليم كردستان إلى «تأكيد التزامه بالدستور وقرارات المحكمة الاتحادية»، مشدداً على «ضرورة قيام الإقليم بإلغاء نتائج الاستفتاء المخالف للدستور ومن ثم الدخول في حوار جاد لتعزيز وحدة العراق». وطالب بـ«إيقاف التصعيد والاستفزاز في المناطق المتجاوز عليها».
وجاءت تصريحات الحديثي غداة إعلان الأكراد تأسيس «مجلس القيادة السياسية لكردستان العراق» وترحيبهم بمبادرة المرجع الشيعي علي السيستاني ودعوتهم بغداد إلى «حوار جاد». واستغرب مصدر مقرب من رئاسة الوزراء «إصرار الأكراد على تسمية تعليقات مرجعية النجف على موضوع الاستفتاء مبادرة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نأسف لمحاولات تقسيم البلاد واقتطاع شماله… أعتقد أن بغداد لن تفاوض مجلس كردستان السياسي، لأنه انبثق عن مجلس الاستفتاء غير المعترف به».
وقالت مصادر عراقية لــ{الشرق الأوسط} إن مجموعة من النواب الأكراد وصلت إلى بغداد أمس، بهدف حضور جلسة البرلمان اليوم. لكنها {تبلغت بعزم نواب من كتلة (نائب الرئيس نوري) المالكي عرقلة دخولهم المجلس، ما لم يتبرأوا من الاستفتاء}.
وكان المالكي دعا إلى «العمل بكل الوسائل لمنع اندلاع قتال مع الشعب الكردي وإسقاط محاولة تفجير النزاع العسكري للتغطية على الفشل الذريع لقيادة الإقليم». ورحّب في بيان أصدره مكتبه، مساء أول من أمس، بـ«عودة إخواننا النواب والموظفين الرافضين لمؤامرة بارزاني الذين سجلوا نسبة معارضة عالية أثناء التصويت على الاستفتاء».
ودعا «الدول التي كانت خلف هذه المغامرة» إلى «ترك شؤون العراق لأبنائه»، والدول الرافضة والمجاورة للعراق إلى «إدامة محاصرة حكومة الإقليم لإنهاء وجود حكومة فقدت الشرعية مع رئيس الإقليم منذ أكثر من عامين».
واستمر أمس تباين المواقف بين القوى السياسية الشيعية ونظيرتها السنية بشأن الاستفتاء الكردي. ويشدد نواب عن «تحالف القوى العراقية» السني، ومنهم النائب أحمد المساري، على رفض الاستفتاء. لكنهم يرون أن لا مناص من التفاوض مع الأكراد، لأن «الاستفتاء جرى وأصبح واقع حال ويجب التفاوض للحفاظ على وحدة البلد».
في المقابل، يرفض القيادي في «تيار الحكمة الوطني» الشيعي فادي الشمري «القبول بسياسة الأمر الواقع». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قبولهم بالأمر الواقع لما يسمى الاستفتاء الذي جرى في محافظات شمال العراق خذلان للعراق الواحد الموحد والأكثرية السنيّة لن تقبلكم». وأضاف: «أنتم تتواطأون مع القوى الانفصالية الداعية إلى تقسيم العراق، ولن نسمح لمصالحكم الشخصية بأن تكون فوق مستوى الوطن والدستور».
ولا يرفض الناطق الرسمي باسم «عصائب أهل الحق» نعيم العبودي، مبدأ الحوار مع إقليم كردستان، لكنه يرى أن «الحوار قبل تاريخ 25 سبتمبر (أيلول) (موعد الاستفتاء) يختلف عنه بعد ذلك التاريخ». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا أراد الأكراد الحوار مع بغداد، فعليهم أن يتجاهلوا نتائج الاستفتاء، لأنه غير دستوري وجاء استكمالاً لمرحلة ما بعد داعش».
ولم يستبعد العبودي «حدوث صدامات» بين بغداد والأكراد في المناطق المتنازع عليها، «إذا اضطرت الدولة لذلك». وقال: «إن أرادت الدولة فرض سيادتها وسيطرتها على جميع أراضيها، وخصوصاً الغنية بالنفط، نتمنى أن يتم ذلك من دون الحاجة إلى صدام، لكن إذا أجبر العراق على ذلك للدفاع عن سيادته، فنحن مع فرض سيادة الدولة، وقد شاهدنا كيف تعامل الإسبان مع إقليم كاتالونيا الانفصالي».
وكان زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي قال قبل 3 أيام إنهم «قادرون على استعادة الأراضي التي استحوذ عليها بارزاني خلال شهر». وقال العبودي إن تصريحات الخزعلي «أتت في سياق تأكيده أن العراق في هذه المرحلة غير العراق في 2014، ولديه القدرة على فرض الأمن والسيادة على الأراضي العراقية كافة».
الشرق الأوسط