الرئيس الروسي بوتين يحمل تجاه حلب حقداً دفيناً وثأراً قديماً يعود إلى ألف سنة خلت .عندما أنزل الحلبيون بالعساكر الروس هزيمة كبيرة وأخذوهم بين قتيل وأسير.
وكانت تلك الهزيمة في شعبان سنة 421هجرية الموافق أغسطس 1030 م .ففي تلك السنة قرر امبراطور الروم رومانوس الثالث استغلال المنازعات التي وقعت بين أمراء الأسرة المرداسية الحاكمة في حلب للإستيلاء عليها وضمها إلى دولة الروم .
وينتمي الإمبراطور رومانوس إلى الأسرة المقدونية وهي الأسرة التي يكن لها الروس الاحترام والتبجيل لأنها أرسلت إليهم المبشرين الأرثوذكس فأدخلوهم إلى النصرانية الأرثوذكسية. ومنذ ذلك الحين دان الروس بالولاء للروم بعامة وللأسرة المقدونية بخاصة.
وانخرط الروس في سلك جيوش الروم منذ اعتناقهم للنصرانية على أيدي مبشري الأسرة المقدونية. وفي تلك السنة سار الإمبراطور رومانوس الثالث بجيوشه للاستيلاء على حلب .وكان معظم جيشه يتكون من الروس،والبلغار .والخزر والأرمن والاوكرانيين.
وكان الروس هم العنصر الأكثر في الجيش. ووصل الجيش المعادي الى قرب اعزاز وكان الوقت صيفا شديد الحرارة لم يألفهُ الروس. هنا تناسى الحلبيون خلافاتهم ووحدوا صفوفهم واستعانوا بالقبائل العربية القريبة من حلب و كل القبائل التي تقطن شمال بلاد الشام.
كان امبراطور الروم قد أمر بحفر خندق حول معسكره قُرب حلب لحمايته من هجوم مُباغت .وأرسل سرية من جيشه للاستطلاع فظلَّتِ الطريق وباغتها المسلمون ومزقوها. فانهارت الخطط الحربية التي وضعها الإمبراطور ،واضطرب جيشه .فحاول الإمبراطور سحب جيشه إلى أنطاكية. وتحول الانسحاب إلى هزيمة ساحقة وطاردهم المسلمون يقتلونهم بلا هوادة سيما العساكر الروس.
أما الإمبراطور رومانوس الثالث فقد هام على وجهه لدرجة أنه خلعَ خُفَهُ الأحمر الذي اعتاد أباطرة الروم على لبسه ولبس خُفاً أسوداً حتى لا يُعرف .وتمكن أخيراً من النجاةِ عائداً إلى بلاده في فلول قليلة .
ولاشك أنَّ هذهِ الخسائر التي تكبدها الروس كان لها اليوم أسوأ الأثر في نفسِ الرئيس الروسي بوتين الذي قام بقصف حلب وكل شمال الشام انتقاماً لمقتل الجنود الروس قبل ألفِ سنة …..ورب قائل يقول أن الرئيس الروسي بوتين لا يعلم عن هذه الحادثة التي تتحدث عنها. فأقول بل يعلمها تمام العلم . فأنا كمؤرخ لم أعرف الكثير من تاريخ العلاقات الإسلامية الرومية إلا عن طريق المؤرخين الروس أمثال: فازلييف؛ وكونداكوف؛ وأوستروجورسكي.وغيرهم فهم رواد الدراسات الرومية في العصر الحديث…لذلك لا تستغربوا هذا الحقد الروسي على حلب وشمال الشام.
أ.د علي محمد عودة الغامدي