ليس كل ما نشاهده من نتائج ومعطيات على الأرض من مفرزات الثورة السورية هي أمور إيجابية وجيدة, بل على العكس وخصوصا بعد أن أصبح لمصطلح الشفافية والموضوعية حيزا كبيرا في قلوب السوريين وعقولهم, ولأننا كسوريين نحلم بسورية الحرة الديمقراطية الحديثة التي يسود فيها القانون ويعم فيها العدل والإنصاف, فقد توجب علينا أن نتبنى سياسة النقد البنّاء التي نطمح من خلالها إلى الرقي بواقعنا المتردي حاليا, والمقصود هنا بعض مظاهر الفوضى التي أفرزتها بعض التصرفات غير المحسوبة وغير المسؤولة من قبل بعض الأهالي أو بعض الجهات.
وفي المناطق المحررة تحديدا, قامت العديد من المشاريع الخدمية المحدودة ذات الإمكانية الضعيفة ومع ذلك استطاعت أن تحقق نوعا من الرضا والقبول لدى أوساط عديدة من أبناء الشعب السوري المقيم فيها, ولكن رغم ذلك الرضا, إلّا أن العديد من الأهالي لازالوا يشتكون من بعض التصرفات التي يمكن احتواؤها وإصلاحها.
وتبرز أساليب الحفريات العشوائية للشوارع في قلب المدن والبلدات ومحيطها في المقدمة, كظاهرة سلبية يتوجب علينا علاجها بشكل جزئي أو كامل, لما لها من آثار مضرة على الصعيد الشخصي والجماعي, فقد لاحظنا خلال الآونة الأخيرة كثرة أعمال الحفر في الطرقات وخصوصا تلك الطرق والشوارع الرئيسية “المزفتة منذ أكثر من عشر سنوات” بشكل عشوائي وغير محسوب مما ينتج عنه العديد من الحفر وأكوام التراب في منتصف وجوانب الطرقات والشوارع, الأمر الذي ينعكس على الواقع الخدمي في المقام الأول والواقع الجمالي في المقام الثاني.
يقول “أبو واصف” وهو من أبناء مدينة أريحا في ريف إدلب:
“ليس من المنطق أن يقوم كل شخص بحفر حفرة صغيرة أو كبيرة لأجل عملية إصلاح أنبوب مياه أو صيانة مجرى “صرف صحي”, يجب علينا ألّا نتصرف بمفردنا, بل يجب أن يكون هناك جهة وحيدة تقوم بصيانة الشبكات لكل البيوت الموجودة في المدينة, فيلجا ذلك الشخص إلى ترك أكوام التراب على جانب الطريق عدا عن كمية كبيرة من الحصى, حتى أنه لا يقوم بإصلاح البقعة المحفورة وتأهيلها ولو بكمية قليلة من “الإسمنت”, لان هذه الحفر هي السبب الرئيسي في وقوع العديد من الحوادث والأعطال التي تحدث للمركبات, فضلا عن أنها أصبحت في العديد من حالاتها مستنقعات للمياه غير النظيفة, لا أدري ماذا أقول…. ولكن نريد حلاً”.
إذا كانت كل تلك التصرفات هي تصرفات فردية وشخصية, فمن هي الجهة المسؤولة عن الإشراف العام على تلك الأعمال بل وحتى المحاسبة في بعض الأحيان؟!, أو بمعنى آخر ألا يوجد جهة محددة تقوم بإصلاح تلك الحفر الناتجة عن الحفريات العشوائية ولو بشكل جزئي؟!.
يقول السيد “سعيد محمد” وهو مهندس يعمل في قطاع الخدمات
” أولا يجب أن ننتبه إلى ظروف عدم الاستقرار التي تمر بها البلاد في جزئها المحرر, بل أزيد على ذلك وأقول إن أغلب تلك الحفر هي من مخلفات عمليات القصف وبجميع أشكالها, ولا سيما الحفر الكبيرة الناجمة عن انفجار تلك البراميل المتفجرة المتساقطة من المروحيات, ورغم ذلك فقد قامت بعض الجهات بإصلاح العديد من الحفر وإعادة تأهيلها في العديد من المدن والقرى والبلدات, أؤكد لك أن هذه الظاهرة تختلف من قرية إلى أخرى, لأن الطاقة المتوفرة لدى المجالس المحلية الموزعة في محافظة إدلب مثلا ليست بمستوى واحد, في قرية “أطمة” مثلا قام المجلس المحلي بتجربة إعادة “تزفيت” الشوارع في البلدة وقد كانت تجربة ناجحة, ولكن بلدة “أطمة” تتمتع بنوع من الأمان عكس مدينة معرة النعمان التي تتعرض لقصف شديد مما يحول دون نجاح تجارب من هذا النوع”.
تفاقمت هذه المشكلة بشكل واضح في الآونة الأخيرة, لدرجة أنها أصبحت تشكل عامل إزعاج للكثير من الأهالي, إلّا أننا ندعوهم إلى تحمل جزء من المسؤولية في علاج تلك المشكلة, وذلك عن طريق القيام بعمليات الإصلاح والتأهيل للحفر الفردية بإمكانيات خاصة إن أمكن ذلك, لأن تلك الحفر تضر بالفرد أولا ثم الجماعة ثانيا.
فهل ننجح بنشر ثقافة الوعي الخدمي بين صفوف أهالينا في المناطق المحررة؟!, نأمل ذلك.
المركز الصحفي السوري-فادي أبو الجود.