الحسكة…شاب يقتل ابنة عمه بدعوى ” الشرف” وإخوتها يصورون!
أثارت حادثة قتل الفتاة “عيدة الحمودي السعيدو” من مدينة الحسكة شمال شرق سوريا منذ 3 أيام على يد ابن عمها جدلا واسعا، فالجريمة عللها القاتل بغسل للعار، فيما اعتبرها ناشطون إهراق للدم بطريقة مسعورة ظالمة وجاهلية، والخروج على القانون السوري والشرع الديني!
لا تزال سوريا تعاني من القتل بدعوى ” غسل العار”، حد اللحظة، فقد ظننا أننا قطعنا شوطا كبيرا في التخلص من الموروثات الجاهلية، والنظرات الدونية تجاه المرأة بعد تدريب وتوعية تقدمها منظمات المجتمع المدني لنبذ هذه السلطة الذكورية التي من بينها أن تبيح للرجل أن يريق دم امرأة بدعوى ” الشرف”.
تداول السوريون مقطعا فيديو لمشاهد قتل فتاة من مدينة الحسكة، من ابن عمها بحضور 3 من إخوتها الذين حرصوا على توثيق مقتل أختهم وتصويرها ونشرها على وسائل التواصل، وتقول بعض المصادر أن الأب كان حاضرا في الجريمة.
ونشرت الكاتبة عبير النحاس عبر حسابها فيسبوك رسالة تظهر ما جرى للفتاة باختصار، فبعد تقدم الشاب لخطبتها ورفض أهلها تقدم ابن عمها لها لكنها رفضته، فحبست وعذبت، ثم هربت من أهلها، فأمسكوا بها وعادوا لإجبارها على الزواج مرة ثانية بهمجية مرة ثانية، فأرادت الانعتاق كليا من السجن والتخلص من مرارة التعذيب، وهربت ثانية، إلا أنهم أمسكوها. وهذه المرة فقدت حياتها بدعوى الشرف.
وقد أظهر الفيديو مجموعة شبان يقتادون فتاة إلى بيت مهجور حيث نفذوا قتلها، ولم يستجيبوا لبكائها، فأطلقوا الرصاص على جسمها ورأسها، وأردوها قتيلة مغطاة بقماشة وسط بيت مهجور!
فيما تضاربت الأنباء حول عمر الفتاة، فقال ناشطون أن عمرها 20، ونفى أخرون بسبب نحل جسها وقصر قامتها، وقالوا أن عمرها لم يتجاوز الـ18 وحتى الـ13.
إلا أن المؤكد أنها لا زالت ببداية حياتها، وعكست قضيتها أفكارا همجية ألقت ظلالها من جديد على المجتمع السوري.
المجلس الإسلامي السوري بحسب بيان له في 7 آذار 2019 أصدر فتوى أنه لا يجوز للزوج قتل زوجته بتهمة الزنا دون دليل، وإن قتلها فحكمه القصاص، لأن عليه إحضار 4 شهود عليها، أما عن مقدمات الزنا التي لا يوجد فيها زنا صريح، فعليه كذلك القصاص أن قتل بحسب الفتوى.
وعليه فإن جريمة القتل التي ارتكبها هؤلاء الشبان تخضع للقتل بلا بينة شرعا، فلم يأتوا بالشهود الأربعة، ولا قبضوا على الفتاة بالجرم المشهود، فماذا بالنسبة للقانون السوري؟
القانون السوري خفف في تموز 2009 عقوبة القتل بدعوى الشرف ليحكم بسنتين للجاني كحد أقصى وفقا للمادة 548، ثم صدر المرسوم 1 لعام2011 وعدلت المادة لترتفع العقوبة من سنتين كحد أقصى إلى الحبس من 5 سنوات لـ7.
وأصبح النص الجديد ” يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد على ألا تقل العقوبة عن الحبس مدة سنتين في القتل”. وفي النص السابق للمادة كان القاتل يستفيد من عفو شامل من العقاب.
وحسب القانون فهؤلاء عقوبتهم تتراوح بالسجن بين السنتين إلى 7، والقصاص قتلا بحسب فتوى المجلس الإسلامي السوري!
شبكة البارومتر العربي البحثية أجرت استطلاعا للرأي أواخر 2018 بمشاركة 25 ألفا، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن القتل غسلا للعار، التأييد لها كان من نصيب الجزائر الأعلى عربيا بنسبة 27% تليها المغرب بـ25% ثم الأردن بـ 21%.
أما منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة وثقت ست جرائم قتل ارتُكبت بحقّ نساء، في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة وأخرى تابعة للنظام في محافظتي حماه وإدلب، بين أيلول وأواخر تشرين الأول من عام 2019.
ما ضابط الدافع ” الشريف” للقتل في القانون السوري؟
توصلت محكمة النقض إلى أن من بين تعاريف ” شريف” أنه ” عاطفة نفسية جامحة تسوق الفاعل إلى ارتكاب جريمته تحت تأثير فكرة مقدسة لديه بعيدة كل البعد عن الأنانية والأثرة ومنزهة عن الحقد والانتقام، وعن كل ما فيه مصلحة فردية أو عاطفة خاصة أو غاية شخصية”.
اليوم العالمي لجرائم الشرف
أطلق مرصد نساء سوريا في 29 تشرين الأول عام 2009
اليوم العالمي لمساندة ضحايا جريمة الشرف، بعد حكم البراءة لشقيق الفتاة زهرة العزو (16 عاما) الذي قتلها أخوها بدعوى غسل العار.
ثم أطلق المرصد في 2005 حملة ثانية لإلغاء المادة 548 من قانون العقوبات السوري وتعديل المادة 192 من القانون نفسه،
وتم تعديل المادة 548 من قانون العقوبات السوري بالمرسوم الرئاسي كما ذكر آنفا.
فهل سيتخلص السوريون من هذه العادة البشعة في التعامل مع القضايا الحساسة ويتركوا أمرها للقضاة والمسؤولين في المحاكم؟
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
مقال رأي/ محمد إسماعيل