تتجدد في كل حين المقارنة بين المأساة السورية والحرب الدامية فيها، وبين الحرب العالمية الثانية باعتبارها أقرب الكوارث الكونية والتي كانت من صنع الإنسان، لم يكن في سوريا من قبل سنين الحرب سوى شعب طالب بتغيير حاكم يأبى الرحيل، واليوم تقف الأمم المتحدة على أطلال سورية، موقف المتفرج وتساهم الدول العظمى التي اخترعت “حق الفيتو” في إطالة الحرب السورية؛ كونها لا تستخدمه من أجل ضمان حقوق الشعوب، ومع استخدامه المتكرر في سوريا طالت من عمر سنين الحرب التي دخلت عامها السابع
مرت الأعوام على الثورة السورية، العام تلو الآخر ليشهد السوريون سنوات عجاف لم تشهدها البشرية من قبل.. أعوام لم تجتمع خلالها الدول لحل أزمة الحرب فيها، بل اجتمع فيها الحاقدون والطامعين والمنتقمون للمساندة في القتل والحصار لشعب رفض الذل وطالب بحريته، وبكرامة حياة مستقبلية لأبنائه.
أعوام تمرّ لم يغضب أحد لبكاء الأطفال وخوفهم الشديد من صوت صافرات الإنذار وهدير الطائرات التي تكاد لا تغادر الأجواء لتحصد الأرواح وتقتل الأبرياء.. أعوام لم تقلق أحدا من حرمان الطلبة من التعليم والتهجير الممنهج بذريعة المصالحة أو ترحيل المسلحين أو لمّ الشمل، لتغادر آلاف العائلات من الوطن الأم وتعيش في بلاد أخرى اللجوء والتشتت، وكأنها أشجار تقلع من جذورها لتزرع في أرض لا تمت لها بصلة.. وقد تكون هذه الأرض رملية مالحة فتغدو حياتهم أكثر مرارة
أعوام مرت أطلقت فيها آلاف القذائف العمياء التي قطعت أوصال أطفال يلعبون في الشوارع وفي البيوت التي لم تعد آمنه وغدت ركامها قبوراً لآلاف السوريين.
أعوام تنتهك فيها الحرمات وتقصف فيها البيوت والمساجد، وكمّت الأفواه واعتقل الشباب بتهم مختلفة أودت بحياة الكثيرين تحت منهجية تعذيب لا ترحم، لم ينجُ من الاعتقال حتى الصحفيين وقد قتلوا بوحشية منقطعة النظير.
أعوام غابت فيها المواطنة، ولم تعد أسعار السلع بالمعقول حتى رغيف الخبز الذي بات السوريون في المناطق المحاصرة يتمنون حتى شم رائحته..
أعوام لم نرتقي بها أو نتطور لكن علت فيها أرواح الأبرياء من مدنيين عزّل لا حول لهم ولا قوة.
فالموت بمختلف الأسلحة الفتاكة كان مجازر جماعية، وكأنها صنعت لتجرب في سوريا الجريحة.
أعوام لم تقلل من البطالة بل زادت وتفشت مع عجز متزايد جعل من الأغلبية يصنفون تحت خط الفقر والحاجة بعد خسارتهم لموارد رزقهم ومساكن تواجدهم ليجدوا أنفسهم في خيام مهترئة.
أعوام زادت من عدد الأيتام والمشردين، وعدد الأرامل والمحتاجين زادت من آهات المواطنين بالداخل وأنات المغتربين في الخارج.
والعجيب أن أمم الأرض قاطبة تشاهد وتندد فقط دون حراك وبصمت عالمي أرهق الجميع، وإنسانية سقطت تحت أقدام السوريين الذين شهد لهم الصبر جولات وجولات.
هل سيأتي اليوم الذي ستنتهي فيه السنوات العجاف من الثورة السورية.. أم أن سنين أخرى تنتظر من بقي من السوريين على أرض الوطن؟!
وتكرار سيناريو “حق الفيتو” من أعظم الدول سيساهم في قتل المزيد من الأبرياء؟
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد