الجزيرة نت:
طبقا لمعلومات خاصة حصلت عليها الجزيرة فإن اسم أبو محمد جولاني الحقيقي هو “أسامة العبسي الواحدي” ويُلقب “الفاتح”، وقد وُلد عام 1981 في بلدة الشحيل التابعة لمدينة دير الزور وسط عائلة أصلها من محافظة إدلب، وانتقلت إلى دير الزور حيث كان والدها موظفا في القطاع الحكومي يعمل “سائقا” في مصلحة الإسكان العسكري.
أكمل الجولاني المراحل الأولى من التعليم النظامي، والتحق بكلية الطب في جامعة دمشق حيث درس الطب البشري سنتين، ثم غادر إلى العراق وهو في السنة الجامعية الثالثة.
لا يخفي الجولاني انتماءه إلى تيار “السلفية الجهادية” وخاصة “تنظيم القاعدة” الذي انضم إلى فرعه في العراق بعد الغزو الأميركي 2003، حيث عمل تحت قيادة زعيمه الراحل أبو مصعب الزرقاوي ثم خلفائه من بعده، ولا يزال يقول إنه “مبايع” لزعيم القاعدة أيمن الظواهري ويعمل وفق توجيهاته وإرشاداته.
كان الجولاني -وهو طالب في الجامعة- يأتي من دمشق إلى حلب لحضور خطب الجمعة التي كان يلقيها محمود قول آغاسي (أبو القعقاع) في “جامع العلاء بن الحضرمي” بالصاخور، وحين تعرض العراق للغزو الأميركي في مارس/آذار 2003، نادى آغاسي بضرورة مقاومة هذا الغزو فكان الجولاني ضمن أوائل الملبين لهذا النداء.
من لبنان عاد الجولاني مجددا إلى العراق فاعتقله الأميركيون وأودعوه “سجن بوكا” الذي كانوا يديرونه جنوبي البلاد، ثم أطلقوا سراحه 2008 فاستأنف نشاطه العسكري مع ما كان يسمى “الدولة الإسلامية في العراق” التي تأسست في أكتوبر/تشرين الأول 2006 بقيادة أبو بكر البغدادي، وسرعان ما أصبح رئيسا لعملياتها في محافظة الموصل.
بعد أشهر من اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، عاد الجولاني إلى سوريا في أغسطس/آب 2011 مبتعَثا من تنظيم القاعدة لتأسيس فرع له في البلاد يمكّنه من المشاركة في القتال ضد الأسد.
وفي 24 يناير/كانون الثاني 2012 أصدر الجولاني بيانا أعلن فيه تشكيل “جبهة النصرة لأهل الشام” ممن سماهم “مجاهدي الشام”، واتخذ من موطنه “الشحيل” منطلقا لعمل هذه الجبهة، كما دعا في بيانه السوريين إلى الجهاد وحمل السلاح لإسقاط النظام السوري، وصار من يومها يدعى في أدبيات الجبهة “المسؤول العام لجبهة النصرة”.
وحين أعلن أبو بكر البغدادي -في 9 أبريل/نيسان 2013- إلغاء اسميْ “دولة العراق الإسلامية” و”جبهة النصرة” ودمج التنظيمين -باعتبارهما يمثلان القاعدة الأم- في كيان جديد يسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، رفض الجولاني في اليوم الموالي هذا الأمر.
وأعلن بيعته حصرا للقيادة المركزية لتنظيم القاعدة بقيادة الظواهري قائلا: “هذه بيعة منا أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العام نجددها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهري حفظه الله، نبايعه على السمع والطاعة”. ودخلت الجبهة في قتال مع “تنظيم الدولة” الذي انتزع منها مناطق كثيرة بما فيها المناطق السورية المنتجة للنفط.
ومع ذلك، يقول مراقبون ومحللون إن “جبهة النصرة” أصبحت -تحت قيادة الجولاني- من أقوى الفصائل المسلحة في سوريا، إذ تميزت بعملياتها القوية والجريئة ضد النظام السوريِ ومراكزه الأمنية في مختلف المحافظات السورية.
كانت أول مقابلة إعلامية للجولاني هي تلك التي خص بها قناة الجزيرة وبُثت في حلقة من برنامج “لقاء اليوم” يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2013، وعلق عليها بعض المحللين بالقول إنه “ذو ثقافة نوعية ومنوعة، ولديه مشروعه الديني الخاص الذي يعمل على تحقيقه، مستفيدا من أخطاء القاعدة في العراق التي يحاول تجنبها لتحقيق مشروعه في سوريا”، واعتبروه ممثلا لـ”جيل جديد من قادة القاعدة”.
ففي مقابلته تلك أعلن الجولاني أنه لا يؤيد ما تذهب إليه تنظيمات إسلامية من إطلاق للتكفير، وقال “نحن لا نكفّر المسلمين، فتكفير المسلم بحاجة إلى فتوى لأنه من اختصاص أهل العلم، ولذلك نترك الأمر في الحكم بالتكفير للمحاكم الشرعية والعلماء، ليقرروه وفق ضوابط الشريعة الإسلامية في هذا الشأن”.
وأضاف متحدثا عن موقف جبهته من مستقبل سوريا: “لا نطمح للانفراد بصياغة مستقبل سوريا السياسي بعد سقوط النظام، ولا نريد أن ننفرد بقيادة المجتمع حتى ولو وصلنا إلى مرحلة تمكننا من ذلك، وستتولى اللجان الشرعية وأهل الحَل والعَقد وضع خطة لإدارة البلد وفق شرع الله تعالى لبسط الشورى والعدل”.
وفي مقابلة ثانية خص بها أيضا قناة الجزيرة ضمن برنامج “بلا حدود” وبثت على حلقتين في مايو/أيار 2015، قال الجولاني إنهم في “تنظيم القاعدة” يؤيدون ثورات الربيع العربي لأن زعيم التنظيم الظواهري “وجه بدعم هذه الثورات”.
وعزا فشل معظم هذه الثورات إلى أن “الجيوش في المنطقة صُرف عليها ملايين الدولارات ليس لحماية الشعوب ولكن للسيطرة عليها إذا ثارت. ولذلك لن تحصل هذه الشعوب على حريتها إلا بتكوين جيوشها الخاصة، أما السلمية والمظاهرات فهي لغة لا يفهمها هؤلاء الحكام، ولا النظام الدولي الذي صنع الطواغيت ويشرف على حمايتهم”.
وكشف عن تلقيه إرشادات من الظواهري “تؤكد أن مهمتنا هي إسقاط النظام السوري وحلفائه مثل حزب الله، ثم التفاهم مع الشركاء لإقامة حكم إسلامي راشد. ولن نستخدم الشام قاعدة لاستهداف أميركا وأوروبا لكي لا نشوش على المعركة الموجودة. أما إيران فسنكتفي بقطع أيديها في المنطقة وإذا لم يكفِ هذا فسننقل المعركة لداخلها”.
وكان الجولاني هدد في 29 سبتمبر/أيلول 2014 بنقل المعركة إلى الدول الغربية المشاركة في التحالف الدولي الذي أنشئ لمحاربة “تنظيم الدولة”، لكنه يشن كذلك غارات على معسكرات تابعة “جبهة النصرة” ويغتال قادتها.
وبشأن الخلافات العقائدية بين “الجبهة” و”تنظيم الدولة الإسلامية“، قال الجولاني “نرفض الخلافة التي يعلنونها ونعتبرها غير شرعية لأنها أقيمت على أسس غير شرعية”.
وأضاف أن “العلماء راقبوا وشاهدوا تصريحاتهم وأفعالهم واعتبروهم من الخوارج الذين يكفَّرون الناس بالذنوب ويستبيحون دماء المسلمين بدون ضوابط شرعية، ويقومون بتكفير الخصوم، حتى إنهم يكفرون جبهة النصرة لكننا لا نكفرهم”.