انتقدت صحيفة الجارديان سياسة الحكومة البريطانية في معاملة اللاجئين، وأكدت أن ما يحدث معهم في ميناء “دوفر” عار على الدولة.
وقال محرر شؤون الهجرة في صحيفة باتريك كينغزلي في تقرير له “شاهدت في مراكز الاحتجاز المئات من الذين فشلوا في تحقيق هدفهم بالتقدم بطلبات لجوء، فقد أجبر الأطفال على النوم على الأرض الإسمنتية، ومنع مرضى يعانون من الإسهال من الوصول إلى الحمامات، واحتجز ضحايا التهريب دون طعام، وضربت امرأة عارية في مركز الاحتجاز، وهكذا اتهم المسئولون الحكوميون بمعاملة طالبي اللجوء عام 2016، ولم يحدث هذا في ليبيا التي مزقتها الحرب، أو لبنان الذي يحتاج للمال، ولكن في بريطانيا”،وفق موقع عربي 21.
وأضاف كينغزلي: إن تقريرا جديدا يتهم المسؤولين بالإهمال الشديد وإساءة معاملة طالبي اللجوء، بمن فيهم القادمون من سوريا، فقد احتجزوا في ظروف غير مقبولة في مقاطعة كينت”.
ويشير التقرير إلى أن وزارة الداخلية تقوم بالتحقيق بمزاعم عن قيام مسؤولات في السجن بجر امرأة عارية، وتوجيه لكمات لها مرتين، وذلك في مركز احتجاز يارلز وود.
وتبين الصحيفة أن حملة “نساء من أجل اللاجئات” قدمت أمثلة على الكثير من حالات الاعتقال للنساء الحوامل في يارلز وود، ما يشير إلى أن المعاملة القاسية للمحتجزات فيه لا تقتصر على حوادث معزولة.
وعلق الكاتب قائلا: “لقد قمت بتغطية معظم المناطق الساخنة لأزمة اللاجئين منذ العام الماضي، وهذه ليست المرة الأولى التي أقرأ عن معاملة كهذه أو أشاهد مثلها، ففي معسكرات الاحتجاز في ليبيا، وهي واحدة من 18 دولة زرتها العام الماضي وأنا ألاحق خط المهاجرين، شاهدت طالبي لجوء، بينهم نساء حوامل، محشورين في زنازين بائسة، ودون أن يسمح لهم باستخدام المرافق العامة، وزعم الكثيرون أنهم تعرضوا للضرب، فيما زعم آخرون أنهم شاهدوا حالات اغتصاب”.
وأشار كينغزلي قائلا “لقد توقعت مشاهدة صور يائسة في ليبيا، في بلد أنهكته الحرب ومحاور حرب موزعة بين الميليشيات، ولا توجد فيه مؤسسات عاملة، وليست لديه المصادر الكافية للعناية باللاجئين، الذين يعتقلون لأسباب واهية”.
ولفت كينغزلي إلى أن “هذا أحد الأمثلة التي تنحدر فيها بريطانيا إلى مستوى الدول الفاشلة في ردها على التحدي الإنساني الأعظم لزمننا، لكن المزاعم بحصول معاملة سيئة لطالبي اللجوء، الذين وصلوا إلى كينت أو احتجزوا في يارلز وود، تخفي وراءها ما قد يكون هفوة أخلاقية، وهي الفشل في توطين عدد جيد من اللاجئين مباشرة من الشرق الأوسط، وتوقعات بريطانيا من دول المنطقة أن تقوم بتحمل مسؤولية العناية باللاجئين” .
ويفيد التقرير بأن بريطانيا وعدت بتوطين أربعة آلاف لاجئ كل عام، وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، استنادا إلى أن بريطانيا، التي يبلغ تعداد سكانها 65 مليون نسمة، لا يمكنها استيعاب عدد آخر من الأجانب، ولهذا فإنها تتوقع من لبنان، الذي لا يزيد تعداد سكانه على 4.5 مليون نسمة، التصدي لأزمة اللاجئين وحده.
وقال الكاتب “دعونا نضع جهود بريطانيا العرجاء في سياق مختلف: في الشهر الذي اتخذ فيه قرار استقبال لاجئين في سبتمبر، كان يصل إلى الشواطئ اليونانية لاجئون كل يوم أكثر مما وصل إلى بريطانيا في عام 2016 كله”.
وعلق كينغزلي قائلا: “باختصار، تتوقع بريطانيا من دول تعاني من أزمات مالية حادة (اليونان) أو لديها عجز إداري (ليبيا ولبنان)، الالتزام بمعايير عالية من المعاملة الإنسانية، أكثر مما تلتزم هي به، وفي الوقت ذاته، فإن بريطانيا تؤكد أنها لا تستطيع تقديم خدمات عالية أكثر من هذه الدول، وهو ما يشي بأن هناك فشلا ليس في الأخلاق فقط، لكن في المنطق أيضا”.
ونوهت الصحيفة إلى أنه “من ناحية عملية، فإن الإستراتيجية البريطانية غير منطقية، فالسبب الذي جعل بريطانيا تترك مئات اللاجئين محشورين في كوخ في كينت العام الماضي، هو أمر مضاد للحس، وله علاقة بأن الدول في عالم الشمال قد تخلت عن التزاماتها الأخلاقية العالية لمساعدة الشرق الأوسط في التصدي لأزمة اللاجئين ومعالجتها”.
وأورد التقرير أن “السوريين أجبروا على مدى أربعة أعوام على العيش بطريقة غير قانونية في الشرق الأوسط، ودون أن يسمح لهم بالدخول إلى سوق العمل أو التعليم والصحة، وعول الكثيرون على إجراءات إعادة التوطين، ووثقوا بذلك، وكانوا مخطئين، بأن تقوم دول مثل بريطانيا بتوفير مستقبل طويل الأمد لهم”.
وقال الكاتب “أخبرني مسؤول بارز في مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في الأردن أنه (لو كانت هناك إمكانية لأن لا يعرضوا حياة عائلاتهم للخطر فسيختارون هذا الأمر)، ولكنهم يتحركون عندما لا ينجحون في ذلك”.
واختتمت “الجارديان” تقريرها بالقول إنه “في عام 2015، عندما شعر الناس أن دولا، مثل بريطانيا، لن تساعدهم طوعا، فإن هذا ما فعلوه، ووصلوا إلى أوروبا، ووصلت نسبة صغيرة منهم إلى دوفر، حيث كانوا يرتجفون على أرضية الكوخ، وعوملوا بطريقة غير أخلاقية، وصفها مفتش السجن هذا الأسبوع بأنها غير المقبولة، وهذه هفوة واضحة في الأخلاق البريطانية، وعلينا أن نتذكر أنها كانت سببا لهفوة أكبر، لكن لم يعرف بها أحد”.
العرب القطرية