مع امتداد عمر الحرب في سوريا وكثرة تشعباتها على كافة الأصعدة، مصير مجهول وواقع مخز يواجهه السوريون يوما بعد يوم ورغم التكهنات السياسية والعسكرية من قبل كثير من الناشطين والسياسيين على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تفيض بالتحليلات استنادا للمعطيات والتغييرات الطارئة على الساحة ماتزال الرؤية المستقبلية لمصير ما يسميها البعض الأزمة السورية ضبابية نظرا لكثرة الأطراف المتنازعة والدول المساندة لكل طرف.
ومن يتابع مجريات الثورة السورية منذ انطلاقتها الأولى بسلميتها ومظاهراتها التي نادت بالإصلاح وإسقاط نظام الأسد يذكر جيدا المخطط الذي نادى به النظام وروج له عن طريق إعلامه وشخصياته السياسية التي حفظت درسها عن ظاهر غيب حيث ينص على خارطة الطريق وتقسيم سوريا لمناطق متعددة كل منها تحت حكم طرف على غرار اتفاقية “سايكس بيكو” سابقا، إلا أن السوريين المناهضين للنظام كانت آمالهم تفوق ذاك المخطط فلم تقم له أي حساب بل كان جل همهم إسقاط النظام والمضي قدما نحو سوريا جديدة بعيدا عن سياسته المبنية على أساس الحكم الطائفي.
وبعد توجه المعارضة من السلمية للتسليح، حدثت تغييرات كثيرة بخارطة الطريق التي أزمعها النظام واتبع بدوره سياسة الأرض المحروقة وكللها بالتهجير القسري مرغما أهالي المناطق التي أطبق الحصار عليها على الخضوع لشروطه وترك موطنهم والتوجه نحو الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة لتكون تلك المناطق أرض المحشر لهم، رغم عودة المظاهرات السلمية التي نادت بتوحد الفصائل ورفض فكرة التهجير إلا أن نداءاتهم وأصواتهم المبحوحة لم تلق آذانا صاغية كالعادة من الأوساط المحيطة والتي تدعي حرصها على مصلحة الشعب، فلم تحقق تلك المظاهرات شيئا سوى استمرار مسلسل التهجير وكان آخرها خروج أهالي حي الوعر بعد أن ذاقوا أشد أنواع العذاب سواء بالقصف المستمر أو بالحرب النفسية.
وماتزال الدول التي تدعي أنها تدعم المفاوضات الرامية لحل الأزمة في سوريا تطبق المثل “أسمع جعجعة ولا أرى طحنا” حيث ستبدأ الجولة السادسة من مفاوضات جنيف ولم تثمر لغاية اللحظة بنتائج ملموسة أو بوادر أمل لإنهاء الحرب الدامية بل على العكس، فالنظام يواصل انتهاك حقوق الإنسان مستغلا كافة الطرق الممكنة لبسط سيطرته من خلال ارتكابه المجازر اليومية بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة دون أن يرف لتلك الدول جفن.
أرقام تتوالى وأعداد تتزايد، فبات السوريون مجرد أرقام على شاشات الأخبار وهنا وهناك، وسط تخوفات من تبعيات اجتماعات الدول الداعمة لأطراف النزاع، ليقولوا جملتهم المعتادة “الله يجيرنا من اجتماعاتن”، ترى لى متى سيبقى الشعب السوري مجرد أحجار في لعبة الساسة الكبار يحركونهم أينما شاؤوا وبحسب مصالحهم ليكون مصير مستقبلهم مكسوا بالغموض والعذاب؟.
المركز الصحي السوري_سماح الخالد