اعتبرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية أن التقارب التركي الروسي -الذي توجته أمس زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى موسكو- بات يثير المخاوف لدى الغرب، خاصة فيما يتعلق بالاتجاه السياسي لتركيا في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وهذه هي أول زيارة للرئيس التركي إلى خارج البلاد في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة، كما أنها تأتي كأول تطبيع عالي المستوى للعلاقات بين أنقرة وموسكو منذ التوترات التي شابت العلاقة بين البلدين في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية من قبل الطيران التركي، قبل عدة أشهر أثناء مهمة قتالية لتلك الطائرة في سوريا.
زعيما البلدين تعهدا بإعادة تشغيل مشاريع الطاقة الرئيسة، وأيضاً رفع العقوبات المتبادلة بين البلدين، فيما اعتبر أنه بداية مرحلة لتجاوز شراكة تركيا لحلف الناتو.
أردوغان شكر خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على موقف روسيا من الانقلاب الفاشل، معرباً عن أمله في أن تعود العلاقات بين البلدين إلى أفضل مما كانت عليه.
كما انتقد أردوغان الغرب لموقفه الفاتر من الانقلاب الفاشل في بلاده، والذي أدى إلى مقتل 250 شخصاً، مجدداً مطالبة بلاده لواشنطن تسليم المعارض التركي فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة.
الزعيمان لم يخوضا في النقاط الخلافية، وتحديداً الملف السوري، حيث تدعم موسكو بقوة بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد، في حين تعتبر أنقرة أن وجود الأسد بات غير ممكن في ظل المجازر التي ارتكبها بحق الشعب السوري، كما لم تتطرق المباحثات إلى المطالب الروسية لأنقرة بدفع تعويضات عن إسقاط الطائرة الروسية ومقتل قائدها.
خطوة الرئيس التركي بالتقارب مع روسيا وزيارتها كأول محطة خارجية عقب الانقلاب الفاشل، رأى فيها بعض المراقبين بداية مرحلة لابتعاد تركيا عن حلفائها التقليديين، وخاصة في ظل مشاعر العداء المتزايدة لتركيا في الغرب.
يقول سونر جاغايتاي، مدير برنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن لقاء بوتين أردوغان “صفقة كبيرة” بالنسبة للسياسة الخارجية التركية، التي باتت تقف على مفترق طرق.
ويضيف: “لأول مرة تتم مناقشة جدية لعضوية تركيا في الحلف الأطلسي، الأمر الذي قد يبدو أنه دفع المسؤولين الأتراك إلى التحرك باتجاه روسيا”.
إنجاز محور تركيا روسيا لا يبدو أنه صعب، خاصة مع انخفاض حالة الجيش التركي في أعقاب الانقلاب الفاشل، وهو الجهة التركية الأقوى التي تتمتع بعلاقات ومصالح قوية مع حلف الأطلسي.
الجانب الشخصي في العلاقة بين موسكو وأنقرة يبدو أنه هو الآخر يؤدي دوراً مهماً في التقارب الذي تحقق أمس في لقاءات الزعيمين التركي والروسي، فقد ركز الزعيمان خلال لقاء يوم أمس على هذه النقطة، الأمر الذي يرى العديد من المراقبين بأنه قد يشكل نقطة انطلاق جديدة للعلاقات بين البلدين، بعد فترة من التأزم والتوتر التي سادت العلاقة خلال الفترة الماضية.
الأيام