بدأت صحيفة “الـغارديـان” البريطانية افتتاحيتها بالقول، “آباء متعبون يحملون على أذرعتهم أطفالهم الخائفين، والشباب الصغار يدفعون الرجال الكبار في العمر بعربات بدائية أو على كراسي متحركة، وتقوم العائلات بجر حقائبها المتخمة”.
وتبين الافتتاحية أن “هذه مشاهد من موجة الهجرة الجديدة من حلب الشرقية، فمع دخول قوات الحكومة إلى آخر معقل للمعارضة في المدينة، بمساعدة من المليشيات الشيعية من العراق وإيران وحزب الله، فقد تم اعتقال المئات من الرجال الذين اختفوا، وتخشى عائلاتهم ومنظمات حقوق الإنسان من أنهم قتلوا، أو أنهم كانوا ضحايا لشبكة الأسد من السجون ومراكز التعذيب التي قتل فيها الآلاف”.
وتشير الصحيفة إلى أن “الهجمة الشرسة التي يقوم بها النظام السوري والروس جارية منذ أسابيع، لكنها أصبحت اليوم أكثر كثافة، حيث تتقدم نحو ما يمكن القول إنها نهاية اللعبة، التي تقوم على استراتيجية القصف العشوائي والإرهاب والتدمير، فقد حذرت الأمم المتحدة من تحول المدينة الثانية في سوريا إلى مقبرة جماعية ضخمة جراء هذه الاستراتيجية، وكان الجيش التابع للنظام قد وزع الملصقات التي تدعو المواطنين إلى الفرار أو مواجهة خطر الإبادة”.
وتجد الافتتاحية أن “حلب، التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون لنظام الأسد، مكتوب عليها الدمار والهزيمة الشاملة، وتظهر الرسائل التي وضعها السكان على مواقع التواصل الاجتماعي المناشدات الأخيرة، وتعبر عن فقدان الأمل، ووصف ممثل للأمم المتحدة الوضع بأنه (سقوط في الجحيم)، وكان مسؤول في وزارة الخارجية قال إنه لا يمكن فعل الكثير، فقد دعت الدول الغربية إلى انعقاد جلسة طارئة في مجلس الأمن”.
وتستدرك الصحيفة بأنه “بعيدا عن كلمات الشجب والتحذير من الكارثة الإنسانية، وما تحدثت عنه فرنسا (من مجازر كبيرة قد تحدث)، فإن عجز مؤسسات الأمم المتحدة بدا واضحا، وفي لندن، وأثناء جلسة مساءلة رئيس الوزراء في البرلمان، جلب النائب “أنغاس روبرتسون” الأزمة السورية للنقاش، ومرة أخرى تجنب نواب حزب العمال السؤال”.
وتلفت الافتتاحية إلى الآلة الدعائية الروسية، التي كانت ناشطة للعمل مع النظام السوري، وحاولت تأطير الأحداث في لغة “التحرير” لسكان وصفتهم بأنهم رهائن للإرهاب “الإسلامي”.
وتعلق الصحيفة قائلة إن “هذا كلام غير صحيح، كما أنه مثير للسخرية، فـ(الإرهابيون) هي صفة ألصقت بمعارضة الأسد منذ بداية ثورة الشوارع السورية ضد الديكتاتورية عام 2011، وهي ثورة تحولت إلى حرب أهلية، بعدما قررت حكومة دمشق نشر القوة العسكرية ضد شعبها، التي اشتملت على الصواريخ والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية”.
وتبين الصحيفة أن “روسيا لم تغض الطرف عن هذه المذابح، بل ساعدت فيها، ويقول المسؤولون في موسكو الآن إنه سيتم حل الأزمة في حلب مع نهاية العام، وهذا يعني تعرض ما يقدر عددهم بـ250 ألف نسمة، ممن بقوا في حلب الشرقية، إما للتشريد أو الاعتقال أو القتل”.
ونشرت صحيفة “الغارديان” مقالا للكاتب “مارتن شلوف” بعنوان، “تنامي المخاوف بعد اختطاف القوات السورية الحكومية 500 رجل من حلب”.
وقال كاتب المقال، إن “أهالي مدينة شرقي حلب في حالة من القلق الشديد على مصير هؤلاء الرجال الذين اختطفوا على يد قوات موالية للرئيس السوري بشار الأسد بعدما استطاعت السيطرة على ثلثي المدينة التي كانت تحت سيطرة المعارضة السورية”.
وأضاف كاتب المقال، أن “3 عائلات اتصلت بهم الغارديان أكدوا أنهم لم يسمعوا أي خبر عن أقربائهم الذين اعتقلوا في حي مساكن هنانو الأحد بعدما استطاعت الميلشيات العراقية واللبنانية السيطرة على أجزاء من المدينة خلال ساعات من نشوب الحرب”.
وقال أحد الرجال الذين فروا من حي مساكن هنانو: إن هذه الميلشيات اختطفت ابن أخيه (22 عاما) وعمه (60 عاما)، مضيفاً أنه لا يعلم إن كان سيراهم مجدداً أم لا.
وأكد أحد السوريين الذي اختار البقاء في شرقي حلب – وقد رفض نشر اسمه – لكاتب المقال “حلمنا بأنه سيتم إنقاذنا في يوم من الأيام ذهب أدراج الرياح، ولم يساعدنا أحد، سنموت في هذا المكان وستموت الإنسانية معنا”.
وتختم “الغارديان” افتتاحيتها بالقول إنه “من الصعب فهم تداعيات الحرب في حلب على التشدد وميزان القوى في المنطقة، لكنها بالتأكيد ليست جيدة”.
المركز الصحفي السوري _ صحف