ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى قرار الملك سلمان بن عبد العزيز تنحية الأمير محمد بن نايف عن ولاية العهد، وإعفائه من منصبه وزيرا للداخلية، بشكل مهّد الطريق لابنه الأمير محمد بن سلمان لخلافته على العرش، لافتا إلى أن الملك يرغب في وصول ابنه للعرش، ونجاح خطط الإصلاح حالة وفاته، وهناك تقارير تقول إنه قد يتنازل عن العرش قريبا، وهو أول ملك سعودي يفعل ذلك من تلقاء نفسه.
ويفيد الكاتبان بأن ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف كانت له سمعة لدى المؤسسات الغربية بأنه الرجل الذي قام بمواجهة تنظيم القاعدة في السعودية، وإحباط مؤامرات خطط لها ضد المصالح الغربية، مشيرين إلى أن تنظيم القاعدة استهدفه عام 2009، في محاولة انتحارية نجا منها.
وتلفت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتصل بمحمد بن سلمان وهنأه على الترفيع، حيث “ناقش الزعيمان أولوية قطع مصادر التمويل للإرهاب والتطرف، وكيفية حل أزمة قطر الحالية”.
وينوه التقرير إلى أن بريطانيا أقامت علاقات قوية مع الأمير ابن نايف، ولم تكن تتوقع رحيله، حيث قال مسؤول في الحكومة البريطانية: “لم يكن رحيله متوقعا”، وتم تعيين ابن أخيه الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، ما يؤكد استمرار السياسات ذاتها.
وينقل الكاتبان عن مصدر، قوله إن التعاون الأمني لا يعتمد على شخص، حيث إن الشراكة مع الحلفاء في مكافحة الإرهاب تعتمد على المؤسسات، إلا أن صغر عمر عبد العزيز، وقلة خبرته في أجهزة الأمن السعودية، يمثلان قلقا للمؤسسات الأمنية الغربية.
وتورد الصحيفة نقلا عن محللين، قولهم إن ولي العهد بنى صورة دولية له في ستة أشهر، وهي التي قضى ابن نايف عقدا من الزمان في بنائها، وقال مصدر سعودي إنه سيؤكد التعاون بين العمليات الخارجية والداخلية إلى أقصى المستويات.
ويشير التقرير إلى أنه ينظر لولي العهد الجديد على أنه مهندس حرب اليمن عام 2015، التي أدت إلى مقتل ما يقرب من 10 آلاف مدني، معظمهم من الغارات الجوية السعودية والدولة المتحالفة معها، الإمارات العربية المتحدة، لافتة إلى أن الأمير قاد حملة حصار قطر، التي تتهمها الرياض بعلاقات قريبة مع إيران والجماعات الإسلامية المتطرفة.
ويذكر الكاتبان أن ترامب التقى ولي العهد مرتين، وأعرب عن إعجابه بأسلوبه القوي، وأعلن عن دعمه، لافتين إلى أن محمد بن سلمان لم يكن معروفا قبل وصول والده للعرش عام 2015، وتم تعييه نائبا لولي العهد بعد ثلاثة أشهر، وتم تعيين محمد بن نايف وليا للعهد، حيث تم نقل الولاية لأحفاد مؤسس المملكة عبد العزيز بن سعود، بعدما كان أبناؤه يتداولونها فيما بينهم.
وتبين الصحيفة أنه بدا منذ اليوم الأول أن محمد بن سلمان سيكون خليفة والده، حيث تم تعيينه مديرا للديوان الملكي، ووزيرا للدفاع، وأعلن أنه سيغير طريقة الحكم في البلاد، وبدأت الشركات الاستشارية تتدفق على المملكة لتقديم رؤى حول تقليل اعتماد البلد على النفط، وكانت النصيحة هي خصخصة أجزاء من شركة “أرامكو”، وفرض ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الضرائب، والسماح بألوان من الترفيه في المملكة المحافظة.
وبحسب التقرير، فإن الأمير قام بالحد من سلطة الشرطة الدينية، وخفف من القوانين التي تقيد حرية المرأة، لكنه لم يظهر إشارات للتسامح مع المعارضة السياسية، و”لهذا فترفيعه هو محاولة لتأكيد مواصلة عملية الإصلاح دون معارضة، ونقل عنه بعض الدبلوماسيين، قولهم انه سيظل في الحكم 50 عاما ليرى نتائج الإصلاح”.
ويعلق الكاتبان قائلين إن “الملك اطلق قبل عامين رحلة سفينته وسط أجواء من عدم اليقين، وها هي الآن تترك الميناء إلى وجهة غير واضحة، فلدى السعودية الآن ولي عهد عمره 31 عاما، قاس وطموح وانفعالي ومنفتح على العالم”.
وترى الصحيفة أن “خطوة الملك محفوفة بالمخاطر، ولم يكن أمامه إلا وضع آماله في ابنه، والخطر يكمن في قدرة الأمير على تحقيق خطته أكثر من التفكير برؤية، فالتصميم الذي كان من ملامح ابن الملك المفضل جعل من نموذجه للمستقبل واضحا، فغالبا ما ذكر دبي، وعندما يتم الحديث عن الإمارة المرتبطة بالجنس والتسوق، فإنه يتحدث عن سنغافورة، التي تعد ناجحة اقتصاديا، وليس غريبا أن يكون أستاذه في المنطقة هو ولي العهد في أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد”.
ويقول الكاتبان إن “(م ب س/ محمد بن سلمان)، و(م ب ز/ محمد بن زايد) معروفان في دائرة القيادة العالمية، فـ(م ب ز) هو الحاكم الفعلي للإمارات، التي تعد فيها دبي أنجح إمارة ابتعدت عن النفط، وما يدهش الكثير من زوار الرياض الأمريكيين هو أن السعودية من المفترض أن تكون عكس المادية والغرب العلماني، لكنها مليئة بناطحات السحاب والمطاعم السريعة والحفلات الموسيقية التي عادت، وهناك حديث عن دور السينما، ويقول مستشارو الديوان الملكي إن الحظر على قيادة المرأة للسيارات لا يزال قائما؛ لأنه حجر أساس ضد الضغوط الخارجية، ولان العائلات المحافظة ترفض رفع الحظر عنها”.
ويضيف الكاتبان أن “رؤية محمد بن سلمان هي محافظة في المعنى السياسي، وسيكون حاكما مستبدا وليبراليا من الناحية الاجتماعية، ولن يرضي هذا أيا من طرفي المجتمع؛ السلفيين المحافظين الذين سيرفضون الاختلاط بين الجنسين، وإخضاع الدين للتجارة، التي يحاول إصلاحه إنجازه، وسيحاول الليبراليون انتهاز كل فرصة للدفع باتجاه الإصلاح السياسي”.
ويذهب التقرير إلى أن “الأمير قد ينجح في معالجة الفقر على المدى البعيد، لكنه سيزيده سوءا، ولن يفعل إلا القليل لمعالجة التفاوت في الحكم المطلق، وبحسب (نيويورك تايمز)، فإنه أخذ وقتا قبل فترة واشترى يختا ثمنه 500 مليون دولار في البحر المتوسط”.
وتختم “التايمز” تقريرها بالقول: “سيجد الأمير إلى جانبه شخصين مهمين، ترامب، الذي أقام معه علاقة قوية، ويعتقد الرئيس أنهما يشتركان في الرؤية، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكما ثبت في الماضي فإن روسيا وأمريكا من الأصدقاء المتقلبين”.