شهدت أسواق إدلب في الآونة الأخيرة انتشار العديد من البضائع الإيرانية بمختلف أصنافها، رغم إغلاق كافة المعابر الداخلية وانقطاع تلك البضائع لفترة من الزمن، كما يدّعي القائمون عليها، ورغم انخفاض قيمة هذه البضائع مقارنة بمثيلاتها، يتذمر غالبية الأهالي من انتشارها ويطالبون بمعرفة المسؤول عن إدخالها.
كيف يُشرع النظام السوري السيطرة على الأملاك
وحسب بعض الأهالي وتجار الجملة يوجد في أسواق إدلب أكثر من 30 صنفاً من البضائع الإيرانية، موزعة بين الصناعية وقطع الغيار وبين مواد البناء والإعمار كالسيراميك والغرانيت والحديد وأطقم الحمامات، عدا عن وجود بعض أنواع الخضروات والفواكه الإيرانية والتمور، إضافة لقشر الفستق الحلبي الذي بات سلعة أساسية عند الأهالي في فصل الشتاء للتدفئة به، كونه أقل تكلفة من باقي مواد التدفئة الأخرى.
معابر داخلية مخصصة للتهريب
الكل يستغرب من وجود البضائع الإيرانية في إدلب وشمال حلب، ولكن لابدّ من وجود جهة أو جهات متعددة مسؤولة عن استيراد هذه البضائع ونشرها في المناطق المحررة، كما يقول تاجر الجملة سعيد الحاج، الذي أوضح في حديث لأورينت نت أن “هناك عدة طرق وأساليب وجهات مسؤولة عن إدخال البضائع الإيرانية إلى إدلب وشمال حلب، ومن بين هذه الطرق وجود بعض المعابر الداخلية المخصصة للتهريب، وخاصة المعابر المتاخمة لبلدات نبّل والزهراء الشيعيّتين، والمعابر المتاخمة لقوات قسد”.
ويعتبر الحاج أن الجانب الآخر للمعبر والمحسوب على مناطقنا هو المسؤول الأول، لسماحه دخول مثل تلك البضائع والتغاضي عنها مقابل إتاوات وضرائب جمركية خاصة بهم وتعود لخزائنهم الخاصة، مؤكداً أنه “في شمال حلب هناك جهتان مسؤولتان عن إدخال وتهريب البضائع الإيرانية لداخل ريف حلب الشمالي وإدلب، وهما بعض القيادات العسكرية الموجودة في منطقة (براد) جنوب عفرين وأخرى عند معبر الحمران شرق حلب، والجهة الثانية هي بعض تجار الأزمات والذين هم على علاقة قوية مع الجهة الأولى ومع جهات مماثلة في مناطق سيطرة نظام أسد”.
من جهته أكد العميد قاسم القاسم مدير معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، أن “أغلب البضائع الإيرانية المصرّح بمنشئها الإيراني تأتي عبر طرق التهريب وبعض المعابر الداخلية، وأغلب هذه البضائع تأتي من إقليم كردستان العراق عبر معبر سيمالكا ومنها لمناطق قوات سوريا الديمقراطية، ومن ثم إلى شمال حلب عبر بعض طرقات التهريب أو المعابر كالحمران وغيرها”.
تغيير المنشأ في تركيا
أما الطريقة الثانية لإدخال البضائع الإيرانية إلى إدلب وشمال حلب، أوضح مدير معبر باب السلامة لأورينت نت أن “أغلب البضائع الإيرانية التي تدخل عبر المعابر الخارجية هي بالأصل مصرّح بمنشئها كمنشأ غير إيراني، فجميع تلك البضائع يتم تجميعها بمستودعات داخل تركيا ومن ثم تغيير منشئها لمنشأ دولة أخرى كأذربيجان أو تركمانستان أو تركيا، ومن بعدها يتم إرسالها إلى الداخل السوري”.
من جانبه كشف صاحب إحدى شركات الاستيراد والتصدير في إدلب “محمد بازرباشي” لأورينت نت أن “عشرات المستودعات المنتشرة في مناطق كلّس وعينتاب والريحانية وأنطاكيا ومرسين وماردين، تُستعمل لتكديس البضائع الإيرانية كالحبوب والخضروات والبقوليات والمواد الصناعية ومواد البناء، ومن ثم تغيير منشئها من قبل تجار سوريين بالتعاون مع تجار أتراك وإيرانيين وإرسالها ببيان جمركي جديد إلى داخل سوريا، وذلك بعد إعادة تغليفها بأغلفة مختلفة عن الغلاف الأساسي وبلغات مختلفة، ولكن بعض الأغلفة الداخلية تبقى باللغة الإيرانية، ومن ثم تصل سوريا عبر المعابر الحدودية لتُباع بشكلها العلني على أنها بضاعة إيرانية وبأسعار أقل من مثيلاتها أحياناً”.
كما أشار بازرباشي إلى أن بعض التجار يقومون بإعادة تعبئتها داخل إدلب للمرة الثانية وتغليفها وبيعها كبضاعة مستوردة دون تحديد منشئها الإيراني، وذلك خاصة للمواد التي من المحتمل فسادها أو جودتها متدنّية، وأما البضائع الإيرانية المعروفة ببعض جودتها في الأسواق فيتباهى التجار بوجودها داخل مستودعاتهم كالغرانيت والسيراميك والزيوت المعدنية وغيرها من المواد”.غزو اقتصادي
وتواصلت أورينت نت مع مسؤول العلاقات الإعلامية في معبر باب الهوى مازن علوش الذي أكد أن وجود البضائع الإيرانية في إدلب هو عبارة عن “غزو اقتصادي وفكري خاص بالثورة السورية وتضحياتها، ودور إيران الإجرامي بحقّ السوريين”، نافياً دخول البضائع الإيرانية من معبر باب الهوى والتصريح بمنشئها، مع تأكيده مصادرة ما يُشتبه به.
كما أكد العميد قاسم القاسم مدير معبر باب السلامة لأورينت أن إدارة المعبر والعاملين به صادروا عدة سيارات شحن تحتوي بضائع إيرانية وآخرها منذ أيام قليلة وكانت تحوي “حفّاضات أطفال” ومادة التمر الإيراني، معتبراً أن إدخال البضائع الإيرانية هو “بمثابة غزو لبلادنا المحررة وتدمير لاقتصاد هذه المنطقة”.
وكان وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة الدكتور عبد الحكيم المصري أوضح لأورينت نت أن “أسعار البضائع الإيرانية هو أدنى من البضائع الأخرى الموجودة في السوق، ولذلك زاد انتشارها وتم الترويج لها بذكاء من قبل بعض ضعاف النفوس، وهذا يؤدي لاحقاً لزيادة قبولها بين أيدي المدنيين وزيادة ثقافة التطبيع الاقتصادي، خاصة وأن وجودها هو بمثابة غزو اقتصادي وعسكري من نوع آخر”.
ووفق الوزير المصري، فإن وزارته أصدرت قراراتها المتكررة بمنع دخول البضائع الإيرانية إلى المناطق المحررة في شمال حلب وإدلب، وبأن هذه البضائع ستؤثر سلباً على كافة شرائح المجتمع من مزارعين ومنتجين واقتصاديين ومستهلكين.
أورينت نت- عمر حاج أحمد