طوّر باحثون في جامعة دريكسل الأميركية طريقة لتحديد وتمييز النسخ الطافرة (المتغيرة) من فيروس كورونا المستجد، الذي يعرف اختصارا باسم “سارس-كوف-2″، بسرعة كبيرة.
وفي دراستهم التي نشرت على موقع أرشيف الأبحاث الأولية (bioRxiv.org) يوم 16 أبريل/نيسان الجاري، أعلنوا عن توصلهم لعلامة وراثية تشبه “الباركود” للكشف عن سلالة الفيروس.
وأشارت تحليلاتهم الأولية إلى وجود ما لا يقل عن ستة إلى عشرة إصدارات مختلفة قليلا من فيروس كورونا المستجد الذي يصيب الأشخاص في أميركا، ووجدوا منه سلالات تطورت مباشرة من السلالة الآسيوية والأوروبية، بالإضافة إلى النوع الأصلي الذي نشأ في الصين.
الباركود
“الباركود”، أو شريط تشفير الحمض النووي (دي أن أي)، هو أسلوب تصنيف يستخدم علامة جينية قصيرة في الحمض النووي للكائنات الحية للتعرف على النوع الذي تنتمي له.
والفكرة مماثلة لشريط التشفير الموجود على أي منتج يمكن شراؤه من الأسواق، لأن كل منتج له رمز مميز يمكن قراءته عن طريق قارئ الباركود.
وهو عبارة عن ماسحة ضوئية تسلط شعاعا من الليزر عليه للكشف عنه، ويعمل الحاسوب المتصل بها على مطابقة هذه الشفرة مع الشفرات المخزنة لديه، فيستخلص كافة المعلومات المرتبطة بهذه الشفرة مثل السعر والكمية والمنتج..
وتم تطوير أداة التحليل الجيني هذه لأول مرة كوسيلة سريعة لتحليل العينات لتحديد محتويات مزيج من البكتيريا، ويمكنها حاليا تحديد ما إذا كان الفيروس قد تغير جينيا من عدمه.
الهدف الرئيسي ليس تحديد التصنيف البيولوجي، ولكن التعرف على عينة غير معروفة من خلال تصنيف معروف سابقا، ويمكنها بعد ذلك تصنيف الفيروسات باستخدام العلامات المسماة علامات النوع الفرعي الزاخرة بالمعلومات.
مجانا للباحثين
أتاح الباحثون أداة التحليل الجيني التي تولد هذه الكودات الجينية مجانا للباحثين، وأكدوا أن تطبيق طريقتهم الجديدة لمعالجة البيانات الجينية للفيروسات يمكن أن تكتشف بسرعة وتصنف الاختلافات الجينية الطفيفة في سلالات فيروس “سارس-كوف-2”.
ويقول الأستاذ بكلية دريكسل للهندسة جيل روزن، الذي قاد تطوير هذه الأداة، لموقع الجامعة “التعرف على الاختلافات يسمح لنا برؤية كيف تغير الفيروس أثناء انتقاله من مجموعة سكانية إلى مجموعة سكانية أخرى. ويمكنها أيضا أن تبين لنا المناطق التي نجح فيها التباعد الاجتماعي في عزل كوفيد-19”.
ويرى الباحثون أن الأداة الجديدة مفيدة بشكل خاص لأنها لا تتطلب تحليل كامل التسلسل الجيني للفيروس للتعرف على طفراته، وتؤدي إلى اختزال الشفرة الوراثية للفيروس المكونة من 30 ألف قاعدة وراثية إلى علامة قصيرة تتكون من 17 قاعدة وراثية فقط.
وأضاف روزن “إنه يعادل مسح الباركود بدلا من كتابة رقم رمز المنتج كاملا. بالنسبة للعلماء، هذا يعني القدرة على الانتقال إلى تحليل عالي المستوى بشكل أسرع بكثير”.
ويتابع “على سبيل المثال، يمكن لمسؤولي الصحة العامة تتبع ما إذا كانت الحالات الجديدة هي نتيجة انتقال محلي، أو قادمة من مناطق أخرى من الولايات المتحدة أو أجزاء أخرى من العالم”.
دقيقة بما يكفي
في حين أن هذه الاختلافات الجينية قد لا تكون كافية لتحديد السلالات الجديدة من الفيروس بشكل دقيق، ترى مجموعة روزين أن هذه الأداة توفر التعرف على هذه “الأنواع الفرعية” المهمة وراثيا، والكشف عنها، وتحديد مدى انتشارها، ولذلك فإن هذه البيانات دقيقة بما يكفي لتكون مفيدة.
يقول روزن “هذا يسمح لنا برؤية بصمة محددة للغاية لكوفيد-19، وتحديد ظهوره في أي منطقة حول العالم”.
وأضاف “يُظهر تحليلنا الأولي باستخدام البيانات المتاحة للجمهور من جميع أنحاء العالم، أن مجموعة الأنواع الفرعية للفيروس الموجودة في نيويورك هي أكثر تشابها مع تلك الموجودة في النمسا وفرنسا وأوروبا الوسطى، ولكنها ليست شبيهة بالموجودة في إيطاليا”.
واستطرد “النوع الفرعي الآسيوي الذي تم اكتشافه هنا في وقت مبكر من الوباء لم ينتشر كثيرا، وبدلا من ذلك نرى نوعا فرعيا جديدا موجودا فقط في أميركا باعتباره أكثر الأنواع انتشارا في ولاية واشنطن والساحل الغربي”.
هامة للعلاج واللقاح
بالإضافة إلى مساعدة العلماء على فهم كيفية تطفر (تغير) الفيروس وانتشاره، يمكن لهذه الطريقة أيضا أن تكشف عن جزء من الشفرة الجينية الذي يبدو أنه يظل مقاوما للطفرات، وهو اكتشاف يمكن استغلاله في علاجات مكافحة الفيروس.يقول روزن “نرى أن جزأي الفيروس اللذين يبدوان أنهما غير متحولين هما المسؤولان عن دخوله الخلايا السليمة وتغليف الحمض النووي الريبي الخاص به.. كلاهما أهداف مهمة لفهم الاستجابة المناعية للجسم، وتحديد العلاجات المضادة للفيروسات وتصميم اللقاحات”.
نقلا عن الجزيرة