تبعد مدينة الباب عن مدينة حلب نحو 38 كيلومتراً. ولم يبق فيها إلّا 30 ألف نسمة، علماً أن عدد سكانها كان يقدر بـ 200 ألف قبل عام 2011. في الوقت الحالي، يعاني من بقي فيها بسبب المعارك العنيفة بين قوات درع الفرات المدعومة من تركيا والتحالف الدولي، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي يسيطر عليها منذ بداية عام 2014. هؤلاء يعيشون في ظل أوضاع إنسانية صعبة بسبب القصف وصعوبة تأمين احتياجاتهم الأساسية.
في هذا السياق، يقول الناشط الإعلامي في ريف حلب الشمالي، أبو محمد الحلبي، لـ “العربي الجديد”، إن الوضع في مدينة الباب متأزم جداً، لافتاً إلى أن الاشتباكات تتركّز في محيط قباسين الملاصقة لها تقريباً من الجهة الشمالية، عدا عن القصف المتواصل. يضيف أن التنظيم نقل عائلات المقاتلين جميعاً، وسبق أن نزح عدد كبير من المدنيين قبل اشتداد المعارك، إذ يمنع التنظيم العائلات من المغادرة في الوقت الحالي.
ويوضح الحلبي أن المعارك تدور على جهتين من الباب، وما زال التنظيم يملك حرية الحركة إلى الرقة، معقله الرئيسي في البلاد، ما يجعله قادراً على تأمين احتياجاته. ويبيّن أنّ “داعش يحاول استخدام المدنيّين للضغط على مقاتلي المعارضة، كما سبق وفعل في منبج حين استخدم المدنيّين دروعاً بشرية. ويخشى المدنيون استمرار الحرب، وحصار المدينة”.
ويلفت الحلبي إلى أنّه في ظلّ سيطرة التنظيم، يعاني الأهالي من ظروف معيشيّة صعبة ناتجة عن القوانين المتشدّدة. يضيف أن العمليّة التعليمية توقفت على غرار بقية المناطق التي يسيطر عليها، موضحاً أنه يحاول إغراء الأطفال للالتحاق بصفوفه من خلال حفلاته الدعوية. يتابع أن الأهالي ينزحون إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، أو منبج التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية. أما أولئك الذن تضيق بهم السبل، فيتوجهون إلى الرقة.
وتتكوّن الباب من خمس مناطق رئيسية، هي الباب القديمة وتضم حي المصاري وحي حارة العشرة وحي التجارة والجامع الكبير (الأموي) والسوق المسقوف. أما المناطق الجديدة، فتضم المنطقة الشمالية (حي شمالية وحي النصر وحي غرناطة وسوق ساحة مرطو)، والمنطقة الغربية (حي جبل عقيل، وحي غربية، والمستشفى الوطني العام)، والمنطقة الشرقية (حي شرقية، وسوق الهال، وهو أكبر سوق للخضر والفاكهة في المحافظة)، والمنطقة الجنوبية (حي قبلية، وحي الراهب، وحي زمزم، وحي آل نجار، والملعب البلدي).
ويلفت متابعون إلى أنّ استمرار المعارك في ريف حلب للسيطرة على الباب يرتبط بكونها منطقة استراتيجية بالنسبة لجميع الأطراف المتحاربة. لذلك، تعدّ السيطرة عليها فرصة لقطع خطوط الإمداد بين ريف حلب والرقة من جهة، وقطع الطريق أمام قوات سورية الديمقراطية من جهة أخرى، المتّهمة بالسعي للوصول إلى عفرين ذات الغالبية الكردية في ريف حلب، ما يجعلها تربط مناطق الأكراد في الحسكة بمناطقهم في حلب، أي أنهم قد يشكلون “كانتوناً كردياً” يؤدي إلى موجات نزوح كبيرة بين العرب.
يضيف هؤلاء أنّ “المدنيّين في الشمال يعانون جراء الاقتتال، لافتين إلى أنه لا تحييد للمدنيين، خصوصاً من قبل داعش الذي يتصرف معهم كدروع بشرية، ما يضطرهم إلى النزوح باستمرار، علماً أن آلاف السوريّين باتوا يعيشون في البراري، أكان في ريف حلب أو الرقة وغيرها من المناطق. هذا النزوح قد يتكرر، لكن المعاناة الكبرى هي لدى المدنيين المقيمين في مناطق داعش. فإما أن يبقى هؤلاء تحت سيطرة التنظيم، أو يذهبون إلى قوات سورية الديمقراطية رغم احتمال اتهامهم بالعمالة لـ داعش أو النظام. ويرون أن “النزوح هو أبشع صور القهر بالنسبة للمدنيّين الذين يذهبون إلى المجهول”.
زراعة وتربية مواشٍ
تعدّ الزراعة وتربية المواشي مصدر الدخل الأساسي لأهالي مدينة الباب، بالإضافة إلى بعض الحرف والمهن والوظائف الحكومية. وتنتشر الزراعة بشكل كبير في سهل مدينة الباب، خصوصاً زراعة القمح والشعير والبقول، فيما تعدّ زراعة الرمان والفستق والزيتون وغيرها من الخضر محدودة. وتشتهر المدينة بمنتجات الأجبان والألبان.
العربي الجديد