بزخم كبير ومساحات بث واسعة أفردها لها إعلام النظام السوري، انطلقت في سوريا انتخابات مجلس الشعب، في حين وصفتها المعارضة وناشطون بأنها مكررة ومحسومة سلفا وتهدف لتزييف إرادة الشعب.
وتجري الانتخابات لاختيار 250 نائبا لشغل مقاعد مجلس الشعب، التي يتنافس عليها رجال أعمال بارزون مدرجة أسماؤهم على قائمة العقوبات الغربية، وتجري الانتخابات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، ولا تشمل مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري، خاصة في إدلب وأجزاء من ريف حلب.
ونشرت وسائل إعلام النظام السوري صورا للرئيس بشار الأسد وزوجته وهما يدليان بصوتيهما، وقال وزير الخارجية وليد المعلم في تصريحات صحفية أثناء الإدلاء بصوته إن هذا الاستحقاق الدستوري يؤكد أن سوريا ماضية في المسيرة الديمقراطية، وإن الشعب مصمم على إنجاز كل الاستحقاقات الدستورية كتصميمه على تحرير أرضه من الإرهاب ومن كل وجود أجنبي غير شرعي.
وأيضا نقل عن رئيس الوزراء المهندس حسين عرنوس قوله إن الانتخابات تمثل نصرا سياسيا يضاف إلى الانتصارات العسكرية من خلال تفويض الشعب العربي السوري لممثليه، مما يعكس الديمقراطية الحقيقية التي لا تشبه الديمقراطيات التي يزعمونها.
انتخابات هزلية
من جانبها أعلنت الإدارة الذاتية في مناطق سيطرة ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية، أن الانتخابات لن تجري في مناطق سيطرتها شمالي شرقي سوريا، في حين وصفتها المعارضة بالهزلية.
وقال رئيس الائتلاف السوري المعارض نصر الحريري للجزيرة إن هذه الانتخابات تجري في ظل وجود ما يزيد عن 13 مليون مهجر ونازح ونصف مليون مختف قسريا ومعتقل.
وأوضح الحريري أن إجراء هذه الانتخابات في هذه الظروف هو تأكيد من النظام السوري على رفضه لأي محاولة للدخول في عملية سياسية شاملة تحقق الاستقرار في سوريا.
كما أكد الائتلاف الوطني السوري في بيان “أن أي انتخابات تجرى في مناطق سيطرة النظام هي انتخابات غير شرعية لأنها تصدر عن نظام إرهابي فاقد تماما لأي شرعية أو مصداقية” .
واعتبر أن هذه الانتخابات لا تزيد عن كونها إجراءات مخابراتية لا تحمل أي قيمة مؤسساتية على الإطلاق، ولا يمكن النظر إليها بأي قدر من الجدية.
نتائج معروفة
وتعد هذه الانتخابات الثالثة من نوعها منذ بدء الثورة ضد نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد، وهي انتخابات أفرد لها الإعلام الحكومي والخاص مساحات بث مباشر واسعة، وقال إنها شهدت إقبالا كبيرا.
وقد اعتبر ناشطون سوريون أن انتخابات مجلس الشعب شكلية فقط لأن نتائجها معروفة سلفا، إذ دائما ما يحقق حزب البعث الحاكم منذ عقود أغلبية ساحقة في هذا الاقتراع الذي ينظم كل أربع سنوات.
وتساءل هؤلاء “هل حقا يحتاج النظام الحاكم في سوريا لهذه الانتخابات في ظل معرفة جميع السوريين حتى المؤيدين منهم بصيرورة اختيار النواب حتى قبل الانتخابات، أم هي رغبة في تغيير الوجوه فقط؟”.
يرى الصحفي مصطفى السيد أن القاسم المشترك الأعظم لانتخابات مجلس الشعب هو كسر إرادة الشعب، وذلك خدمة منظومة النهب المتشابكة التي سرقت اقتصاد سوريا من الأعلى إلى الأسفل بدءا من الموازنة العامة للدولة وانتهاء بنهب ممتلكات السكان ضمن عمليات النهب الممارسة على الهوية.
ويرى السيد أن هذه الانتخابات تجري لتزييف إرادة الشعب بشكل علني ومفضوح تديره منظومة النهب في سوريا والتي تمتص الناتج الوطني لتضخه في اقتصادات منظومة النهب العالمي التي أوكلت لها مهمة حكم سوريا واستنزافها منذ أول انقلاب عسكري جرى في سوريا عام 1949.
وبحسب السيد، فإن سوريا ستبقى عرضة لتزييف الإرادة حتى يتيسر لشعبها العمل على إبراز قيادات محلية تواجه منظومة الفساد بأدوات قوية تتيح لها مواجهته من دون مزيد من الخسائر للشعب السوري الذي يتعرض للإبادة والتهجير منذ عقود.
دور مجلس الشعب
يدرس ويقر مجلس الشعب مشاريع القوانين المقدمة من الحكومة، ويحق له مساءلة الحكومة كاملة أو وزراءها بشكل فردي وترشيح رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى القيام بمهام وصلاحيات أخرى.
وكان المجلس في العام 2000 وبعيد وفاة الرئيس السابق حافظ الأسد غيّر خلال جلسة واحدة شروط ترشيح رئيس الجمهورية، مما مهد لابنه بشار الأسد تسلم مقاليد الحكم حتى الآن.
تمتد ولاية مجلس الشعب السوري لأربع سنوات، ويقسم المجلس إلى قطاعين هما العمال والفلاحون، وقطاع باقي فئات الشعب، وتوزع المقاعد مناصفة بين القطاعين، لكن القطاعين يوزعان بين أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية بقوائم جاهزة، وللمستقلين عدد من المقاعد.
ويقول النظام السوري إنه يعمل في تشكيلة مجلس الشعب على مراعاة التنوع العرقي والطائفي والديني، لكن دراسة لمركز جسور للدراسات بينت أن المجلس في دوره التشريعي السابق ضم عددا من قادة المليشيات المسلحة الموالية التي أنشأها الأسد بعد العام 2011، بالإضافة إلى ضباط متقاعدين من الأمن والجيش، وهو ما اعتبرته الدراسة شكلا من أشكال المكافأة على خدماتهم.
نقلا عن الجزيرة