الاسلام دين سماوي أنزل على النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب ثم انتشر الى كل بقاع الدنيا في العهدين الاموي و العباسي ثم اتسع نطاق انتشاره في العصر الحديث حتى شمل بلدان تدين بالمسيحية او بلاد لا دينية حتى يمكننا القول انه انتشر حيث يوجد البشر وقد تعايش المسلمين مع شعوب هذه البلاد بسلام و استقرار حتى اليوم .
تعرضت بعض البلاد الى حروب يمكن وصفها حروب دينية استهدف فيها المسلمين كما حصل في افغانستان ثم في الشيشان ثم في الجزائر ثم في البوسنىة والهرسك ثم في الصومال ثم في العراق ثم في اليمن وأخيرا في سورية وقد تدخلت القوى العظمى في هذه الحرب مسخرة مجلس الامن والامم المتحدة لتغطية هذا التدخل و اطلقت حملة الحرب على الارهاب وتم للاسف استهداف اي حركة اسلامية ناشئة تحت ذريعة الارهاب بدأت بتنظيم القاعدة ثم طالبان و غيرها من الحركات الجهادية وقد تطرف العالم بهذه الحرب على الاسلام الى درجة تصوير اي جريمة جنائية على انها اعمال ارهابية يقوم بها المسلمين وتوظيفها في حربه هذه .
اصبحت الحرب على الارهاب وسيلة للمزاودة السياسية من بعض الانظمة العربية والاسلامية حتى انهم دخلوا في احلاف عسكرية للقضاء على اي حركة اسلامية او ما يمكن تسميته على الاسلام السياسي في بلادهم يجدون انها تهدد انظمتهم مما ادى الى ردود افعال من بعض الشباب المسلم ضد هذه الدول وتراوحت هذه الردود بين الاعتدال والتطرف حسب درجة الاستهداف .
العنف والارهاب
العنف : هو سلوك عدواني قد يكون متأصل في شخصية الفرد وقد يكون مكتسباً وقد يكون دائما وقد يكون عابرا والذي يضبط هذا السلوك هو القانون السائد في المجتمع ويمكن القول أن العنف يتناسب طردأ مع إطلاق الحريات فكلما كانت الحريات غير منضبطة كلما زاد منسوب العنف . وهناك عوامل اخرى للعنف منها موروث الكراهية والعدائية القائمة على اسس عرقية او عنصرية او دينية او مذهبية او سياسية مثال النظام العنصري في جنوب افريقيا و الحرب بين البروتستانت والكاثوليك في ايرلندا وبين المسيحيين المتطرفين وبين المسلمين في اوربا وبين اليهود والفلسطين أو السيخ و المسلمين في الهند و كشمير و بورما .
إذا اقررنا ان العنف هو نتيجة طبيعية للمتناقضات في المجتمعات وخروجا على السلوك الطبيعي للبشر الذي رسمته الشرائع السماوية والقوانين عندها لا يمكن وسم أي طائفة او عرق او شريعة او مذهب او دين بالعنف . لان الاحكام تبنى على اليقين ولا تبنى على الظن وعلى القاعدة وليس على ما شذَّ عنها , وحيث ان الاسلام هو اخر الاديان السماوية ونسخ كل الاديان التي كانت قبله فمن الطبيعي ان تظهر ردود افعال ضده التي انحصرت بعدم الاعتراف به ومناصبته العداء وعليه قامت كثير من الدول او منظمات دينية غير الاسلامية بتشويه الاسلام و الاساءة اليه حتى اصبحت سياسة لدى بعض الدول ووصلت ببعضها الى محاربته عسكرياً وأدخلت العالم في مواجهة مع الاسلام من خلال ربط الارهاب به ووجوب حربه من خلال قرارات مجلس الامن او قوانين محلية او منظمات إقليمية الملزمة للدول الموقعة على ميثاق الامم المتحدة بوجوب محاربة الارهاب ( الاسلام ) مما دفع مجموعات من الشباب المسلم الانتظام ضمن تشكيلات وتنظيمات اخذت الجهاد طريقاً للدفاع عن دينها معتبرة إياه حق مشروع بل واجب ديني على كل مسلم مستندة الى نظرية حق الدفاع المشروع المكفول بكل الشرائع السماوية و القوانين الوضعية .
الاسلام والسلم
لقد ورد مصطلحا الأمن والسلم في القرآن الكريم في آيات متعددة كلها دعوة صريحة إلى العمل من أجل استتباب الأمن وتحصيل السلم ونشر معالم الأخوة والتعاون، والإسلام لا يقف عند حدود تقنين الإجراءات الكفيلة بتحقيق الأمن –فحسب- كما هو معروف في القوانين الوضعية الحديثة، بل إنه إلى جانب ذلك يربي في النفوس تحقيق النيات الصالحة والدوافع الخيرة والنزوع الدائم والطوعي إلى الأمن والسلام وتدعيم أسس الألفة والطمأنينة.
وفي السياق نفسه يتجلى تسامح الإسلام مع أتباع المجتمعات الأخرى المخالفة في مظهر السلم وفق مفهوم الصلح والسلامة وضد الحرب.
وقد وردت لفظة “السلم” باشتقاقات كثيرة في عدة مواطن من القرآن الكريم، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (208) سورة البقرة. إذ هي دعوة من الله للمؤمنين أن يدخلوا في السلم كافة, وحذرهم أن يتبعوا خطوات الشيطان؛ لأنه ليس هناك إلا اتجاهان اثنان: إما الدخول في السلم كافة، وإما اتباع خطوات الشيطان, إما هدى وإما ضلال, إما إسلام وإما جاهلية, إما طريق الله وإما طريق الشيطان, وإما هدى الله وإما غواية الشيطان, وبمثل هذا الحسم ينبغي أن يدرك المسلم موقفه، فلا يتلجلج ولا يتردد ولا يتحير بين شتى السبل وشتى الاتجاهات, مع ملاحظة أن اتباع الدعوة إلى الدخول في السلم يعني النهي عن اتباع خطوات الشيطان يعني أن عكس السلم التي هي الحرب هي من إيعاز الشيطان, وكما قال تعالى: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ} (61) سورة الأنفال. أي: وإن مالوا إلى السلم عن رغبة صادقة.
ويكفي لإبراز أهمية السلم في الإسلام أن نعرف أن لفظ “الإسلام” نفسه مشتق منه، إذ هو يعني الانقياد والاستسلام لله تعالى، ثم إنه -عز وجل- يدعو إلى دار السلام: {وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (25) سورة يونس. والمقصود دار الأمن والاستقرار والطمأنينة.
وعندما نكون مطالبين بتبادل تحية السلام وإفشائها فذلك أكبر دليل على أنه لا مكان للعنف والخشونة والكراهية بين المسلمين, فإفشاء السلام ينتج عنه إشاعة المحبة والوئام ونفي كل مظاهر الصراع والاعتداء، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ) .
وإن المتأمل في دعوة القرآن إلى السلم يجدها في واقع الأمر راجعة إلى أسباب كثيرة كلها نبذ لمنطق القوة السلبية وأسلوب العنف وإقصاء الآخر، نكتفي بالإشارة منها إلى:
أولاً: إنه يقوم على التعارف والتعاون، فالقرآن الكريم يؤسس لمبدأ التعارف بين الأمم والشعوب والحضارات: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (13) سورة الحجرات.
فالتنوع بين الناس وامتدادهم وتكاثرهم على ربوع الأرض لا يعني أن يتفرقوا أو تتقطع أواصرهم، كما لا يعني هذا التنوع أن يتصادموا ويتنازعوا ويلجأوا إلى استعمال القوة والعنف للسيطرة من أجل الثروة والقوة والسيادة وإنما ليتعارفوا، فللتعارف دور كبير في الحيلولة دون وقوع حوادث العنف والنزاع والصدام وهو يكفل نسبة كبيرة من نجاح لقاءات التفاهم والنقاش والتحاور.
وإن المبدأ القرآني في الدعوة إلى التعارف وهو مبدأ إنساني حضاري سام يهدف إلى استبعاد وإقصاء سبل التفكير في استخدام العنف أو الصدام أو الاعتداء، فهو يقرب الأفكار والمسافات وينسج أواصر التعاون والتقارب.
ثانياً: إنه يدعو إلى الحوار الذي يسعى إلى تبادل وجهات النظر وإبداء الرأي والإقناع به في حل جميع المشكلات، قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (125) سورة النحل.
و ورد السلم والسلامة والسلام في اللغة بمعنى البراءة من العيوب والآفات والأمراض الظاهريّة والباطنيّة, والقلب السليم في قوله تعالى: {إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (84) سورة الصافات. أي: سلامة القلب من الآفات كالشكّ والحسد، والكفر وحب الرئاسة.
وسبل السلام عبارة عن الطرق التي لا تعتريها الآفات كالخوف والخطر وغيرهما, قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ} (16) سورة المائدة. وكذلك دار السلام في قوله -جلّ شأنه-: {لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (127) سورة الأنعام. فإنّها تعني المأمن البعيد عن الآفات والأخطار.
والسلام الذي هو شعار وتحيّة في قوله -جلّ من قائل-: {وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (54) سورة الأنعام. يعني تمنّي السلامة وخلوّ الحياة من الآفات والبليّات والأخطار، وتحيّة أتحف الله بها من اجتاز معبر الصبر، قال -عزَّ اسمه-: {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (24) سورة الرعد. ولا يقال السلام بوصفه شعاراً في مقابل دعاة السلم فحسب، بل يقال أيضاً في مقابل الأشخاص الذين يعرّضون السلم للخطر من خلال تصرّفاتهم الرعناء، قال -عزَّ من قائل-: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (63) سورة الفرقان. ولا يقرّ القرآن بالفظاظة، وعدم التصديق، وسوء الظنّ في مقابل من يلقي السلام، كما قال تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} (94) سورة النساء. ويمثّل السلام أفضل الحالات التي يشعر بها الإنسان عند دخوله الجنّة وحصوله على وثيقة الخلود فيها، فقد قال -جلَّ وعلا-: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} (34) سورة ق.
والإسلام بمعنى الانقياد؛ والتسليم بمعنى الخضوع؛ وسمّي الإسلام بهذا الاسم في قوله تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} (85) سورة آل عمران؛ لأنَّ الدين الحقيقي هو الانقياد لله.
والسلامة والمسالمة والصلح الحقيقي أُمور تتحقّق في ضمير الإنسان عندما يبلغ الانقياد التامّ لله تعالى ،قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} (19) سورة آل عمران.
لا يُنكَر أنَّ ما تتطلّبه فطرة الإنسان في علاقاته مع بني جنسه في ميادين الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة المختلفة هو الصلح والتعايش بغضّ النظر عن العوامل الخارجيّة, وهذه الحالة الفطريّة ترتبط ارتباطاً عميقاً متلاحماً بالشمائل الطيّبة والسجايا الرفيعة، والملكات المحمودة المكتسبة للإنسان, ومبدئيّاً، ينبغي أن نعتبر ذلك من المظاهر المعنويّة للحياة والوحدة الروحيّة للناس.
وعلى الرغم من أنَّ حالة الصراع والحرب بين الناس تنبع من عواطف باطنيّة جامحة، وأنَّ غريزة حبّ الذات وحسّ استغلال الآخرين, والغرائز النابعة عنهما تؤدّي دوراً مهمّاً في التمهيد للحرب ونشوب حالة الصراع، إلاّ أنّنا ينبغي لنا أن لا نغفل عن أنَّ ارتباط الحرب بالغرائز البشريّة يمكن أن يكون مقبولاً في حالة تطرّف الإنسان في استغلال الغرائز الباطنيّة, ومن هذا المنطلق، لو دقّقنا في تلمّس العوامل الداخليّة والأسباب النفسيّة لظاهرة الحرب في الإنسان، فينبغي أن نضع إصبعنا على الحالة النفسيّة الطارئة، أو على ما يسمّى بالغرائز الثانويّة التي تأخذ اسمها من الإفراط والتفريط في استغلال الغرائز الأوّليّة، ونعتبر الحالات الانحرافيّة الباطنيّة سبباً جوهريّاً لها.
ومن جهة أُخرى، فإنَّ العلاقة الفطريّة والطبيعيّة والأخلاقيّة التي تربط الإنسان بالتعايش والسلم تلقى الترحيب والتأييد من منظار الحقائق التاريخيّة البيّنة، وأنَّ مبادئ وقواعد العقل والفكر والعلم تعزّز هذه العلاقة المعنويّة أكثر من ذي قبل .
الاسلام والجهاد
أ– أن مفهوم الجهاد لغوياً هو استفراغ الوسع وبذل الطاقة، وهو يعني جوانب كثيرة ومتعددة، فهناك الجهاد بالعمل السياسي، والجهاد بإنفاق المال، وجهاد النفـس الذي هو أعلى مراتب الجهاد وسماه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الجهاد الأكبر، ثم هناك الجهاد بمدلول القتال.
ب– أن الجهاد بمعنى القتال لا يكون إلا عند الضرورة، لأن الإسـلام يعتـبر الحرب جريمة وخرقا للسـلام، لا يقـبلها إلا إذا كانت لها دواع عادلـة مشروعة.
هذا، ومما ينبغي لفت الانتباه إليه أن أول آية شرعت الجهاد، ربطته برد الظلم. يقول تعالى: ( أُذن للذين يُقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) والمعنى مقدر فيه محذوف هو القتال، أي أُذن القتال.
وهذا ما يؤكده سبحانه في قوله الكريم: ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) .
ولهذا عظم الإسلام شأن الجهاد واعتبره تجارة رابحة: ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تومنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المومنين).
كما اعتبر من يقتل في الساحة الجهادية حياً غير ميت ؛ وسماه شهيداً، إذ تشهده الملائكة وتحضره ويشهد هو ما أعد الله له من نعيم ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ) .
وبهذا، يمكن أن نفرق بين الإرهاب والجهاد على النحو الآتي:
الاعتداء إرهاب ، والجهاد رد للاعتداء
الإرهاب يكون الاعتداء بباطل، والجهاد يكون دفع بحق
الإرهاب يعاقب عليه، والجهاد يثاب عليه
إن الإسلام نظم الحرب ووضع لها ضوابط وقوانين، وركز في معاملة العدو على مجموعة من المقاييس السلوكية، نذكر منها:
أ- ضرورة إعلانها حتى لا يؤخذ العدو بها على غرة، وحتى لا تصبح غدرا.
ب– النهي عن قتل الأطفال والنساء والشيوخ والمتعبدين.
ج– عدم التمثيل بالقتلى أو ما إلى ذلك مما تهدر به حرمة الإنسان.
د– معاملة الأسرى بما يحفظ لهم إنسانيتهم وكرامتهم.
ه- عدم العبث بالممتلكات وإفساد البيئة بقطع الأشجار وإتلاف الزروع والثمار.
و- الالتزام بالمواثيق والعهود.
ومما يبرهن به على الدعوة إلى بعض هذه الآداب المثالية التي تضبط النظام السلوكي في الحرب، هذا الحديث الذي يقول فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)🙁 إغزوا في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالدين ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع) .
ومثله: ( اغزوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً ).
وكذلك قوله عليه السلام: ( لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً صغيراً ولا امرأة) .
وإن هذه الضوابط لتشمل مرحلة ما بعد الحرب، مما يتعلق بالأسرى وحسن معاملتهم، وفق ما يقول النبي الكريم: ( أنا رسول الرحمة أنا رسول الملحمة )
وهذا باب واسع فصل القول فيه فقهاء الإسلام.
وعلى هذا النهج النبوي سار الخلفاء الراشدون من بعده، وأولهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي أوصى يزيد بن أبي سفيان قائد جيش الشام بقوله🙁 إني أوصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبياً، ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربن عامراً، ولا تعقرن شاة ولا بعيراً إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلاً، ولا تفرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن) .
إن السلم هي الأصل، وإنما الحرب ضرورة يلجأ إليها المسلمون حين يستعصي الأمر، أي حين تكون هي الإمكانية الأخيرة لحل الخلافات والنزاعات. والإسلام بهذا – أي بإقراره للحرب في هذا الإطار – دين الحياة والواقع، يتعامل مع طبيعة البشر وما قد تنزع إليه من ظلم وعدوان.
إن الحرب شرٌّ حين تكون اعتداء وتسلطا وفساداً، ولكنها تصبح خيرا حين تكون أداة لابد منها لمواجهة الاعتداء ورد التسلط وردع الفساد. ولهذا أباح الإسلام الحرب للدفاع عن النفس والأهل والمال والوطن والدين، إذ يقول تعالى: ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) ويقول سبحانه ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) .
ولهذا اعتبر الحرب جهادا يحتاج إلى عدة دعا إليها في قوله الحكيم ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) .
والإرهاب هنا لا يعني المفهوم الذي يتداوله الغرب اليوم في مهاجمته للإسلام والمسلمين، والذي يريد أن يجعله مرادفا لــ = Terrorisme بالفرنسية وTerrorismبالإنجليزية، ولكن يعني تخويف الخصم ومنعه من الاجتراء على الاعتداء.
وفي هذا السياق تفهم الآية الكريمة التي يقول فيها عز وجل: ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ) .
ولا يخفى أن الفكر السياسي الإسلامي وقف طويلاً عند هذه المعادلة الصعبة، بين السلم والحرب، مما يكفي أن نمثل له بما ورد عند أبي بكر الحضرمي المرادي (ت 783 هـ)، لسبقه وأهميته، وكذلك لاستفادة من جاء بعده منه. فقد انطلق فيه من واقع تجارب التاريخ والظروف المحيطة بها، وتأملها من خلال الرؤية الإسلامية وموازاتها بالمنظور اليوناني، فيما يتعلق بالإنسان والمجتمع والسلطة والدولة وتدبير الرئاسة.
فبعد أن تحدث عن أدب النفس، انتقل إلى سياسة الملك، ثم إلى أخلاق الملك الشخصية وتأثيرها على السلوك السياسي. وفيها تعرض لكيفية التعامل مع العدو. وفي هذا الصدد، يقول حاثاً على السلم ما لم تدع الضرورة إلى الحرب، وداعياً إلى الحذر والحيطة في جميع الأحوال:
ينبغي للملك أن يبدأ عدوه باللين والمسالمة والبذل وطلب المواصلة والسكون. فإن لم يفعل، أو كان في الحال ما يقتضي خلاف ذلك، رجع معه إلى الفعل. ولا يصل معه إلى الحرب حتى تعوزه الحيل كلها.
وإن الحكماء قالوا:أكيس القوم من لم يلتمس الأمر بالقتال ما وجد إلى ذلك سبيلاً ؛ فإن الحرب ينفق فيها من الأعمار، وغيرها ينفق فيها من الأموال.
وقد قالت الحكماء: إن العدو مثل الخراج الذي يبتدأ في علاجه بالترطيب والتحليل والتسكين، فإن لم ينجح بذلك رجع فيه إلى الكي وهو آخر العلاج. والحرب آخر ما يجب استعماله. واعلم أن العاقل وإن وثق بقوته ومنعته وفضله لا يجب أن يحمله ذلك على أن يجني عداوة وبغضة هو عنها في غنى، اتكالاً على ما عنده من الرأي، وثقة بما لديه من القوة. فإنه في ذلك بمثابة الطبيب الماهر الذي عنده الترياق الفائق، لا يحسن معه أن يشرب السم القاتل، اتكالاً على ما عنده من الدواء النافع. واعلم أن الصلح أحد الحروب التي تدفع بها الأعداء عند المضرة. فإذا كثر أعداءك فصالح بعضهم، وأطمع بعضهم في صلحك، واستقبل بعضهم بحربك. وإذا ابتليت بحرب فلا تأمن عدوك وإن كان حقيراً ؛ فإن العدو كالنار التي تتربى من الشرارة، والنخلة التي تنبت من النواة. وربما نال العدو بصغره ما يعجز عنه عدوه مع كثرة، كالسيف الذي يقد الهامة ويعجز عن فعل الإبرة. ويجب على العاقل إذا بعد عدوه أن لا يأمن معاودته، وإذا انهزم أن لا يأمن كرته، وإذا قرب لم يأمن مواثبته، وإذا رآه وحيداً لم يأمن مكره، وإذا رأى عسكره قليلاً لم يأمن كمينه. ويجب على العاقل أن يكون متأهباً للحرب في حال سلمه، خائفاً من العدو في حال صلحه، فإن العدو الذي يصالحك لأمر يضطر إليه لا يخرج بالصلح عن طبعه، وإنما مثلته الحكماء بالماء الحار الذي تضطره النار إلى حرارته، فإذا زايلته رجع إلى طبعه وما كان عليه من برده .
مما سبق يتبين أن الحرب في المنظور الإسلامي تعتبر خرقاً للسلام الذي هو الأصل والأساس، لا يلجأ إليها – وبضوابط دقيقـة وآداب مثالية – إلا للضرورة وباضطرار، كالدفاع عن النفس ورد الظلم وما إليهما من قضايا عادلة يبررها الشرع ويبيحها القانون كذلك ؛ مما يدخل في سياق ( الجهاد )كما سلفت الإشارة.
وخارج هذا المجال المشروع، فإن الإسلام في إبرازه أهمية الحفاظ على حياة أي إنسان، وإظهاره مدى خطر الاعتداء عليه بالقتل، يقاوم شتى أنواع العدوان، ويواجهها بالعقوبة الصارمة، ومنها جريمة ( الحرابة) التي تتمثل في التعرض للناس بقطع طريقهم أو اغتصاب أموالهم أو التعرض لحياتهم . وهي بهذا أقرب إلى مفهوم الإرهاب المتداول اليوم. وعنها وعن عقوبتها يقول الحق سبحانه: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقَتلوا أو يُصلبوا أو تُقَطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنْفَوْا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) .
وفي إدانة لقتل النفس الإنسانية بدون حق، وتأكيداً لجزاء من يفعل ذلك يقول تعالى: ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) .
ويقول: ( ومن يقتل مومناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً ) .
ويقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) متبرئا ممن يحمل السلاح على أبرياء: ( من حمل علينا السلاح فليس منا ) .
لذا، وبحكم البعد العالمي الذي أصبح لظاهرة الإرهاب، في غير تمييز بين حق وباطل أو عدل وظلم، وفي استناد إلى كل فكر منحرف أو اعتقاد متطرف مهما يكن مصدره، فإنه غدا واجباً على جميع الدول وسائر المنظمات ومختلف قوى الخير والسلام أن تسعى بكل جهودها وطاقاتها لمحاصرة هذه الظاهرة والتغلب عليها ومكافحتها، لحقن دماء الأبرياء الذين يذهبون ضحية أعمالها الإجرامية، وأن تعمل إلى جانب هذا – إن لم يكن قبله وبعد – على اجتثاث أسبابها والدوافع المفضية إليها.
وفي طليعة هذه الأسباب والدوافع ما تعانيه مجتمعات كثيرة من فقر وأمية، ومن بطالة وانحراف، ومن ظلم وقهر، ومن غياب الوعي الديني والوطني وما نتج عن ذلك كله من تخلف وانهيار يفضيان إلى إشاعة روح الانهزام واليأس والإحباط، مما قد يؤدي استمراره إلى ردود فعل عنيفة ستفضي بالعالم حتماً إلى الصراع وعدم الاستقرار وتزايد العنف المؤدي الى الحرب .
وإنه قد آن الأوان، وقد تكاثرت الأحداث الإرهابية وتعددت مواقعها واتسعت أبعادها، أن يقف العالم لحظة تأمل، عساه يهتدي إلى معرفة مواطن خلله وتعثر مسيرته، ويدرك حقيقة ما يقع، ليس فقط لتفادي استمراره، ولكن لاستيعاب جميع ملابساته وتداعياته، والعمل على جعل حد للعنف، كوسيلة لحل المشكلات مهما تكن مستعصية، بدءاً من قيام مختلف الأطراف – أقوياء وضعفاء – بنقد ذاتي نعتبره ممكناً وإيجابيا إذا خلصت النيات، وتم الانفتاح المتبادل على الآخر، والاعتراف بحقه في الاختلاف وفي الحياة الكريمة الآمنة بعد ذلك، بعيداً عن أية إسقاطات أو أحكام مسبقة.
وعلى اصحاب الشرائع السماوية استحضار قول الله تعالى في القرآن المجيد يدعو إلى كلمة التوحيد: (قل يا أهل الكتاب تعالَوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله ) صدق الله العظيم والضغط على حكوماتهم وساستهم لتغيير نهج العداء للاسلام ةالاعتراف به دينا رسميا في بلادهم و احترام شريعة الاسلام والاحكام الشخصية للمسلمين ووقف حملة تشويه و الاساءة لقيم الاسلام ومبادئه .
والقضاء على ظاهرة العداء للاسلام تنطلق من الخطوات الفعلية التالية :
– مطالبة غير المسلمين بالاعتراف بالاسلام دين سماوي وواجب احترامه واحترام مبادئه و اصوله وشريعته .
– الاعتراف بحق المسلمين بتطبيق شريعتهم دون تدخل من الغير أوالمطالبة بتغيير اصول شرعية وعقائدية لتتوافق مع اهواء او معتقدات البعض من غير المسلمين اوارضاءً للانظمة العلمانية .
– الاعتراف رسميا بالاسلام دينا وعقيدة وشريعة للمسلمين في البلاد غير الاسلامية و إقرار قوانين اسلامية لهم تحكم احوالهم الشخصية والمدنية .
– تجريم الاعتداء او الاساءة على الاسلام و الشريعة الاسلامية و الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم و صحابته .
– تجريم ربط الاسلام بالارهاب خلال الحملات الانتخابية للاحزاب في الدول الغربية .
– احترام خصوصيات المسلمين من خلال احترام الحجاب و الحشمة لدى المسلمات و السماح ببناء المساجد وتكثيف دروس الدعوة الاسلامية للقضاء على الفكر المشوه للاسلام الذي يتلقاه المسلمين غير العرب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي .
– عدم تسييس الجرائم الجنائية وتوظيفها في سياق الحرب على الارهاب لاسيما وان الجرائم الجنائية يرتكبها المسلم وغير المسلم إذ انه ليس كل مسلم مجرم حتى يثبت العكس لان الاصل في الاحكام برآءة الذمة .
– عدم إقصاء حركات الاسلام السياسي و إعطاء الفرصة لقيام انظمة اسلامية تضبطها قواعد فقهية معاصرة وفق ما تمليه عليها تطورات العصر الحديث لان الاسلام ليس عقبة امام التقدم والتطور الانساني مهما بلغ مبلغه ولاسيما انه من المعروف عنه انه دين لكل زمان ومكان .
– تفعيل دور منظمات حقوق الانسان في تحسين صورة المباديء الانسانية للاسلام من خلال إبرز إنسانية الشريعة الاسلامية و عدم تعارضها مع شرعة حقوق الانسان الدولية بل يجب العمل على ايجاد منظومة قانونية لحقوق الانسان تساهم في بنائها منظمات حقوق الانسان في البلاد العربية والاسلامية من خلال إدخال القواعد الاساسية للشريعه الاسلامية التي تدعو لحماية حقوق الانسان الاساسية والفرعية وفق قواعد منضبطة .
بعد ذلك يسهل تنقيةالمجتمعات من الارهاب من خلال عدم ربطه بأي دين او مذهب او عرق او إثنية والقضاء عليه ..
المحامي
عبد الناصر حوشان .
justpaste.it