حذّر رئيس جهاز الاستخبارات البريطانية من أنّ الحملة العسكرية الوحشية التي تقودها روسيا ونظام الأسد في سوريا من شأنها خلق جيل جديد من الإرهابيين، سيشكّلون تهديداً على المجتمع الدولي بأكمله، بما فيه بريطانيا.
وفي حديثه العلني الأول بصفته مديراً عاماً، وجّه أليكس يونجر انتقاداتٍ لاذعة لسلوك قوات فلاديمير بوتين وبشّار الأسد، متّهماً إيّاها بأن تحرّكاتها ستؤدي إلى مزيد من التطرف وتعمل عمل ضابط تجنيد للجماعات الإسلامية المتطرفة، بحسب تقرير لصحيفة الإندبندنت البريطانية.
إلى جانب أن الفوضى التي خلقها الصراع السوري مكّنت هاتان الدولتان تنظيم “الدولة الإسلامية” من التخطيط لشن هجمات على المملكة المتحدة والغرب.
وقال يونجر “بينما أتحدث إليكم، تحيك هياكل تخطيط الهجمات الخارجية عالية التنظيم داخل تنظيم داعش (الدولة الإسلامية)، رغم مواجهتها للتهديد العسكري، المؤامرات من أجل إظهار العنف ضد المملكة المتحدة وحلفائنا دون الحاجة إلى مغادرة سوريا. أؤمن بأن التحركات الروسية في سوريا، بتحالفها مع نظام الأسد الذي فقد مصداقيته، من شأنها، إن لم تغيّر مسارها، أن تقدّم نموذجاً مأساوياً على مخاطر مصادرة الشرعية”.
وأضاف: “بإضفائهم صفة إرهابي على أية مجموعة تعارض وجود حكومة وحشية، فإنهم يستَعدون على وجه التحديد الجماعة التي ينبغي أن تكون بصفهم إذا أرادوا للمتطرفين أن يُهزموا … لا أستطيع الجزم بما ينتظرنا في العام القادم؛ لكنني على علمٍ بأننا لن نكون بمأمنٍ من التهديدات التي تصدُر من تلك الأراضي ما لم يوضع حد لإنهاء هذه الحرب الأهلية”.
وتأتي تصريحات يونجر على النقيض من رؤى دونالد ترامب ومستشاريه، الذين عبّروا عن إعجابهم بتحركات فلاديمير بوتين في سوريا ويرون في روسيا حليفاً مستقبلياً ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” وغيرها من الجماعات الإرهابية.
وانتقد يونجر بشدة كذلك الدول التي تستخدم الحرب الإلكترونية وغيرها من أشكال الحروب الهجينة لتقويض دعائم الديمقراطيات الغربية. ورغم عدم تسميته لروسيا باعتبارها إحدى الجُناة، كان هناك قليلٌ من الشك بأنه يُشير بأصابع الاتهام إلى الكرملين عندما تحدّث عن “ظاهرة الحرب الهجينة متزايدة الخطورة”.
وزعمت أجهزة الاستخبارات الأميركية أن لديها أدلة على قيام روسيا باختراق رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالحزب الديمقراطي، ونشر مواد تسبّبت في تدمير حملة هيلاري كلينتون وساعدت حملة ترامب. وهناك مزاعم أخرى أيضاً بأن موسكو ربما تحاول التدخل في الانتخابات العامة الفرنسية والألمانية المقبلة.
وقال يونجر أن “حالة الترابط الكامنة في قلب العولمة يمكن استغلالها من قِبل الدول ذات النوايا العدائية لتحقيق أهدافها. وهي تفعل ذلك من خلال وسائل متنوعة منها الهجمات الإلكترونية أو الدعائية، أو تخريب العملية الديمقراطية. والمخاطر الناجمة عن ذلك هائلة، وتمثل تهديداً جوهرياً لسيادتنا؛ ينبغي أن تصبح هذه المخاطر مصدر قلق لكل مَن يشاركنا القيم الديمقراطية”.
وقال رئيس جهاز الاستخبارات البريطانية أنه سوف يبذل قصارى جهده من أجل الحفاظ على التعاون الأمني مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقِب الانتخابات التي جرت على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي وتصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وكان المدير العام السابق لجهاز الاستخبارات البريطانية، جون ساويرس، والرئيس السابق للمخابرات الحربية البريطانية، جوناثان إيفانز، قد حذّرا من أن مغادرة الاتحاد الأوروبي من شأنها أن تؤدي إلى خسارة فادحة في عملية تبادل المعلومات الاستخباراتية.
وقال يونجر “أود الإعراب عن تقدير خاص لقوة وأهمية المعلومات الاستخباراتية التي نتشاركها مع الولايات المتحدة … ولجودة العمل الذي نقوم به مع شركائنا الأوروبيين، وفي مقدمتهم فرنسا وألمانيا”.
وأضاف: “عادة ما يُوجه إليّ السؤال عن الأثر الذي ستُلحقه التغييرات السياسية الكبيرة لعام 2016، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ونتائج الانتخابات الأميركية، على هذه العلاقات. وإجابتي هي أنني سأسعى، وأتوقع، الاستمرارية. إن هذه العلاقات طويلة الأمد والروابط الشخصية بيننا قوية. والتهديدات التي واجهناها قبل هذه الأحداث لم تذهب أدراج الرياح. لازلت عازماً على أن تبقى الاستخبارات البريطانية شريكاً جاهزاً وذا فعالية عالية… هذه العلاقات تنقذ الأرواح في بلداننا جميعاً”.
هافنغتون بوست