خرج أبو طارق مسرعاً من منزله وهموم الحياة اعتلت قلبه، وأفكار مشتتة راودت مخيلته فركب دراجته النارية برفقة ابنه (6سنوات)، لم يكن بوعيه حينها فقد كان يفكر كيف سيؤمن آجار المنزل ومتطلبات المعيشة، ليشرد ذهنه ويصطدم بزاوية الرصيف ويقع هو وولده أرضا، وتدخل قطعة من الحديد في رجله وتغطيها الدماء وهنا غاب عن الوعي، فبدأ الطفل بالصراخ بعد أن تناسى ألمه ونهض ليساعد والده ” بابا بابا فيق شو صرلك، رد عليي”.
يعيش أبو طارق في مدينة إدلب، تشهد ازدحاما وكثافة سكانية؛ نظرا لنزوح مئات العائلات إليها من أرياف حلب وحمص وحماه واللاذقية لاعتبارها من المدن شبه الآمنة، إذ إنها محررة بالكامل هي وريفها لذلك غالبا ما تجد أسواقها مكتظة بالسكان في جميع الأوقات، فقد انتشرت الدراجات النارية في المدينة عقب تحريرها منذ أكثر من عام بعد أن كان النظام يمنعها، لتزداد معها الحوادث المرورية الأليمة.
رغم أن للدراجة النارية إيجابيات عدة كونها تمكّن راكبها من التنقل بسهولة بين الأحياء الضيقة، واقتصادية من ناحية الوقود وخاصة في هذه الأيام، إلا أن تواجدها بكثرة في المناطق المحررة أثار استياء المواطنين.. تعبّر أماني عن غضبها :” ماعدنا نعرف نمشي بالشارع، والشوارع زحمة كتير، وأغلب الي عم يسوقو الموتورات ] الدراجات النارية[ صغار بالعمر وطايشين، من يومين ضرب أخويي موتور كان مسرع.. انكسرت رجله وهرب وما قدر يعرف مينو، حكينا كتير ولحد الآن ماشفنا قرارات أو قوانين تنظم السير وتمنع الأطفال تحت السن القانوني من ركوبها”.
قام بعض المارة بإسعاف أبي طارق وولده لأحد النقاط الطبية في المدينة، بعد أن نزف كثير من الدماء، ليصرح واحد من الممرضين المتواجدين في النقطة :” إنها ليست الحادثة الأولى لهذا اليوم، بل سبقتها 3 حوادث، وجميعها ناجمة عن تهور وسرعة في القيادة دون التركيز، فقد بلغ عدد الحوادث خلال شهر نيسان الجاري ما يقارب 400 حالة” مسجّلة.
ولعل ما زاد في زيادة نسبة الحوادث المرورية، تواجد عدد كبير من السيارات نتيجة ارتفاع عدد سكان المدينة، هذه السيارات كثيرا ما تصطدم بالدراجات النارية وتسبب بعض الحوادث علما أن كثيراً من هذه السيارات غير مسجلة وليس لها لوحات نمرة تمكن الآخرين من معرفة السيارة أو صاحبها فيما إذا حدث حادث أو دهست أحد المارة مثلا.
رغم أن النظام يمنع الدراجات النارية في مناطق سيطرته، إلا أن مدينة دمشق تعاني أيضا من ازدحام مروري الذي ينتج عنه حوادث يومية، فقد قام مجموعة من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بإنشاء حملة ساخرة تحت عنوان ” وأنا وين بمشي”، وذلك بسبب قيام بعض أصحاب السيارات بركنها على الأرصفة لعدم تواجد أمكنة لها على حافة الطرقات، فلم يعد هناك مكان على الأرصفة في بعض الأحياء من المدينة ليمشوا عليها ما دفعهم للقيام بتلك الحملة.
اتباع قواعد تنظيم المرور من أساسيات الحل سواء في المناطق المحررة أو في مناطق النظام لتفادي وقوع الحوادث والأضرار، إلا أن الفوضى والعشوائية باتت غالبة في القيادة، فهل ستشهد الأيام القامة بعض القرارات من الجهات المعنية للحد من تلك الحوادث، أم أن المشكلة ستتفاقم أكثر من ذلك؟
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد