كانت اللعبة المشهورة عندما كنا صغار لعبة اسمها لعبة الكراسي وكانت تلك اللعبة قائمة على مبدأ وضع عدة كراسي ودوران الطلاب حولها وعندما يصدر المعلم إشارته يجلس الطلاب على الكراسي ويبدأ المعلم باستبعاد الطلاب الخاسرين ومن ثم بتقليل عدد الكراسي حتى لا يبقى سوى كرسي واحد يفوز به أحد الطلاب بالجلوس عليه. ولكن هذه اللعبة بقدر ما هي ممتعة بقدر ما تمنح صاحبها سعادة لا توصف بجلوسه على الكرسي وفوزه به، ولكن الحال أيها السادة في لعبتنا هذه هو تداول السلطة بمعنى أنه يسمح لعدد كبير من الطلاب بأن يفوزوا ويستمتعوا بالجلوس على كرسي الملك أو أبى الكراسي كما يقال.
أما في حال ائتلافنا فالحال والأحوال مختلفين فمن سموا أنفسهم بالمعارضين السوريين شابهوا النظام في أمور كثيرة لا مجال لسردها الآن ولكنهم اختلفوا معه في المسمى.
كيف نطالب الأسد بالتنحي عن السلطة والتخلي عن الكرسي الذي ورثه عن أبيه سواء كانت هذه الوراثة بحق أو بغير حق هذا ليس موضوعنا ونحن لم نحقق أدنى شروط لديمقراطية في أنفسنا وفي هذا الكيان المعارض. فالوجوه التي مثّلت الشعب السوري منذ بداية الثورة الشامية إلى اليوم هم فوتوكوبي بنسخ مختلفة وجلّ الوجوه ممن سكن بالخارج منذ سنوات حتى أن غالب الشعب السوري لا يعرفهم والقلة القليلة التي خرجت من رحم الثورة ومن قلب المعاناة انحرفت عن مسار الثورة وانساقت وراء مغريات الدنيا ومن مثّل الثورة حقيقة عرف حقيقة معظم هؤلاء الناس فكان مابين رافض لدخول هذا المعترك، وأما من دخله على أمل الإصلاح أيقن بعد دخوله بمدة أنه غير قادر على التغيير ففضل أما الاعتزال وأما الاستقالة.
ولكن على ما يبدو حب المناصب التى حرموا منها أعضاء هذا المكون سنين طويلة وحلاوة الأضواء والشهرة وإغراءات السفر والتنقل وكثرة الأموال جعلت مفهوم الثورة مختلف عن مفهوم الشعب السوري في الداخل والحلول غير ما يرغب به ثوار الداخل كما أن الديمقراطية التي يؤمنون بها مختلفة جذرياً عن ديمقراطية العالم فديمقراطيتهم تتمثل بحبهم للسطلة وبقائهم في أماكنهم.
فمنذ تشكيل هذا المكون لم نجد دماء جديدة تضخ إلى جسم هذا الرجل المريض لا بل على العكس فإن من ساهم بتشكيله بقي مكانه مع تغيير في منصبه ولم تردع الفضائح المتتالية من سرقة واختلاس لبعض أعضائه من التخلي عنه بدافع الوطنية لا بل على العكس من ذالك جعلهم يستميتون في الدفاع عنه كما أن فرض بعض الدول إرادتها عليه و ذالك بفرض بعض الناس الذين لم يكن لهم ذكر أو تاريخ نضالي جعل الائتلاف مثل بيت العنكبوت وصدقت نظرية الشعب فيهم منذ البداية بأن أمثال هؤلاء لا يمكن أن يمثلوا الشعب لأن تاريخهم القذر لا يؤهلهم لذلك. هذا من جهة ومن جهة أخرى فأن بعض الناس الذي كان يدّعون المعارضة ولم يحصلوا على مناصب صبوا جام غضبهم على الثورة وبدؤوا بالتحالف مع أعدائها وما حلفاء قوات سوريا الديمقراطية عنا ببعيد كما أن من كان بالائتلاف وترك منصبه أو أجبر على ترك منصبه أنقلب على الثورة وبدأ ينسق مع من يسمون أنفسهم معارضة الداخل وما أحمد الجربا وتشكيله ببعيد.
وتشكيل الائتلاف منذ بدايته كان على مبدأ محاصصة الدول والتكتلات وليس على التاريخ الوطني والنضالي من أهم عوامل ضعف الائتلاف كما أن الائتلاف أخطأ عندما حاول إقصاء الكثير من ثوار الداخل وعدم تمثيلهم واكتفى بالأسماء المقبولة لدى الغرب والشرق.
وهنا لا بد أن نسجل موقفًا إذا لم يتخلى هذا المكون عن عنجهيته ويظهر شفافية بتقديم مدخوله ومخروجه للشعب فإن هذا المكون إلى زوال شاء من شاء وأبى من أبى وسيتخلى عنه القاصي والداني وسيسجل التاريخ أن هذا المكون لم يخدم الثورة السورية بقدر ما كان وبالاً عليها ولهذا إذا أراد أعضاء هذا المكون الفوز فلا بد من إعادة هيكلة وضم أكبر قدر من كفاءات الداخل والخارج من الوطنيين السوريين ووضع الخطط ورسم خريطة وملامح طريق تودي بنا إلى الخروج من الأزمة وهذا بدوره يقتضي إعادة هيكلة كل المؤسسات الوطنية بما فيها جيش قوي قادر على صد هجمات المعتدين من خلال إجبار كل الفصائل على الانطواء تحت مسمى جيش وطني بعيد عن الطائفية والمحاصصة.
ترك برس