بعد سلسلة العقوبات التي فرضت على حكومة النظام، ودمار معظم البنى التحتية والمنشآت الخدمية، بدا واضحا انهيار الليرة السورية أمام العملات الأخرى، ليكون التعامل بالدولار في بعض المناطق حلا لا بدّ منه أمام التجار لتلافي وقوعهم بالخسارة.
الاقتصاد السوري يلفظ أنفاسه الأخيرة فلولا بعض الدعم الذي تقدمه إيران عبر الخط الائتماني لانهار منذ زمن، والمواطن كالعادة هو الحلقة الأضعف في هذه اللعبة ليتحمل أعباء إضافية لا تتناسب مع دخله الثابت أمام ارتفاع الدولار.
كشف موقع الإيكونومست البريطاني عبر تقرير له حول نسبة الغلاء في دول العالم أجمع وترتيبها للعام الماضي 2015، وجاء فيه أن العاصمة السورية دمشق هي من أرخص المدن في الأسعار مقارنة بغيرها لتقع في المرتبة 124 من أصل 133.
واستند التقرير الاقتصادي في معطياته على مقارنة أسعار المواد والمنتوجات بكافة أنواعها بين دول العالم وتحويلها للدولار، إلا أن التقرير همش دخل المواطن والذي من المفترض الاستناد عليه لمعرفة ذلك بدقة، وبناء على تقرير صدر عن منظمة الإسكوا فإن أكثر من 80% من الشعب السوري يعيشون تحت خط الفقر ومتوسط دخلهم لا يكاد يغطي 30% من نفقات المعيشة اليومية ما أجبرهم على الاستغناء عن معظمها.
تتحدث “مها” بامتعاض وغضب بعد أن شاهدت التقرير :” أكيد عم يمزحوا، بعد كل هالتعتير طلعنا عايشين بأرخص مدينة بالعالم، راتبي وراتب زوجي يادوب 100 دولار يعني 55 ألف ليرة تقريبا، بدنا كل شهر 5000 مواصلات، و5000 حق خبز، و5000 حق صهريج مي، و6000 حق جرة غاز، وفواتير كهربا وهاتف هاي إذا شفنا الكهربا، شو بقي من الراتب، أحيانا بمر الشهر وما بنشوف اللحمة، بنقضيها برغل ومعكرونة، حسبنا الله ونعم الوكيل”.
أصبح تناول اللحوم والفاكهة من الكماليات والرفاهيات التي استغنى عنها الكثير من المواطنين، يقول غسان وهو بائع خضار في أحد أسواق دمشق :” كان الله بعون المواطن، بنعرف أنو كل شي غالي، بس شو بيطلع بإيدنا، ومع هالشي عم نحاول يكون ربحنا ضمن المعقول، لأن حتى المزارع الي عم يجبلنا الخضرة صار بدو يتعامل بالدولار، وبتختلف الأسعار من يوم ليوم، وضع البلد ببكي، أحيانا بيجوني زباين بيشترو نص كيلو بندورة يعني 3 حبات، ما عاد بدنا شي بس تركونا نعيش”.
وصل سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية لـ 540، ومع كل ارتفاع يعيد السوريون حساباتهم، فترتفع معه أسعار المنتجات أضعافا مضاعفة، فكان ذلك التقرير موضع سخرية لديهم، ومعظم الإحصائيات التي تقدم تستند إلى معطيات بعيدة عن الواقع، ولعل المواطنون الذين يعيشون في المناطق المحررة يعيشون معاناة مضاعفة كون النظام قد قطع عنهم الكهرباء والماء والوقود والغاز المنزلي، لتضاف لقائمة المشتريات التي يتوجب عليهم دفع تكاليفها، فيتساءل أحد المواطنين أمام لائحة أسعار بعض المنتجات :” بدل أن تقوموا بإحصائيات وتقارير عن الشعب السوري، ارفعوا العقوبات عنه لأنه المتضرر الأكبر منها”.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد