بعد انقضاء 5 سنوات على الحرب السورية لم يعد يثق الشعب بكلام أحد من حكام العالم ولا حتى ببعض الفصائل المعارضة أو الموالية للنظام لذلك عمد الكثير منه لأساليب من الممكن أن تخفف من الضغط النفسي عليه نتيجة سوء الأوضاع الاجتماعية، السياسية، العسكرية، الاقتصادية وكان منها ” الإشاعة ” التي بعضها يكون مأخوذ من أرض الواقع وأخرى منها من وحي الخيال.
“الإشاعة” هي الأفكار التي يتناقلها الناس دون أن تكون مسندة إلى مصدر موثوق يؤكد صحتها كما عرفها السيكولوجي ” أحمد أبو زيد ” وهناك تعريفات عديدة لها مغزاها انتشار نبأ هادف يجوز أن يؤمن الغرض المطلوب لناشري ذاك النبأ، إلا أنه في الحرب السورية أخذت الإشاعة مجرى آخر فأحياناً في اليوم الواحد وارد أن نسمع جميع أنواعها دفعة واحدة ومن غير صحة لأي منها والعكس صحيح.
للإشاعة أنواع عدة منها “الإشاعة البطيئة ” المنتشرة ببطء وسرية تجعل المتلقي يصدقها ومثال عليها الإشاعات التي انتشرت مع اندلاع الاحتجاجات عن الانتفاض بوجه الأسد وتناقلها الشعب بخوف وتكتم ثم صدقت عندما تحولت للثورة السورية، يليها “السريعة” السريعة الانتشار والاختفاء بنفس الوقت كالتي يتداولها حالياً سكان إدلب عن أن جيش النظام السوي سيقتحمها من محاور عدة وسيدمرها بشكل كامل، ومن ثم “الراجعة” التي تنتشر وتختفي وتعاود الظهور إذا تهيأت لها الظروف كالإشاعة القائلة بمقتل بشار الأسد من فترة لأخرى بأسباب مجهولة، أيضاُ “الهجومية” المطلقة من قبل شخص أو مجموعة معينة بهدف الحط من مكانة من ينافسهم كالتي يروجها موالي النظام السوري على المعارضين له بأنهم إرهابيين وسلفيين خوفاً من أن يسقطوا مع سقوط نظام الأسد الذي يمثلهم، وآخرها “الاستطلاعية” وهي محاولة استطلاع ردة فعل الشارع على أمر ما ونتيجة عدم تطبيقها مثلما ينشر بعض طلاب الجامعات السورية قبل الامتحانات عن إمكانية إصدار قرار الترفع الإداري والدورة الفصلية الثالثة وإذا ظهر السخط من عدم حدوث مثل ذلك يتم تطبيق الإشاعة لأنها تلبي رغبة معظم طلاب الجامعات في ظل الظروف القاسية المعترضة لهم أثناء رحلتهم الجامعية.
لكن أهم نوع للإشاعة المتردد على مسامع الأوساط الاجتماعية والسياسية في الحرب السورية هي الإشاعة “العسكرية” المعتمدة من قبل الجيوش والقادات الممثلة لدول تخوض حروب وتسمى الحرب النفسية لأنها قادرة على تغيير سير الأحداث وكثيراً ما انتشرت إشاعة انقلاب عسكري على بشار الأسد وآخرها تحدثت عن تدخل جيوش عربية في سورية ضد تنظيم الدولة وحكم الأسد، وبمقدار الاهتمام والغموض للخبر المنشور يكون ذاك الخبر عرضة للتشويه أثناء الانتقال من المروج له للمتلقي.
يعود السبب في سرعة انتشار الإشاعات لعوامل عدة منها الشك العام والقلق الذاتي على الخبر المنشور وسرعة تلقيها عند البعض، وخير دليل الإشاعات التي يواسي بها الشعب السوري ذاته لحين يتم تطبيق أحدها وتكون هي الخلاص لهم من مصائب واقعة عليهم مثل تسليم بشار حكم سوريا والانتقال للعيش مع عائلته إلى دول أوربية تستقبله.
بما أن الإشاعة قديمة ومنتشرة منذ عهود طويلة لا بد أن دورها بارز ومهم على جميع الأصعدة في الحياة بالنسبة للفرد والمجتمع خاصة في زمن الأزمات الاقتصادية أو السياسية وأكبر إشاعة أطلقها النظام السوري على ما يحدث بالبلاد وتكاد لا تصدق هي أنها مؤامرة كونية على شعب وقيادة سورية مما جعل بعض مواليه والقيادات في دول أخرى تصدقه وتقف بجنبه لمواجهة تلك المؤامرة.
لا عتب على الشعب السوري إذا اختلف الإشاعات لعلها تعود عليهم بالمنفعة لو بعد حين وتحقق خبراً سعى لتحقيقه دائماً، كما فعل النظام السوري بالإشاعات التي روجها لصالحه ومصلحته.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن