أثار قرار صادر عن محكمة تابعة للإدارة الذاتية الكردية بريف الحسكة، شمال شرق سوريا، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت محكمة الدرباسية بريف الحسكة؛ قد حكمت على شاب متزوج حديثا وزوجته ووالدها بالسجن سنة كاملة، وذلك لأن عمر الزوجة دون السن “القانوني” المحدد بـ18 سنة.
وفي التفاصيل، ألقت قوات الأمن التابعة للإدارة الذاتية الكردية (الأسايش) القبض على والد الزوجة أمينة أكرم (17 عاما)، بينما تمكنت هي من الفرار.
وذكرت مصادر محلية، أن الإدارة هددت باعتقال عائلة أمينة في حال لم تسلم نفسها، مشيرة إلى تخوف الزوجة من إجبارها وزوجها على الطلاق.
وأوضح المسؤول الإعلامي في شبكة “neoIRT” الإخبارية، جوان رمّو، إن الإدارة توعّدت عائلة الزوجة التي مضى على زواجها 15 يوما، بالسجن في حال لم تسلم نفسها.
وأضاف لـ”عربي21″: “تفرض الإدارة قوانين عدة متعلقة بالمرأة، من بينها منع تعدد الزوجات، والمساواة بالإرث بين الجنسين، علما بأن محاكم الإدارة لا تمتع بالصيغة القانونية التي تمكنها تثبيت الواقعات المدنية، بينما يتم التوثيق القانوني في المحاكم التابعة للنظام”.
وأبدى رمّو استغرابه من فرض القوانين التي ليس من شأنها إلا التضييق على الأهالي، وعلى النساء خاصة، بغية إجبار النساء على اللحاق بالمؤسسات التابعة للإدارة.
وقال: “تروّج الإدارة من خلال فرضها للقوانين هذه على أنها إدارة متطورة تفرض قوانين متطورة تتوافق مع القوانين التي تفرضها البلدان الغربية”.
وأضاف: “هم يدعون أنهم يحاربون زواج القاصرات، وتصرفاتهم هذه غير مقبولة، لطالما أن الزواج تم بموافقة وبمباركة الأهل”.
من جانب آخر، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي اسم “شمسة كلش”، وهي القاضية، التي أصدرت الحكم في هذه القضية، موجهين إليها انتقادات وسخرية لاذعة.
وأوضح الناشطون أن كلش غير متعلمة بما فيه الكفاية، وغير مطلعة على القانون حتى يتم تعيينها كقاضية في المحاكم، وفق زعمهم.
وذهبت السخرية بالناشط الكردي كاوا عيسى؛ إلى حد المطالبة بتعيين القاضية كلش على رأس المحكمة الأممية الخاصة بقضية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق، رفيق الحريري؛ لأنها جديرة بهذا المنصب، كما قال.
وشن بهزاد عليكو؛ هجوما لاذعا على الإدارة الكردية، مشددا على أنه “بالجهل والتخلف لا تبنى الأوطان”.
وأضاف عليكو في تدوينة على فيسبوك: “القاضية الأبوجية شمسة كلش ليس لديها شهادة إعدادية، فكيف يصار إلى تعينها قاضية”، وفق قوله.
وسخر آخرون من منع الإدارة للزواج تحت سن الثامنة عشرة، في الوقت الذي يتم فيه فتح باب التجنيد والتطويع على مصراعيه، لمن هم دون السن القانونية.
وفي هذا الإطار، ناشدت سولين خليل المنظمات الدولية المهتمة بضرورة فضح ما وصفته بـ”المهازل” الصادرة عن الإدارة.
وأشارت عبر فيسبوك؛ إلى أن الإدارة طوّعت فتاة من عائلة الزوجة أمينة في سن الثالثة عشرة، في وقت سابق.
لكن وعلى الطرف المقابل، حظي قرار المحكمة بتأييد عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لما رأوا فيه “بداية صحيحة لمحاربة ظاهرة زواج القاصرات”.
وكتب باهوز الحسكة: “دون النظر إلى قرار القاضية، لكن ألا يحد هذا من تزويج القاصرات؟”.
وليست المرة الأولى التي يتم فيها الحكم بالسجن من قبل الإدارة على أشخاص بذرائع تتعلق بمخالفة قانون الأحوال الشخصية، حيث أقدمت الإدارة في العام الحالي على اعتقال رجل تزوج بزوجة ثانية في مدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب، وكذلك فعلت الشيء ذاته في الحسكة في هذا العام.
وكانت الإدارة الذاتية الكردية قد منعت الزواج دون سن الـ18، وكذلك تعدد الزوجات، في المناطق السورية الخاضعة لسيطرتها، في مرسوم صادر عنها في أواخر العام 2014، بهدف تحقيق “المساواة بين الجنسين” وفق قولها، رغم أن الدين الإسلامي السائد في المنطقة؛ لا يحظر هذه الممارسات.
وتجيز المادة 18 من قانون الأحوال الشخصية السورية للقاضي تجاوز السن القانوني للزواج المحدد بـ18 سنة للزوج و17 سنة للفتاة، تثبيت الزواج، في حال رأى القاضي البلوغ ظاهرا على المراهق ما فوق سن الخامسة عشرة، أو المراهقة التي تدّعي ذلك بعد إكمالها سن الثالثة عشرة.
عربي 21