أصدرت منظمة العفو الدولية اليوم الخميس تقريرا عن قيام النظام السوري والميليشيات التابعة له باختطاف وحجز عشرات الآلاف من السوريين منذ عام 2011، في عملية اختفاء قسري والتي تمثل جريمة بحق الإنسانية.
وأكدت المنظمة في تقريرها أنها حاولت مرارا التواصل مع السلطات السورية لمعرفة مصير هؤلاء المختطفين، لكن حكومة النظام السوري كعادتها قابلت هذه الاتهامات بالنفي .
كما أفادت المنظمة أن ظاهرة “الاختفاء القسري” التي مارستها حكومة النظام بدأت بشكل ممنهج منذ بدء الثورة السورية عام 2011، حيث يتم وضع المحتجزين في زنازين ضيقة ومكتظة، مع تفشي العديد من الأمراض بينهم وانعدام الرعاية الصحية ليكون الموت مصيرهم.
فيما استخدمت قوات النظام طرق و أساليب عدة لتعذيب المحتجزين كتعريضهم لصدمات كهربائية أو الجلد أو الاغتصاب، سمعت روايات وقصص تعذيب كثيرة من محتجزين استطاعوا أن ينجوا من بين أيديهم كإطفاء السجائر بأجسادهم وكذلك الطريقة المعروفة باسم”بالشبح”.
في حين وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تعرض مالا يقل عن 65 ألف شخص للإخفاء القسري منذ عام 2011 حتى آب 2015 بينهم نحو 58 ألف مدني.
لم يكن هناك سبب وجيه للاحتجاز وكانت مهمة معظم حواجز النظام على الطرقات داخل أو خارج المدن توقيف المدنيين بحجة أنهم مطلوبون أو لهم اسم في قائمة الإرهاب، لكن الهدف من وراء ذلك جني الأموال التي ستدفع من قبل ذويهم لمعرفة مصيرهم أو حتى مكان تواجدهم، حيث وجهت منظمة العفو اتهاما لقوات النظام بجني الأرباح من وراء عمليات الإخفاء القسري والتي تعتبر انتهاكات وجرائم بحق الإنسانية.
كما صرحت الباحثة في المنظمة نيكولات بولاند أنه توجد ادلة وبراهين كثيرة على تورط النظام بهذه العمليات واستفادته من المبالغ التي تدفع له عن طريق السماسرة والوسطاء.
وقالت بولاند نقلا عن وكالة فرانس برس: “نحن على يقين بأن الحكومة ومسؤولي السجون يستفيدون من المبالغ التي يتلقونها على خلفية حالات الإخفاء القسري، وفق ما أكده مئات الشهود”. وأضافت: “إن تلك الممارسات منتشرة على نطاق واسع، ومن الصعب الاقتناع بأن الحكومة ليست على دراية بها، وهي تتغاضى عنها عبر عدم اتخاذ أي إجراء لوقفها”.
أم رامي من مدينة ادلب تقول:” تم احتجاز ابني لأسباب مجهولة، حيث تم نقله إلى أحد الأفرع في دمشق، استدليت على وسيط لمساعدتي في إطلاق سراحه، في كل مرة كان يطلب دفعة من المال وكل معلومة لها ثمن وأنا كنت كالغريق الذي تعلق بقشة وبعد أشهر من العذاب تتصل بي إحدى صديقاتي لتبلغني أنها شاهدت صورته مقتولا ومرميا قرب نهر بردى على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، فكان الوسيط على علم بوفاته ولكنه استغل حاجتي وضعفي لمعرفة أخبار عنه”.
دفعت هذه الظاهرة لظهور ” سوق سوداء” من الخاطفين ومجرمي الحرب وقاطعي الطرق الذين انتشروا بكثرة في الآونة الأخيرة وتتم إعادة الشخص المختطف لقاء مبالغ مالية طائلة.
فقد اجبرت عائلات المختطفين لبيع ممتلكاتها واستدانة المال لدفع الرشاوي للوسطاء، في حين أصبحت تشكل هذه الرشاوي جزءا كبيرا من الاقتصاد الوطني وفق ما نقلت المنظمة الدولية عن أحد الناشطين.
يبقى مصير العديد من المختطفين مجهولا رغم المبالغ الهائلة التي تدفع، إنما هي حملة نهب وسرقة اتبعها النظام وأتباعه للإتجار بمعاناة السوريين، مخلين بالاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي أقرها ميثاق الأمم المتحدة .
المركز الصحفي السوري – سماح خالد