انتشرت ظاهرة زواج السوريّات من المقاتلين الأجانب الذين قدموا إلى سوريا منذ بداية الحرب، وازدادت بشكل كبير مع مرور الزمن نتيجة الفقر وغلاء المعيشة وقلة الوعي والعادات والتقاليد، التي تحكم على الفتيات الزواج بسن مبكر أو بسبب التقدم في العمر إضافة إلى هجرة الشباب إلى خارج سوريا لتأمين حياة آمنة وكريمة، الأمر الذي أجبرهن على الزواج.
تتحدث الفتاة ناهد محمد (17) عاما بغصة وقهر شديد سبب زواجها من المقاتل أبو سعيد الليبي عام 2015 فتقول “رحت زيارة أنا وأمي لعند أخي وهنيك أجبرني أخي على الزواج من صديقه” حيث تتحدث ناهد عن غموض زوجها وعدم معرفتها بأي تفصيل عن أهله أو نسبه، وعندما تسأله كان يتهرب من الإجابة لضروراتٍ أمنية، وكانت ناهد قد أنجبت طفلة مجهولة النسب قدمت بها إلى أهلها بعد وفاة زوجها أبو سعيد الليبي في أحد المعارك مع فصيله الذي يقاتل لصفّهِ، لتكون ناهد وطفلتها الضحية، جرّاء معاناتها من همومٍ عديدة وأعباء كبيرة بعد موت زوجها في ظل حياة اجتماعية واقتصادية متعبة.
تشرح ناهد بحزن يملأ عينيها البنيتين، كيفية هروبها إلى أهلها بعد وفاة زوجها ومحاولة إجبارها على الزواج بمقاتل آخر خاصة أن هناك الكثير من النساء قد أُجبرن على الزواج بعد وفاة أزواجهن، وتكرار حادثة وفاة الزوج الثاني فتقول” كانت بنتي سخنانة وتحججت انو بدها دكتور وبالعيادة هربت ورجعت ع أهلي”
وفي عودتها إلى بيت أهلها مكسورة الخاطر، واجهت ناهد صعوبات كثيرة، لتأمين حياة جيدة لها ولطفلتها لاسيما تدني الوضع المادي لأهلها وحالة الفقر التي يعانون منها.
وتضيف ناهد والدموع تتقاطر مسترسلة على وجهها الأبيض الرفيع “تركت مدرستي، وزواجي كلو خطأ، وبسببه اتدمّر مستقبلي مع طفلة ما بعرف نسبها”
موضحةً كمية القهر التي تنتابها بسبب وضع ابنتها التي ستحرم من العيش حياة طبيعية سواء في مجال التعليم أو العمل أو النسب المعروف، إلى غير ذلك من المآسي التي ستواجهها الطفلة مستقبلاً، إضافة إلى نظرة المجتمع الدونية ل ناهد كونها الامرأة الأرملة.. تصمت قليلاً ثم تقول: “رح حاول اشتغل واعتمد على نفسي مشان اقدر لبي حاجات بنتي أهم شي”.
ربما يُجبر الأهالي من قبل المقاتلين المهاجرين على تزويج بناتهم تحت التهديد فيضطر الأهل إلى الرضوخ لمطالبهم، ومثل هذه الزيجات تجبر الفتيات على الانتقال من مكان إلى أخر مع أزواجهن تبعاً للمعارك التي يشاركون بها، وقد تنقطع أخبار بعض هذه الفتيات وقد يترك البعض من الأزواج سوريا، ويعود إلى بلده تاركاً خلفه عائلته أو يحدث بينهما الطلاق مما يجعل الزوجة والأطفال في كل الحالات أمام مسؤوليات وهموم كثيرة في أوضاع مأساوية وظروف معيشية سيئة في ظل الحرب والتشرد.
هذه الحرب المريرة الشرسة التي يعيش جحيمها السوريون راح ضحيتها عدد كبير النساء، خاصة اللواتي تزوجن زيجات من مقاتلين مجهولي النسب الأمر الذي ينعكس سلباً على أطفالهن بسبب حرمانهم من حقوقهم في التعلم والهوية والنسب مما يجعل هؤلاء الأطفال أمام مستقبل مجهول.
قصة خبرية /خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع