يطرح البعض فكرة أن الأمة السورية هي الحل في سوريا للخروج من الأزمة السياسية والدستورية كونها البديل عن الأمة العربية والتي ينظر إليها الأقليات على انها” عنصرية إقصائية شوفينية ” .
خطورة هذا الطرح تكمن في خلط مفهوم الأمة مع مفهوم القومية، حيث أن مفهوم الأمة أسبق بالظهور من مفهوم القومية فالقومية مصطلح ظهر في بداية القرن التاسع عشر بينما مفهوم الأمة ظهر في عهد الإغريق واليونان، ولكلٍ منهما مدلولاته و تعريفه .
كما أن تركيز الأستاذ “التقي” على أن النخبة السياسية والبرجوازية وتحالفهما هو الكفيل بإنقاذ سورية من يد الرعاع يعتبر انحيازا شوفينياً على شعب قدّم كل ما يملك في ثورة الحرية والكرامة، بينما كانت البرجوازية السورية إما حليفة للنظام السوري في حربه ضد هذا الشعب، و إما مشغولة في إنقاذ معاملها وشركاتها ونقلها إلى مناطق أكثر أمانا حيث توزعت على مناطق الساحل و الدول المجاورة مكتفية بتنمية إيراداتها وزيادة إنتاجها والتفاتها عن ” الرعاع ” بعد أن حصل أصحابها على جنسيات تلك الدول .
صحيح مفهوم الأمة و التمييز بينه وبين مفهوم ” القومية ” يقوم على اعتبار أن الأمم التاريخية هي ” المجتمعات البشرية التي تتصف بهُوية جمعية ثقافية أو سياسية أو كلتيهما، والتي تتطلع إلى أن تصبح دُوَلًا ذات سيادةٍ أو منضمة إلى تلك الدول بالفعل وعليه فإن العرب في سورية هم جزء من الأمة العربية التي تمتد على امتداد جغرافية الوطن العربي من المحيط إلى الخليج و إن أي محاولة لخلط وضع العرب في سورية واعتبارهم ” قومية ” عرقية كباقي العرقيات هي تضليل للشعب وتلاعب في المفاهيم وابتداع غير محمود لأنه يكرِّس حالة العداء للعرب من بقية أطياف المجتمع ” والتي تذرعت بالخوف منهم ” للاصطفاف التام مع النظام وإذا لم يتم نزع هذه المخاوف الوهمية من نفوسهم الأمر الذي سيؤدي حتما إلى الصراع الصفري الذي يدفع اليه أصحاب المصالح الخارجية عبر أدواتهم الداخلية والإقليمية والدولية .
وعليه فإن توصيف القومية هو أنها ” مجرد ظاهرة سياسية تستمد أهميتها من درجة استغلالها لصالح الدول تستغل المجتمعات الثقافية والإقليمية التي لا تتمتع بشراكة سياسية أو طموح سياسي ، ودفعها للحصول على الحُكم الذاتي ظاهره يُركِّز على أهداف اجتماعية واقتصادية وثقافية وباطنه يتطلع إلى السيطرة على إقليم معين، والاستقلال به والسيادة عليه المطلقَين وهو ما يمكن تسميته ” تسييس العرقية ” , وعليه فإن قيام أي كنتونات طائفية أو عرقية أو مذهبية لن تستمر ولن يكتب لها البقاء لأن التحوّل والتبدّل ثم الفناء هو المصير الطبيعي للظواهر العابرة .
بقلم المحامي : عبد الناصر حوشان