زهيراحمد
37 عاما مضى وسلطة مشؤومة باسم ولاية الفقيه تحكم ايران ولم تجلب معها للشعب الايراني الا الغلاء والادمان والفقر والرذيلة وغيرها من المحن والكوارث. ظاهرة أطفال العمل تعكس جانبا من المأساة اليومية التي يعاني منها المواطنون الايرانيون. لهؤلاء الأطفال لا معنى لهم سواء أكانوا في شمال المدينة أم جنوبها. انهم وبدلا من دفء البيت، يستقبلون البرد في الشوارع ونظرات المارة لكي يحصلوا على لقمة عيش في ازدحام المدينة. منذ سنوات يجري الحديث في الأجواء المجازية عن الحنان والأسف بشأن أطفال العمل، اولئك الأطفال الذين يعبرون للمارة بنظراتهم البريئة وأحيانا بأصواتهم عن حقوقهم المغتصبة. ولكن في الأجواء الحقيقية فبعض منا نغلق زجاج السيارة بلاهوادة عندما نلتقي أطفال العمل ونغير وجهتنا لكي نتجاهل الحقائق ونريد أن نتخلص بسرعة من هذه الحقيقة المرة ونهدأ داخلنا بعدم رؤيتهم.
وفيما يلي تطالعون حقائق عنها ضمن حلقات:
الطفلة بائعة الحلويات
ربما بات مشاهدة أطفال بأعمار 4- 5 أعوام يبيعون الحلويات في تقاطع الطرقات أمرا عاديا ولكن مشاهدة طفلة لم يبلغ عمرها 4 أو 5 سنوات وهي تحمل رضيعا بعدة أشهر هي أمر مدهش. رأيتها بالضبط في وسط طريق «همت» السريع في ازدحام حركة سير العجلات ووجوه السواق العابسة. انها تحمل الرضيع وهي تبيع الحلويات. وعندما سألتها عن حالها وعن حال الرضيع أجابت بسرعة كشريط صوتي مسجل: عمي اشتر حلويات. اشتر حلويات… وكأن عالمها يختزل في تلك الحلويات وأن ثقل الرضيع على عمودها الفقري المنحني يعكس عالما من المعاناة..
حلم صبياني
انهما من الدخلاء يسكنان شارع شوش بطهران. ناصر وأبوه يأتيان للعمل الى شارع «مجاهدين اسلام» بالقرب من ساحة «شهداء». الوالد هو اسكافي متجول حط الرحال منذ أشهر في هذه المنطقة من المدينة. ناصر هو في الثامن من عمره مع عالم من الأحلام الصبيانية. الا أن عليه أن يبحث أحلامه الصبيانة بين الفقر وسكافة الوالد. أرى ناصر عصر كل يوم عند والده. أحيانا يساعد أباه ويلمع حذاء وأحيانا يجلس بالقرب من أبيه. وعندما أسأله عن الدراسة والمدرسة يقول: أذهب الى المدرسة وهو في الصف الثاني وعندما ينتهي الدرس يأتي الى هنا. ناصر وأبوه كلاهما يتكلم قليلا وراض. وعندما أسأله هل تحب المدرسة؟ يقول: أحب المدرسة ولكنني أحب أفلام الكارتون أيضا ولكننا لا نمتلك تلفازا. انه يلمع بأيديه المتجمدة من البرد الأحذية بدقة وهو فرحان. انه فرحان لأن حاله يختلف عن الأطفال الآخرين وأرى هذا في عيونه المترقرقة لأنه تمكن من أن يكون مساعدا لأبيه عسى أن يستطيعوا هذا الشهر أن يسددوا بدل ايجار غرفتهم التي مساحتها 12 متر مربع مبكرا ولكي لا تكون أمه وشقيقاته قلقات من التشرد. نعم فرحة ناصر ليست ناجمة عن الصباوة وانما عن رشده المبكر في سني الطفولة. انه ومثل كافة أطفال العمل، كبر وهو لم يجتز مرحلة الطفولة ومستقبله خاليا من ذكريات الطفولة الحلوة.