بيروت – وضعت نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية حزب القوات تحت الأضواء، حيث من المتوقع أن يتصدر المشهد السياسي خلال السنوات المقبلة بعد تراجع حزب الله وحلفائه.
يقول حزب القوات اللبنانية إنه في طريقه ليصبح أكبر كتلة في البرلمان اللبناني بعد انتخابات الأحد، وهو ما يمثل دفعة للجماعة المسيحية المتحالفة مع السعودية والمعارضة لجماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران.
وستعني هذه النتيجة تغلب حزب القوات اللبنانية على الحليف المسيحي الرئيسي لحزب الله، وهو التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس ميشال عون، باعتباره أكبر حزب مسيحي في البرلمان.
القوات اللبنانية ظلت خارج الحكومة بعد انتفاضة شعبية وترى أن مشاكل لبنان لا يمكن حلها إلا من خلال حكومة مستقلة
أسس بشير الجميل، وهو مسيحي ماروني، القوات اللبنانية عام 1976 عندما سقط لبنان في براثن الحرب الأهلية، وذلك من خلال توحيد مجموعة من الميليشيات المسيحية بما في ذلك الجناح المسلح لحزب عائلته “الكتائب”.
وقاتلت القوات اللبنانية العديد من الخصوم، لاسيما منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تسيطر على مساحات واسعة من لبنان في ذلك الوقت. وكانت القوات اللبنانية مدعومة من إسرائيل وكان من بين أعدائها الميليشيا الدرزية التي يقودها وليد جنبلاط.
واغتيل الجميل عام 1982 بعد شهر من انتخابه رئيسا إثر اجتياح إسرائيلي وصل إلى بيروت. وكان اغتياله بمثابة شرارة لمذبحة قام بها مسلحون مسيحيون ضد مدنيين فلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا.
وفي عام 1983 هزم المقاتلون الدروز القوات اللبنانية في جبال الشوف، مما دفع نحو 250 ألف مسيحي إلى الفرار من المنطقة في أكبر نزوح لطائفة منفردة في الحرب.
بعد ذلك، تولى سمير جعجع، الذي ارتقى في المناصب في عهد الجميل، قيادة القوات اللبنانية في عام 1986. وظلت القوات اللبنانية، تحت قيادته، أقوى ميليشيا مسيحية، وأدارت جيبا مسيحيا.
شهدت السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية حربا بين القوات اللبنانية وقائد الجيش آنذاك عون، الذي كان رئيسا لإحدى الحكومتين اللبنانيتين المتنافستين في ذلك الوقت، للسيطرة على المنطقة المسيحية. أدى هذا الصراع، المعروف باسم “حرب الإلغاء”، إلى تدمير مناطق مسيحية.
وافقت القوات اللبنانية على اتفاق السلام الذي أنهى الحرب الأهلية، وتنازلت عن السيطرة على أراضيها وأسلحتها للجيش في عام 1991. ولكن سرعان ما ظهر التوتر بينها وبين النظام الجديد الذي هيمنت عليه دمشق في بيروت، عندما أصبح واضحا أن الجيش السوري لن ينسحب على النحو المنصوص عليه في الاتفاق.
وفي 1994 اعتُقل جعجع وحوكم بتهمة تفجير كنيسة وارتكاب اغتيالات سياسية في الحرب. ونفى الاتهامات قائلا إنه كان هدفا لمحاكمة ذات دوافع سياسية. ولدى سؤاله عن القضايا التي رُفعت ضده وقتئذ، قال جعجع إن أجهزة الأمن السورية اللبنانية لفقتها.
وبُرئت ساحته من تفجير الكنيسة وأُدين بعمليات قتل سياسية. وأمضى 11 عاما في الحبس الانفرادي، وكان زعيم الميليشيا الوحيد الذي سُجن، بينما استفاد آخرون من عفو وتقلدوا مناصب وزارية.
وحظرت السلطات اللبنانية المدعومة من سوريا القوات اللبنانية في عام 1994، وسجنت العديد من نشطائها وصادرت أصولها.
وبدأت مرحلة جديدة عام 2005 عندما انسحب الجيش السوري من لبنان تحت ضغط دولي، عقب اغتيال رفيق الحريري. وأُطلق سراح جعجع من السجن.
وانضمت القوات اللبنانية إلى تحالف مناهض لسوريا، يضم خصوما بالحرب الأهلية، في مواجهة الفصائل الموالية لدمشق، ومنها حزب الله.
القوات اللبنانية قاتلت العديد من الخصوم، لاسيما منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تسيطر على مساحات واسعة من لبنان في ذلك الوقت
ومثل خصوم حزب الله الآخرين، تعتقد القوات اللبنانية أن ترسانة الجماعة تقوض الدولة، وتعتبرها عاملا رئيسيا يساهم في مشاكل لبنان الأخرى.
وتمسكت القوات اللبنانية بهذا الموقف، بينما نحّى بعض منتقدي حزب الله القضية جانبا، وقالوا إن مسألة أسلحة حزب الله لا يمكن أن تعالجها سوى قوى أجنبية. وبسبب موقفها الصارم، يُنظر إلى القوات اللبنانية على نطاق واسع على أنها الحليف اللبناني الرئيسي للسعودية.
وظلت القوات اللبنانية خارج الحكومة بعد انتفاضة شعبية ضد النخبة الطائفية في عام 2019، قائلة إن مشاكل لبنان لا يمكن حلها إلا من خلال حكومة مستقلة عن الفصائل السياسية.
واندلعت اشتباكات بين أنصار القوات اللبنانية من جهة، وحزب الله وحليفته الشيعية حركة أمل من جهة أخرى، في بيروت عام 2021. وقتل سبعة من أنصار الجماعتين الشيعيتين. واتهم حزب الله القوات اللبنانية بقتلهم.
ونفت القوات اللبنانية ذلك، وقالت إن أنصار الحزبين الشيعيين خربوا سيارات في حي مسيحي وأصابوا أربعة من سكانه، قبل إطلاق رصاصة واحدة.
المصدر: العرب اللندنية