خلال أكثر من عامين، تعهد عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب عدة مرات بالتصدي لمشكلة ارتفاع الأسعار التي باتت تؤرق المصريين وتنغص عليهم حياتهم، إلا أن الواقع يثبت كذبه وعدم وفائه بتعهداته.
وفي كل مرة تعهد فيها السيسي بتخفيض الأسعار، كان ما يحدث على الأرض مخالف تماما، حيث تشهد البلاد موجة من الغلاء يزيد من معاناة الفقراء ومحدودي الدخل الذين يتوجه لهم السيسي دائما بوعود معسولة لا ينفذ منها شيء.
نوفمبر 2015: “الأسعار ستنخفض في مصر كلها ”
بدأت وعود السيسي بالسيطرة على الأسعار في يوم 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، حينما أعلن – خلال كلمته بمناسبة إطلاق مشروعات تنموية بمدن القناة – أن أسعار السلع الأساسية ستنخفض في كل مصر خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2015، عن طريق نشر منافذ بيع ثابتة ومتحركة للسلع الغذائية تابعة للقوات المسلحة والحكومة.
وأضاف أن الدولة تدخلت بشدة في أزمة ارتفاع الأسعار، كما أن كثيرا من رجال الأعمال تجاوبوا مع المبادرة وخفضوا أسعار منتجاتهم، مشيرا إلى توزيع مليون ونصف مليون كرتونة مواد غذائية في المناطق الفقيرة بواسطة القوات المسلحة.
وعلى الرغم من ذلك، واصلت الأسعار صعودها متجاهلة تعهدات السيسي!
أبريل 2016: “هذا وعد”
وفي خطابه يوم 13 نيسان/أبريل 2016 الماضي، تعهد قائد الانقلاب بألا يؤدي تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار إلى مزيد من ارتفاع الأسعار، وأضاف قائلا: “أؤكد لكم أنه لن يكون هناك ارتفاع في أسعار السلع الأساسية.. هذا وعد”.
كما أعاد التعهد ذاته في خطابه بمناسبة عيد تحرير سيناء في يوم 24 نيسان/أبريل الماضي، حينما أعلن أن الحكومة والقوات المسلحة ستبذل الجهود للحفاظ علي الأسعار وعدم ارتفاعها حتى لو ارتفع سعر الدولار، وهو ما لم يتحقق.
وفي ذلك الوقت، كان سعر الدولار في السوق السوداء 9.5 جنيهات تقريبا، إلا أنه ارتفع إلى 11 جنيها لأول مرة، متسببا في موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار على عكس ما تعهد به السيسي.
سبتمبر 2016: “ملتزمون بتخفيض الأسعار”
وفي يوم الثلاثاء الماضي 27 أيلول/سبتمبر 2016 تعهد السيسي للمرة الثالثة بالقضاء على مشكلة ارتفاع الأسعار خلال أيام.
وقال خلال افتتاح مشروع سكني بمنطقة “غيط العنب” بالإسكندرية: “خلال شهرين على الأكثر، سيتم خفض سعر السلع بغض النظر عن سعر الدولار، عن طريق زيادة المعروض منها، وهذا التزام من الحكومة للشعب المصري!”.
وفي سياق متصل، دشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج جديد تحت اسم #الأسعار_في_زمن_السيسي تضمن مئات التعليقات الساخرة والغاضبة على ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات في مصر بشكل مضطرد منذ استولى السيسي على الحكم في انقلاب 3 يوليو 2013.
وقال نشطاء إن الأسعار في مصر أصبحت في متناول رجال الجيش والشرطة والقضاء فقط، أما المواطن الفقير فأصبح لا يجد قوت يومه بسبب الغلاء، بينما سخر آخرون من الغلاء قائلين إن الإنجاز الوحيد للسيسي هو قدرته على رفع أسعار بمعدلات غير مسبوقة في تاريخ البلاد، حتى أنه أصبح بطل العالم في رفع الأسعار.
وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه أحد المواطنين وقد خلع ملابسه وافترش الطريق أمام إحدى المصالح الحكومية بمدينة الإسكندرية الساحلية اعتراضا على قيمة المعاش (راتب التقاعد) الهزيل الذي يتقاضاه من الحكومة.
وردد الرجل عبارات غاضبة تتهم السيسي ونظامه بالكذب على الشعب مرارا حينما تعهد أكثر من مرة بمراعاة محدودي الدخل، إلا أنه في النهاية حصل على معاش شهري قيمته 23 جنيها (أقل من دولارين)، وهو مبلغ لا يكفي لشراء خبز فقط لأسرته، على حد قوله.
تصرفات مناقضة
ويقول مراقبون إن الوعود المتكررة التي يطلقها السيسي بتخفيض الأسعار يقابلها العديد من الإجراءات والقرارات الاقتصادية التي تؤدي إلى خلق موجات كبيرة من التضخم والغلاء.
ومن بين هذه القرارات رفع الجمارك في شباط/فبراير الماضي على السلع المستوردة من الخارج بنسب تتراوح بين 5 و10%، علما بأن 95% من السلع في مصر يتم استيرادها من الخارج، كما أن منتجي السلع المصرية يرفعون هم أيضا أسعار منتجاتهم بسبب الغلاء العام في البلاد وارتفاع تكاليف الإنتاج، حسب قولهم.
وفي نهاية آب/أغسطس الماضي، أصدرت وزارة الكهرباء قرارا بزيادة أسعار الكهرباء بنسب تصل إلى 30%، الأمر الذي تسبب في حالة من الغضب والسخط بين أوساط المصريين.
كما أصدر السيسي منذ أيام قليلة، قانون ضريبة القيمة المضافة، الذي تسبب في زيادة أسعار الكثير من السلع والخدمات بنسب كبيرة.
وخلال الأيام الماضية، تسبب تلميح الحكومة عن قرب تعويم الجنيه في رفع سعر الدولار إلى أكثر من 13 جنيها خلال التعاملات في السوق السوداء يوم الخميس، وهو ما انعكس سريعا على رفع الأسعار في البلاد.
عربي 21