عجز النظام على تأمين أدنى مقومات الحياة، لمؤيديه وسكان المناطق التي يسيطر عليها، ومع رواتبه القليلة الممنوحة لهم لا يستطيع المواطن السوري العيش، غضب شديد واستياء لا مثيل له أبداه المقيمون في أحضان النظام، في حلب، بعد توقد نار جديدة بدأت تلتهم ما حولهم، فلم يعد بالإمكان حتى الحصول على الغذاء.
“أبو رائد الحلبي” أحد سكان أحياء حلب الخاضعة لسيطرة النظام، خص المركز الصحفي السوري بالقول: “أعمل موظف في الدوائر الحكومية، وأتقاضى راتب شهري بقيمة 27 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 75 دولار تقريباً، وبعد الارتفاع الكبير في الاسعار لمختلف المواد، وأهمها الغذائية، لا يمكن الاعتياد على هذه الأسعار ولا يمكن لأي موظف تغطية نفقات البيت، وحتى شراء الغذاء لأفراد عائلته”.
شهدت أحياء حلب التابعة للنظام ارتفاع غير مسبوق بأسعار جميع المواد، ويعود ذلك لقيام تنظيم الدولة بالسيطرة على الطريق الوحيد الواصل إلى تلك الأحياء، بعد السيطرة على 19 حاجز للنظام على طريق “اثريا ـ خناصر” وعدم قدرة الأخير على استعادة السيطرة على الطريق، ومن شدة وتيرة القصف على الطريق أدى لإيقاف حركة العبور فيه.
يقول السيد رامز صاحب أحد الشاحنات التي تنقل المواد الغذائية والزراعية من مناطق الريف إلى أحياء حلب: “كنت أنقل هذه المواد يومياً إلى حلب، ولكن مع بدء المعارك والقصف الجوي من الطيران الروسي والسوري، لم أعد أستطع الذهاب، ما جعلني أترك العمل”.
يتابع “أبو رائد” فيقول: “وصل سعر كيلو البندورة إلى 700 ليرة سورية، وغير متوفر وفي بعض الأحياء أكثر من ذلك، بينما وصل سعر كيلو البطاطا إلى 200 ل.س، وأما اللبن فلم يعد متوفر، وقد وصل سعر كيلو السكر 500 ليرة سورية، وأما بالنسبة للأهم وهو الخبز، فمعظم الأفران توقفت عن العمل، لعدم توفر الوقود فقد وصل سعر لتر المازوت إلى 300 ل.س وسعر لتر البنزين إلى 500 ل.س، أما أسطوانة الغاز وصل سعرها إلى 12000 ألف ليرة سورية، وجميع المواد الغذائية المذكورة تعتبر الغذاء الرئيسي للسوريين، وبمقارنة مع الراتب الذي أتقاضاه، فهو لا يكفي لشراء 35 كيلوا بندورة تقريباً”.
مع غلاء الأسعار وقلة الرواتب التي يقدمها النظام لموظفيه والعاملين في مؤسساته المختلفة، يقع أولئك المواطنين في نار الغلاء إضافة إلى المعاناة المختلفة في ظل الحرب، وقد كان للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، في حلب وإدلب وحماه، أمر أفضل من المناطق المسيطر عليها، حيث يستطيع ذو الدخل المحدود تأمين حاجاته المختلفة بشكل أفضل مقارنة مع من يتقاضى نفس الدخل في مناطق النظام.
“أبو عبد الرزاق” يقطن في ريف إدلب الجنوبي يقول للمركز الصحفي السوري: “أعمل في الإعمار ويتراوح دخلي الشهري بين 25 و30 ألف ل.س، أعيش مع عائلتي حياة جيدة نوعاً ما، وأحمد الله فهذا الدخل يكفينا في الشهر، ولا اضطر إلى أن اقتراض المال أو مضاعفة ساعات العمل، وأغلب المواد الأساسية سعرها مناسب بشكل عام”.
وبعد سؤالنا لأبي عبد الرزاق عن أسعار المواد اليومية أجاب: “سعر ربطة الخبز 37 ليرة سورية، وكيلو البطاطا 100 ل.س، وأما سعر كيلو البندورة فوصل إلى 150، وكان أقل من ذلك، بينما سعر كيلو لبن البقر فوصل إلى 115 ل.س، أما سعر كيلو السكر 225 وسعر كيلو الخيار 150 ل.س”، والمازوت 120 ل.س المكرر نوع أول، بينما البنزين 180 ل.س مكرر نوع أول، وأما النظامي فوصل 400 ل.س، في حين سجل سعر أسطوانة الغاز 6000 ليرة سورية “.
وبمقارنة بسيطة في أسعار هذه المواد بين المناطق الخاضعة لسيطرة النظام والمناطق الخارجة عن سيطرته بالإضافة إلى مقارنة بين دخل المواطن في المنطقتين، لوجدنا أن الدخل متقارب إلى حد كبير، ولكن بالنسبة لأسعار المواد هناك فارق ملحوظ، ما أجبر العديد من الناس اللجوء إلى المناطق المحررة بحثاً عن حياة أفضل، بعد عجز النظام الواضح حيال تأمين المواد بسعر مناسب لدخل موظفيه.
السيد “ماهر” يتحدث لنا عن سبب تركه لحي الأشرفية في مدينة حلب في أول العام الجاري: “تركت وظيفتي في البلدية في حلب، وعدت إلى مسقط رأسي في مدينة كفرنبل في ريف إدلب، بعد عدم قدرتي على تأمين حتى الغذاء اليومي لعائلتي الصغيرة، وبعد وصلي إلى المدينة عملت في بيع المحروقات، فكان أفضل بكثير من وظيفتي عند النظام، فأقل ما يمكن أستطيع تأمين مصروف عائلتي وحاجاتها اليومية”.
لقد كانت المناطق المحررة بيت واسع يستقبل الفارين من مناطق سيطرة النظام بعد معاناتهم الكبيرة وعدم قدرة النظام على تدارك الأمور الأساسية والضرورية للسوري، ما جعل هؤلاء يتوجهون إلى المناطق المحررة رغم القصف المتواصل عليها من قبل النظام وحليفه الروسي.
أكد لنا أبو رائد بالقول: “أبحث عن مخرج من حلب لأعود إلى ريف إدلب الجنوبي، فهناك أحد الأقارب لي، وإن لم أجد أي مخرج سأنتظر أول فرصة لأخرج من أي طريق يصلني إلى هناك، فلم أعد أحتمل العيش هنا، والوضع يزود سوءً يوم بعد يوم، ونحن الضحية”.
يتسأل أحد المحليين ” من لم يتمكن من تأمين حاجات المواطنين في مناطق سيطرته كيف له أن يؤمنها في المناطق التي يحاول السيطرة عليها؟؟؟؟
المركز الصحفي السوري
إبراهيم الإسماعيل