دمشق (رويترز) – أدلى سوريون بأصواتهم في انتخابات برلمانية بمناطق خاضعة لسيطرة الحكومة يوم الأربعاء فيما قالوا إنه إظهار للتأييد للرئيس بشار الأسد بينما انتقدت المعارضة والقوى الغربية الانتخابات واعتبرتها “فاقدة للشرعية.”
ومضت الانتخابات قدما بمعزل عن عملية السلام التي تتوسط فيها الأمم المتحدة بهدف إنهاء الصراع الدائر في سوريا منذ خمس سنوات. وبدأت جولة جديدة من المباحثات في جنيف يوم الأربعاء لكن التصعيد في القتال ألقى بظلال سوداء على آمال ضئيلة أصلا لتغليب الدبلوماسية.
وقالت الحكومة إن الانتخابات عقدت التزاما بالدستور وهو الرأي نفسه الذي عبر عنه حلفاؤها في روسيا.
وقالت المعارضة التي تريد لجولة المباحثات الجديدة التركيز على الانتقال السياسي إن الانتخابات لا معنى لها بينما وصفتها بريطانيا وفرنسا بأنها “صورية.”
ويصوت السوريون لانتخاب 250 نائبا بالبرلمان الذي لا يملك سلطة حقيقية في النظام الرئاسي المطبق بسوريا. وسعت السلطات لحشد الناخبين بشعار “صوتك بيكمل صمودك.”
وقال هادي جمعة وهو ناخب عمره 19 عاما ولا يزال طالبا حيث أدلى بصوته في جامعته بدمشق “الأسد لا يزال قويا لكن هذه الانتخابات تظهر تأييد الناس له.”
واصطف العشرات للإدلاء بأصواتهم في أحد مراكز الاقتراع حيث علقت صورة للأسد على الحائط. وفي الخارج رقص البعض.
وأدلى الأسد بصوته في دمشق برفقة زوجته أسماء وابتسم وهو يتحدث للتلفزيون الرسمي قائلا “صحيح تمكن الإرهاب من تدمير الكثير من البنية التحتية وتمكن الإرهاب من سفك الدماء لكنه لم يتمكن من تحقيق الهدف الأساسي الذي وضع له وهو ضرب البنية الأساسية في سوريا البنية الاجتماعية الهوية الوطنية.”
وانتقد أسعد الزعبي رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات إلى جنيف الانتخابات وقال إنها فاقدة للشرعية وليست سوى مسرحية من أجل المماطلة.
وأودى الصراع بحياة أكثر من ربع مليون شخص وشرد الملايين وقسم سوريا لمناطق تخضع بعضها لسيطرة الحكومة والبعض الآخر لسيطرة أطياف من الفصائل المعارضة ومجموعات كردية ذات نفوذ وتنظيم الدولة الإسلامية. وتعتبر الحكومة كل من يقاتلها إرهابيا.
* مناشدات بالحفاظ على الهدنة
تسيطر حكومة دمشق على نحو ثلث مساحة سوريا بما في ذلك المدن الكبرى في الغرب وفيها سوريون لم يفروا من البلاد. وتقدر الأمم المتحدة عدد اللاجئين السوريين في الخارج بنحو 5.8 مليون شخص.
وينتخب البرلمان كل أربع سنوات وهذه هي ثاني انتخابات برلمانية تجريها سوريا في زمن الحرب. وأعيد انتخاب الأسد رئيسا للبلاد في انتخابات رئاسية عام 2014.
وقالت الحكومة إنها لن تشارك في مباحثات السلام إلا بعد الانتخابات. ويتوقع أن تبدأ مشاركة الحكومة اعتبارا من يوم الجمعة بينما التقى وفد المعارضة بالفعل مع مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا يوم الاربعاء.
وقال دي ميستورا إن مسؤولين بارزين في كل من موسكو ودمشق وطهران وعمان دعموا فكرة مناقشة الانتقال السياسي لكنه يريد أن يرى التزاما مرة أخرى تجاه الهدنة التي قال إنها شهدت أحداثا خطيرة لكنها لا تعتبر “حريقا كبيرا.”
وحث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جميع الأطراف على الالتزام بما تصفه الأمم المتحدة بأنه “اتفاق وقف الأعمال القتالية.”
وأبرمت الهدنة الجزئية في فبراير شباط الماضي ولا تشمل تنظيم الدولة الإسلامية ولا جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة وساعد في جمع أطراف القتال في جنيف.
لكن القتال في جنوب حلب ضغط بشدة على اتفاق الهدنة واستبعدت دمشق قبل الجولة الأولى من المباحثات الشهر الماضي أي مناقشة لوضع الأسد.
ويتهم كل طرف الآخر بانتهاك الهدنة. وقال رئيس وفد المعارضة إن الحكومة أسقطت 420 برميلا متفجرا الشهر الماضي وحده. وتنفي الحكومة استخدام مثل هذه الأسلحة.
وقالت دول أجنبية تناصب الأسد العداء إن الانتخابات لا تتفق مع قرار لمجلس الأمن يدعو لإجراء انتخابات في نهاية مرحلة انتقالية بعد 18 شهرا. وقال حلفاء الأسد وعلى رأسهم روسيا إن الانتخابات متوافقة مع الدستور.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية “قرار النظام بعقد انتخابات يمثل دليلا لانفصاله عن الواقع. لا يمكهم شراء الشرعية بإجراء مشهد صوري من الديمقراطية.”
وقالت فرنسا إن الانتخابات “صورية” يجريها “نظام قمعي.”
لكن روسيا تقول إن الانتخابات ضرورية لتجنب أي فراغ في السلطة.
وقال وزير خارجيتها سيرجي لافروف في مؤتمر صحفي “هناك تفاهم بالفعل بخصوص صدور دستور جديد كنتيجة لهذه العملية السياسية تجري على أساسه انتخابات مبكرة.”
وتابع “لكن قبل أن يحدث يذلك يجب أن نتفادى أي فراغ تشريعي… هذه الانتخابات التي تجري اليوم تهدف للقيام بهذا الدور وهو عدم السماح بحدوث فراغ تشريعي.”
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن الانتخابات أظهرت أن الشعب السوري هو من يقرر مصيره.
ورفض سوريون يقيمون في مناطق تسيطر عليها المعارضة هذه الانتخابات.
وقال يوسف الدوماني متحدثا من الغوطة الشرقية قرب دمشق وهي منطقة تسيطر عليها المعارضة “تعودنا أن يتم إجبارنا على الإدلاء بأصواتنا في انتخابات صورية. الآن لم نعد مضطرين لذلك.”
وقالت شيرين السرماني التي فرت إلى دمشق من مدينة دير الزور التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية قبل أربعة أشهر إن الانتخابات في صالح سوريا.
وأضافت “نتمنى أن توحد الانتخابات الشعب مرة أخرى. نؤيد الأسد وهذه الانتخابات دفعة قوية له.”