انتهى لقاء الأستانة بعد صخب إعلامي و(تطبيل وتزمير) سبقه ورافقه على مدى يومين، خرج للعلن ما تم الاتفاق عليه من الروس والأتراك الذين خطّوا خطوطه العريضة، ودفعوا الطرفين للحضور، انتهى اللقاء بعنوان عريض الغموض والتعقيد أهم ما نتج عنه، وما زاد التعقيد وحيرة المراقبين غياب الولايات المتحدة والرياض وبعض الدول الأوربية، وهي أطراف فاعلة في الملف السوري، ومما ينبئ عن ضحالة النتائج صعوبة تشكيل أرضية واضحة لإنهاء شلال الدم الدافق منذ خمس سنوات.
وصف البعض لقاء الأستانة باللقاء الترفيهي، وهو لقاء لإعادة توزيع أحجار الدومينو على رقعة الشطرنج، والواقع أن اللقاء لم يزد عن السابق جنيف 1، وجنيف2، وجنيف3 على الوضع السوري سوى التعقيد وزيادة التشابك في المصالح، فالثمرات من هذا الاجتماع رغم ما سبقه من تطبيل كثير، تتلخص في الشقاق الذي حصل بين الروس والإيرانيين، الذي ظهرت بوادره قبل بدء اللقاء من خلال التصريحات المتناقضة للطرفين. والثمرة الثانية إمكانية لقاء المتخاصمين على طاولة واحدة وإدراك الطرفين بأنهما أحجار تحركها الأطراف الدولية ليس أكثر.
أما الخطاب العدائي الذي اعتاد الجعفري، ممثل النظام السوري، على إطلاقه الذي كرره في الأستانة فما هو إلا خطاب فاسد يدغدغ فيه مشاعر مؤيدي النظام، لكن في الواقع كان الجعفري صاغرا مؤتمرا بأوامر الروس التي أعدت مسبقا.
ومشروع الدستور الذي أعده الروس ما هو إلا تجريد نهائي للقرار الوطني الذي يتغنى به النظام، وتثبيت للاحتلال الروسي لسوريا وهذا يعيدنا في الذاكرة إلى العراق، فما يحدث اليوم جرى في العراق تماما بعد عام 2003 فأمريكيو العراق بالأمس هم روس سوريا اليوم.
يدرك الروس بأنهم قوات احتلال فلا فرق بينهم وبين باقي الميليشيات الطائفية التي تقاتل إلى جانب الأسد، لذلك يعملون لضمان نفوذ كبير لهم في مستقبل دمشق، فأظهروا الوجه السياسي لهم في الأستانة؛ في مسعىً منهم للسيطرة على الأطراف المتصارعة، وأن يكونوا مفتاح الحل في سوريا التي يعتبرونها نافذتهم للعالم ولاستعادة مجد غابر، فهم يعتبرون دمشق أهم من شبه جزيرة القرم؛ فالقرم لهم وهي أرض روسية بحسب اعتقادهم، أما سورية فهي المفتاح لتستعيد دورا تكاد تفقده في ظل تعاظم الدور الأمريكي في العالم.
مجلة الحدث- أكرم الأحمد