أعلنت كبرى شبكات التواصل الإجتماعي _ فيس بوك _ يوتيوب _ تويتر _مايكروسوفت _ منذ سنوات عن تشكيل مجموعة عمل عالمية لتوحيد جهودها من أجل التصدي لظاهرة المحتوى المتطرف، ورفعت درجة التأهب القصوى في وجه المحتويات المتطرفة التي استغلها المتطرفون بحرفية عالية للترويج لأعمالهم التخريبية منها تجنيد الشباب والفتيات، والدعوة للحض على رفض الآخر لدرجة تصل للقتل ،بمهارات وتدريب عال برز جليا لدى أعضاء شبكاتهم التخريبية على منصات التواصل الإجتماعي الكثيرة ،مستفيدين بداية من تجاهل أو تقاعس أصحاب هذه الشركات عن التصدي لهم منذ البداية .
بعد استفحال خطر هذه المجموعات قامت الولايات المتحدة الأميركية، وحكومات أوروبية بدعوة شركات التكنولوجيا لتأسيس تجمع متخصص لمواجهة المحتوى المتطرف وحذفه ,وتحسين جودة الرصد الآلي، وكانت مجموعة الدول السبع قد طالبت شركات النت ومواقع التواصل بشن حملات متتالية ضد المحتوى المتطرف لمنعه أو حذفه تلقائيا، وتمت الدعوة لتأسيس منتدى الإنترنت العالمي ووضع هيكلية حازمة لمحاربة خطاب الكراهية وأعمال العنف.. تضم إضافة للشركات العملاقة شركات تكنولوجيا أصغر ومنظمات المجتمع المدني وأكاديميين وحكومات ومؤسسات دولية كالإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للحد من تفاقم ظاهرة التطرف والتطرف العنيف.
لكن كيف بوجود ملياري مستخدم ؟
واجهت شركة فيس بوك وحدها مشكلة كبيرة بوجود أكثر من ملياري مستخدم يقومون ببث مليارات من المنشورات عند كل ساعة على مدار الكرة الأرضية مع 4500 موظف فقط ..ومن خلال التعاون المشترك بين المنصات ظهر مايسمى بقاعدة بيانات مشتركة في حال وضع أحد المستخدمين محتوى متطرف يتم إبلاغ باقي المنصات الكبرى عنه ليصار إلى إغلاقه وحذفه، وطبعا مازال التحدي قائم لتعزيز تقنيات الذكاء الإصطناعي والمشاركة بالمعلومات ليتمكنوا من العمل بشكل أفضل بعيدا عن المنافسة لصالح قضية كبرى وخطيرة وهي التطرف بكل أنواعه مسمياته وأشكاله.
إلى الآن ..هذه أخبار جيدة في المواجهة الشرسة بين التطرف والاعتدال الذي نكافح جميعا للحد منه ولاحقا للقضاء عليه. ولأن عالم التكنولوجيا يتطور ويسابق الزمن وتحتاجه الدول خدمة لحماية مجتمعاتها ونحن للأسف لسنا منهم اليكم ماذا فعلت شركة فيس بوك ؟؟
خاصية جديدة لمنع التطرف ليست لنا ..
خاصية جديدة أطلقتها شركة فيسبوك بشكل تجريبي في الولايات المتحدة الأميركية منذ شهر تقربيا بعد اتهام وجهته جمعيات ومراكز أبحاث ولوبيات ضغط إجتماعية لفيسبوك بداية هذا العام بأن الشركة لاتتسامح فقط مع العنصريين البيض ضد أصحاب البشرة السمراء، ولكنها تحرض عليه، وقالت دراسة إن 60 بالمية من الناس في الغرب انضموا لهذا المحتوى المتطرف العنصري بناء على ترشيحات فيسبوك ,وبالتالي قامت الشركة بناء على الضغط الكبير عليها و بخطوة لإرضاء الغرب بإطلاق هذه الخاصية التي تعمل بطريقتين ..الأولى تسأل المستخدم بشكل مباشر ما إذا كان تعرض لمحتوى متطرف أو تفاعل معه أو يعرف شخصا تفاعل أو تعرض لهذا المحتوى، والطريقة الثانية إذا شاهد الفيسبوك عند بحث المستخدم عن محتوى متطرف يحول المحتوى الى منظمات تعمل مع فيسبوك لمكافحة هذا المحتوى، وطبعا هذه الميزة ليست متوفرة بمنطقتنا ولم نعامل بالمساواة بهذه الميزة رغم حاجتنا الكبيرة لها وللتأثير الأكبر علينا من قبل الجماعات المتطرفة، والتي تشكل تهديدا وجوديا وفكريا على منطقتنا.
أضف لذلك إذا بحث شخص باللغة الإنكليزية عن كلمة إنتحار مثلا يحوّل فورا إلى خط المساعدة أو لأقرب جمعية تكافح الإنتحار وتقدم له الدعم وهذا عمل جيد، ولكن اذا بحث شخص باللغة العربية عن كلمة انتحار سيجد الطرق الأفضل والأسهل لإنهاء حياته للأسف ؟؟؟
كيف نصنع مكابحنا لمنع التطرف؟؟؟
كل ماسبق قراءته يدعونا للبحث عن عوامل قوة خاصة بنا في عالمنا العربي والإقليمي ,وعدم انتظار أطواق نجاة يرميها لنا خبراء الصناعة التكنولوجية، للتصدي لجحافل دعاة الظلامية وحماية شبابنا وفتياتنا ..نساءنا ورجالنا ..أطفالنا ومراهقينا من الوقوع في أنفاق الكراهية والتطرف ونحن الضحايا الأقرب لصنّاع الموت، الذين استغلوا ومازالوا حالة الحرب والفوضى والإنكسار والإحباط التي نعيشها كلاجئين ومقيمين في بلادنا …جميعنا بحاجة ماسة للمساعدة والدعوة لخبراء وما أكثرهم لإطلاق منصات لوضع معايير خاصة بنا لمنع مفاهيم التطرف من الوصول لعقولنا. خبراء تكنولوجيا مدركين لخصوصيتنا الإجتماعية والثقافية، وبناء فضاء يتماهى مع المجتمع الدولي في حربه ضد العنف والتطرف ,مستفيدين من تجربة فيسبوك الرائدة في مساعدة الأفراد المعرضين للإبتزاز والضغط باتجاه دفعهم لمصير معتم …نحن بحاجة لخط وخطوط مساعدة تقدم لنا من خلالها جمعيات ومنظمات يتم إنشاءها بالتعاون مع المبرمجين موصولين بالمؤسسات الحكومية وغير الحكومة ومراكز الدعم والإستشارات النفسية ومؤسسات دينية نابذة للكراهية والعنف وما أكثرهم أيضاً.
نحن بحاجة لمكابح فضاء إلكتروني من صنع أيدينا تمنع وتوقف التطرف الذي لم تصنعه أيدينا …
هند بوظو – تجمع سيدات حياة