تحولت مراسم دفن الشهداء الذين يسقطون يومياً بصواريخ وبراميل قوات النظام، إلى طقوس احتفالية تروي وتجدّد حكاية الشهادة، حتى باتت مشاهد الموت في سوريا اعتيادية، ويمكن أن تحدث في أية لحظة، ولعل الموت فجائي وأقصر من أي تسجيل مصوّر يُبثّ على “يوتيوب”.
22 يوليو\ تموز هو من أشد الأيام قساوة على مدينة ادلب, التي طالتها يد الغدر بهجمة استباقية, راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، طائرات لم تفرق بين كبير وصغير, بين شاب أو مسن، نعم إنها مأساة بكل ماتعنيه الكلمة, حرائق شبت بكل مكان، وصوت صافرات الإنذار باتت قصة مروعة لدى السوريين ملأت الأرجاء .
مشافي ادلب لم تعد قادرة على استيعاب المزيد, طفل هنا ع الأرض ورجل هناك بوجه مغطى, أمهات تصرخ وأطفال تبكي، كل الصور التي نشرت لم تكن قادرة على وصف قساوتها .
أيام لاتنسى، كل بيت في مدينة ادلب يروى اليوم قصة موت أو دمار أو حريق, كل الشوارع مازالت تشرب من دماء الأبرياء, أطفال كانوا يلعبون بكل أمان أمام منازلهم, لم يعلموا أن صاروخ الموت سيكون الأسبق لهم، فرحين باجتماعهم أمام البيت واللعب, صباح البالغة من العمر “9 أعوام “كل ذنبها أنها ألحت ع أمها لتدعها تلعب مع أصدقائها في الحي, لم تعلم الأم أن ابنتها ستتحول إلى أشلاء.
“بعدلي هيك بعد شوية قرب يا أمي قرب كشفلي عن وجهها شايفين يا أمي هي أختكن صبوحة هي الغالية شوفو كيف بشار قتلها الله ينتقم من كل ظالم “، هذه كانت كلمات أم صباح أو كما سمتها والدتها “صبوحة “، حينما علمت أن صاروخ الموت حول طفلتها لأشلاء, كلمات صدحت العالم بأسره لشدة هول المناظر.
لم يكن ذنب صباح لا هي ولا غيرها من الأطفال سوا أنهم أرادوا أن يلعبوا, هذا حال أطفال سوريا، “صباح “ما هي إلا مثال صغير يعكس أنين الأطفال, ابتسامتهم البريئة التي قتلتها يد الطغاة, مازال صوت هذه الأم يحفر بقلب كل من رآها هي وأطفالها ساعة وداع أختهم .
“الله ياخد حق هل طفلة منك هي وأطفال هل عالم, وين الإسلام وين الأمة العربية ما عم تشوفنا, ولا الكل مبسوط وعاجبوا وضعنا الله لا يسامحكن نحن مظلومين, لا تفكر يا بشار قادر تكسر من عزيمتنا بطيرانك ضروب قد ما بدك هي أرض الشام الله حاميها “، هذا ما قالته أم صباح وهي تضم طفلتها إلى صدرها, كلمات عكست كل أوجه الألم والمعاناة .
أثبت الشعب السوري في هذه المحن خلال هذه الأيام، بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب والتآمر العالمي على ثورته، أن ما يجري في سوريا “ثورة شعب، ثورة الحرية والكرامة”، وليست حربا أهلية أو طائفية أو مذهبية كما يدعي النظام.
المركز الصحفي السوري – رشا مرهف