لم تهدأ الاضطرابات في أرجاء الولايات المتحدة على خلفية مقتل المواطن جورج فلويد على يد الشرطة، وذلك على الرغم من حظر التجول في عشرات المدن. وفي تلك الأثناء، هدد الرئيس دونالد ترامب بنشر الجيش، وندد بما سماه “إرهابا محليا”.
واستمرت الاحتجاجات على مقتل فلويد لليلة السابعة على التوالي، وبينما تظاهر المحتجون سلميا في بعض المدن اندلع العنف والاضطرابات في نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو، كما وردت أنباء عن إطلاق نار على رجال الشرطة في لاس فيغاس وسانت لويس.
وبينما كان الرئيس دونالد ترامب يوجه أول كلمة للأميركيين منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية ويؤكد دعمه المتظاهرين السلميين كانت شرطة العاصمة واشنطن تفرق بالقوة احتجاجا سلميا قرب البيت الأبيض.
وقال ترامب -في الخطاب الذي ألقاه من البيت الأبيض مساء أمس الاثنين بالتوقيت المحلي- إنه سيتخذ خطوات فورية لوقف العنف، وإنه بصدد حشد الموارد العسكرية والمدنية المتاحة لذلك.
التهديد بنشر الجيش
وهدد ترامب بنشر الجيش إذا رفض حكام الولايات استدعاء الحرس الوطني، قائلا “يتعين على رؤساء البلديات وحكام الولايات فرض وجود كبير لقوات إنفاذ القانون إلى أن يتم إخماد العنف”.
وأضاف “إذا رفضت مدينة أو ولاية اتخاذ التحركات الضرورية للدفاع عن أرواح سكانها وممتلكاتهم فسأنشر الجيش الأميركي وأحل مشكلتهم سريعا”.
وتعهد ترامب بمواصلة نشر آلاف من الجنود المدججين بالسلاح وعناصر الشرطة في واشنطن لوقف أعمال العنف والنهب وتدمير الممتلكات، والتي قال إنها ليست احتجاجات سلمية وإنما “إرهاب محلي”.
وعقب خطابه، خرج ترامب من البيت الأبيض وسار في منطقة أخليت من أجله إلى كنيسة تاريخية مجاورة، حيث رفع إنجيلا أمام عدسات الإعلام، وكان إلى جانبه ابنته إيفانكا ووزير العدل وليام بار، وكان حريق محدود قد اندلع في الكنيسة خلال الاحتجاجات مساء الاثنين.
الديمقراطيون يهاجمون الرئيس
وانتقد قادة الحزب الديمقراطي وشخصيات عامة خطوة ترامب، إذ قال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر عبر موقع تويتر إن ترامب أمر بإطلاق قنابل الغاز على المحتجين السلميين ليتسنى له التقاط صورة والظهور كرجل قوي.
وأصدر شومر بيانا مشتركا مع رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي قالا فيه إن الأمة الأميركية في حاجة إلى زعامة حقيقية في هذه الظروف الدقيقة، واتهما ترامب بمواصلة “تعميق الفرقة والانقسام والكراهية والعنف، في خطوة تتسم بالجبن والضعف والخطورة”.
من جهته، قال المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن إن الرئيس ترامب يستخدم الجيش الأميركي ضد الشعب الأميركي.
واتهمه باستخدام الغاز المدمع والرصاص المطاطي ضد محتجين سلميين من أجل التقاط صورة.
وكان كبير أساقفة الكنيسة مايكل كاري ممن انتقدوا استخدام ترامب تلك الكنيسة التاريخية لالتقاط الصور، وكتب على موقع تويتر “لقد استخدم مبنى كنسيا والإنجيل المقدس لأغراض سياسية حزبية”.
الحظر بواشنطن ونيويورك
ومع حلول الليل فرضت السلطات حظر التجول في واشنطن ونيويورك، إلى جانب حوالي 40 مدينة أميركية اتخذت فيها تلك الإجراءات لاحتواء الاضطرابات التي اندلعت بعد مقتل فلويد.
وكان من بين قوات الأمن التي تحركت ضد المحتجين عند البيت الأبيض الشرطة العسكرية التابعة للحرس الوطني وأفراد من جهاز الخدمة السرية المكلف بحماية الرئيس وقوات من وزارة الأمن الداخلي، بالإضافة إلى شرطة العاصمة.
وقال البيت الأبيض إنه كان يخلي المنطقة قبيل دخول حظر التجول حيز التنفيذ.
من جهة أخرى، قال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع (البنتاغون) للجزيرة إنه جرى استدعاء مئات عناصر الحرس الوطني من خمس ولايات إلى العاصمة التي تتأهب في محيطها قوات مسلحة نظامية على سبيل الاحتياط.
وفي تصريحات لافتة خلال تفقده عناصر الحرس الوطني في واشنطن بعيد كلمة ترامب، أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة في القوات الأميركية الجنرال مارك ميلي على حماية حرية التعبير.
وقال “رسالتنا هي السماح بحرية التظاهر والتعبير، وهذا أمر مقبول بالكامل، ونحن ندعم ذلك، وأقسمنا على الولاء لدستور الولايات المتحدة وحماية حقوق الجميع، وهذا ما نقوم به، ولدينا الحرس الوطني هنا، وأنا أقوم بتفقده”.
إطلاق نار على الشرطة
من ناحية أخرى، أفادت وسائل إعلام محلية بأن شرطيا فارق الحياة بعد إصابته بطلق ناري في رأسه قرب مقر المحكمة الفدرالية في مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا، دون أن تتضح ملابسات الحادث.
وفي ولاية ميزوري، قالت شرطة مدينة سانت لويس إن أربعة من رجال الشرطة أصيبوا بطلقات نارية خلال احتجاجات شهدتها المدينة.
وأضافت الشرطة أنه تم نقلهم إلى المستشفى لكن إصاباتهم ليست خطيرة.
وتأتي إجراءات حظر التجول والانتشار الأمني بمستويات لم تشهدها الولايات المتحدة منذ أعمال الشغب التي أعقبت اغتيال مارتن لوثر كينغ عام 1968، وانتشر الحرس الوطني في 23 ولاية وبالعاصمة واشنطن.
واندلعت الاحتجاجات عقب انتشار مقاطع فيديو لمقتل جورج فلويد (46 عاما) عندما جثم شرطي بركبته على عنقه أثناء اعتقاله في 25 مايو/أيار الماضي بمدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا.
تشريح جثة فلويد
وخلص تشريح ثان لجثة فلويد أجري بناء على طلب أسرته ونشر أمس الاثنين إلى أن وفاته ناجمة عن جريمة قتل، وهو ما يؤكد فحوى تقرير التشريح الأول الذي أجرته سلطات مقاطعة هينيبين بولاية مينيسوتا.
وقال التقرير الجديد إن ثلاثة من رجال الشرطة مسؤولون عن مقتل فلويد.
وطالبت عائلة فلويد ومحاميه بتطبيق عقوبة القتل من الدرجة الأولى على ضابط الشرطة ديريك شوفين الذي جثم بركبته على رقبة فلويد، وإلقاء القبض على الضابطين الآخرين – اللذين ظهرا في التسجيلات وهما يجثوان على ظهر فلويد- بتهمة المشاركة في القتل.
وألقت السلطات القبض على ديريك شوفين قبل أيام بتهمة ارتكاب جريمة قتل من الدرجة الثالثة والقتل غير العمد من الدرجة الثانية، ولم توجه اتهامات للضباط الآخرين الذين شاركوا في اعتقال فلويد.
نقلا عن الجزيرة